رجال تحت الثلج- سما حسن
قررت رانيا ان تسخر من اعمامها الثلاثة الذين يقطنون في بناية واحدة, وكل واحد منهم لم يكن راضيا بنصيبه فقد تزوج زواجا تقليديا وحين زاد عدد الاولاد وكثرت الاعباء تلفت كل واحد حوله فوجد انه يريد امرأة شابة جميلة رقيقة انيقة وهذا على عكس المتوفر حاليا في البيت، فكل امرأة قررت ان تسابق الاخرى في انجاب اكبر عدد من الاولاد لكي تربط الزوج ولا يفلت ولكي تثبت وجودها في العائلة الكبيرة الممتدة والتي تعيش في حي واحد بل في عدة بنايات متلاصقة كما يحدث في معظم احياء غزة.
رانيا جاءت من مدينتها الجنوبية لزيارة اهلها وصادفها المنخفض الجوي الاخير فاحتجزت في بيت العائلة مع هاتفها النقال الذي لا يعرف رقمه الجديد احد ولديها مكالمات مجانية لمدة ثلاثين دقيقة كعرض من شركة الاتصالات، وهكذا قررت ان تتسلى وان تربي اعمامها الذين لا يزالون يصرون على " البصبصة وملاحقة الجميلات".
رانيا قامت بعمل واحد مع الاعمام الثلاثة وحصلت على نتيجة واحدة فقد اتصلت بكل واحد على حدة على رقمه وفي كل مرة تكون واثقة ان زوجة كل واحد ملاصقة له بسبب البرد والمطر وتعذر الخروج ما لم تكن كل العائلة تضع اذنها بجوار هاتف الاب المتوقع ان يفلت في اي لحظة بسبب نزوة هاتفية عابرة.
جاء صوتها ناعما رقيقا لعمها الاول وهي تتغزل به وتخبره انها قد وقعت في هواه وتريد الزواج به حتى لو كان لديه عشرة ابناء، وهي تعرف انه لا يطيق زوجته التي اصبحت فيلا بسبب كثرة الانجاب، وهنا كان رد العم في كل مرة: انتي من وين طلعتي لي, انا بحب مرتي, ومبسوط معها، بعرض الله ابعدي عني، وهكذا ادعى كل واحد المثالية والاخلاص امام الزوجة التي لم تصدق والنتيجة انه خلال ثلاثين دقيقة اصبح الاعمام الثلاثة مطرودين في الخارج تحت البرد والمطر ودون معاطف.
تقول رانيا ضاحكة: تجمعوا امام البناية يرتعدون بردا وكل واحد ينظر للآخر وكل واحد يحمل هاتفه ويحاول الاتصال بصاحبة المقلب والتوسل لها لكي تصحح الخطأ او الاعتذار لأنها " خربت بيته" والاهم انه يرتعد بردا وقد ترك " كانون النار" داخل البيت.
رانيا المشهورة بمقالبها اتصلت بزوجات اعمامها واخبرتهن بمقلبها وطلبت من كل واحدة ان تعيد رجلها الى البيت وكل واحدة اعادت زوجها سريعا الى البيت ولكن بعد انتهاء المنخفض قررت كل واحدة ان تنقص وزنها وتصبغ شعرها واقترحن على رانيا الجميلة الانيقة الرشيقة ان تتعهد بمساعدتهن في ذلك لأن "مش كل مرة تسلم الجرة".
اما الاعمام الثلاثة الذين تظاهروا بالبراءة فقد اعترفوا لرانيا العزيزة والتي يتحمل الجميع مقالبها لخفة ظلها ويطلقون عليها اسم" نعيمة عاكف الغزاوية" فقد اعترفوا انهم تمنوا لو كان الامر جدا لا هزلا.