امطار ظ    60 عاما على انطلاقة الثورة الفلسطينية وحركة "فتح"    الاحتلال يهدم منشأة تجارية ومنزلين ويجرف اشجار زيتون في حزما وبيت حنينا    "التربية": 12,820 طالبا استُشهدوا و20,702 أصيبوا منذ بداية العدوان    الاحتلال يجبر الجرحى والمرضى على إخلاء المستشفى الاندونيسي شمال قطاع غزة    إصابة 3 مواطنين واعتقال رابع إثر اقتحام قوات الاحتلال مدينة نابلس ومخيم بلاطة    الأمم المتحدة تطلب رأي "العدل الدولية" في التزامات إسرائيل في فلسطين    عدوان اسرائيلي على مخيم طولكرم: شهيد وتدمير كبير في البنية التحتية وممتلكات المواطنين    الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة  

الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة

الآن

آخر ما قاله سلمان ناطور لـ "وفا"...

يامن نوباني

المسافة بين رام الله وحيفا ساعتين بحسب الجغرافيا، و68 عاما بحسب سياسة الاحتلال والتهجير، كان يود الأديب والمسرحي سلمان ناطور أن نلتقي به شخصيًا لكن ذلك لم يحدث، ولم تجد "وفا" غير الاتصال الهاتفي لنبش ذاكرته، الطويلة والنادرة في تاريخ الصراع مع الاحتلال حول الذاكرة والمكان والحق، والمليئة بقصص الأرض والانسان والهوية.

قبل وفاته بشهرين أعدت "وفا" حوارًا مبدئًيا مع ناطور، المولود في دالية الكرمل في حيفا عام 1949،  ضمن سلسلة "ضيف وفا"، على أمل استكمال الحوار بعد عودته من باريس في نهاية كانون الأول الماضي، بعد ندوة وأمسية في رحلة الصحراء، وحين عاد شُغل بندوة: ذاهبون الى المستقبل، في كفر ياسيف، ومؤتمر اللغة العربية واليهود الشرقيون في جامعة تل أبيب، وورشة ابداع في فسوطة بالجليل، ثم يوم التضامن العالمي مع فلسطيني الداخل، ثم أمسية تكريمية في نحف مع الشاعر حنا ابراهيم، وآخر محطاته جامعة بيت لحم ندوة "فرانسوا ابو سالم".

قال سلمان ناطور لـ"وفا": أنا اليوم 66 عامًا، وقادر على تعلم أشياء جديدة بطريقة احترافية، كالمسرح، والتدرب المكثف على التمثيل، لأقوم بتأدية أدوار شخوص نصوصي، لا أحد بإمكانه تأدية تلك الأدوار سواي، لأنني من ألفها كلمات ومواقف ومراحل.

 لم يثنه تقدمه في العمر من التدرب لساعات طويلة في اليوم مع رفيقه أديب جهشان، الذي تولى إخراج مسرحية "رحلة الصحراء الأولى، حدثتني الذاكرة ومضت"، وكتب عن ذلك: ألتقي واديب جهشان منذ أكثر من أربعين عاما. حيفاوي من وادي النسناس في طفولته ويافاوي من شارع النزهة في بلوغه وعندما حضر لأول مرة أمام ناظريّ على خشبة المسرح اوقد بي حبا لا يوصف لهذا الفن العظيم. هو من اهم مؤسسي المسرح الفلسطيني بعد النكبة، هو اعاد له الحياة في الناصرة وحيفا ويافا وسخنين والرملة وعندما قدمت له "ذاكرة" ممسرحة قال بحزم: لن يقدمها أحد غيرك! حقق لي حلما كنت أتصوره مستحيلا بسبب رهبة المسرح. وها نحن سوية في مشروع لن يتوقف عند رحلة الصحراء الأولى بل ستأتي الرحلة الثانية وتأتي الثالثة وما دمنا قادرين على العطاء فسنواصل هذه الرحلة.

ثم دخل الحوار مع ناطور في جزئية المثقف الفلسطيني في سنوات الستينيات وحتى التسعينيات، فقال: كانت الثقافة تخضع للرقابة، وتتم ملاحقة الكلمة المقاومة، فقد حذفت أسماء قصائد من ديوان "دخان البراكين" لسميح القاسم، وتعرضت مجلة الجديد وجريدة الاتحاد، حتى الأمسيات الادبية والحداء للتضييق في ذلك الوقت، حين كانت تشيد بجمال عبد الناصر، وفي تلك المرحلة تغيرت أساليب التعامل مع الحركة الثقافية العربية، فكانت المواد الصحفية والكتابات الأدبية تخضع للرقابة العسكرية، وكانتا الاتحاد والجديد تمران على الرقيب العسكري، الذي لم يكن يسمح بإبقاء كلمة "وطن"، فيما بعد ألغيت الرقابة على النصوص الأدبية والقصة القصيرة لكنها ظلت حاضرة في التقارير الصحفية. ورغم قمع الحاكم العسكري، إلا أنه كان هناك تواجدا وبصمة للحركة الثقافية الفلسطينية في الداخل، وحين أستبدل الحكم العسكري بالحكم المدني في العام 1966، أصبح القمع بطريقة غير مباشرة، وأصبح بالإمكان التوجه للمحاكم والقوانين.

وتابع ناطور "لوفا": الشعراء والكتاب الوطنيون تعرضوا للاعتقال الإداري الذي كان يصل لفترات ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر، وفي منتصف الثمانينيات كان هناك منع للكتاب من دخول أراضي ال67، وكان هناك دائرة المهمات الخاصة التي تقوم بملاحقة المثقفين، وكانت تعتقلهم لمدة 48 ساعة، وقد تعرضتُ للاعتقال في سجن الجلمة ليومين، حتى نشاطات الطلاب الجامعيين في المناسبات الوطنية كانت تلاحق، وكذلك المدرسين والمعلمين ومدراءهم، بعد القيام بنشاطات ذات طابع ثقافي وطني، كان هناك خوف لدى الناس من حضور الاحتفالات الشعبية، والتحضير للمناسبات الوطنية خاصة مناسبة يوم الأرض باعتبارها المناسبة الكبرى.

وأضاف، "عملت في الاتحاد من عام 1977 وحتى عام 1990، في فترة الانتفاضة الأولى كانت المواد التي يتم جمعها من الأرض تعرض على الرقيب، الذي بدوره كان يشطب أسماء الشهداء وأعداد الجرحى وتفاصيل المواجهات والاعتداءات على الشعب الفلسطيني، كما تعرضت جريدة الاتحاد في تلك الفترة لإغلاق مؤقت. ومن أشكال منع النشاطات الثقافية حدث في العام 1980 أن منع رئيس وزراء اسرائيل آنذاك مناحيم بيغن المؤتمر الأول للجبهة العربية، تحت اشراف المفكر المناضل اميل توما، فأصدرنا كتاب "المؤتمر المحظور"".

وتابع: تعرضت شخصيًا للإقامة الجبرية عام 1982، لمدة ستة أشهر، وتعرض أيضًا في تلك الفترة عصام مخول للإقامة الجبرية لمدة تزيد عن ستة أشهر، وفي عام 1984 وبمناسبة الذكرى العشرين لانطلاق منظمة التحرير الفلسطينية عملت مجلة الجديد على تنظيم مهرجان "الثقافة الفلسطينية" في مدينة الناصرة، وفي اليوم المقرر للمهرجان حضرت تعزيزات كبيرة من قوات الشرطة الاسرائيلية وحاولت الغاء المهرجان، لكنه عُقد بعد توافد أعداد كبيرة من الحضور الفلسطيني، رغم تهديدات الشرطة وتواجدها. ووصل الأمر إلى أن يوسي سريد في حكومة رابين عام 1992 كان يقرر في تعيينات مدراء المدارس، وكان هناك مراقب دائم لدى المعارف مبعوث من قبل المخابرات الاسرائيلية، والمدرس الذي يملك حسا وطنيا كان يتم استدعائه للمقابلة والمساءلة.

يتأثر سلمان ناطور لرحيل اصدقائه، خاصة رحيل اميل توما قبل ثلاثين عامًا، وكلما أراد التحدث بشيء قال: كان اميل توما. وقبل وفاته بأيام رحل صديق اخر لناطور، وهو حاتم اسماعيل حلبي، فرثاه: فقدت صديقا ورفيق درب وابن بلد وقضية حاتم اسماعيل حلبي، معه كانت البدايات قبل أكثر من خمسة عقود، يوم تحول نضالنا من الاجتهاد الفردي إلى العمل المنظم في قريتنا الجميلة الطيبة وفي أجواء من الملاحقة والتحريض التي نشرها شرطي ركب "الموتور سيكل" ودخل البيوت بلا استئذان حاملا أوامر وتنبيهات، وهو السلطة، وحينما كانت الحملة أكبر تجند الضابط زينغر واتباعه إلى أن جاءنا الثنائي عزرا وعبدو ليحضرا لنا أوامر الاقامات الاجبارية والاستدعاءات البوليسية، بينما كنا ننتظر انتصاف الليل واطفاء الأنوار في الشوارع لنوزع مناشيرنا المطبوعة بالستانسل وبخط اليد ضد التجنيد الاجباري وضد مصادرة الأرض وضد التمييز العنصري والاحتلال.

من كتاباته عن عبد الناصر: "أحببنا جمال عبد الناصر نحن أبناء الجيل الذي ولد على مقربة من ثورة 23 يوليو 1952 قبلها او بعدها، وكان عنفوان شبابنا وأحلام مراهقاتنا ترنو إلى قائد عربي شهم طويل القامة يضحك الملايين إن شاء ويبكيهم إن شاء ويثورهم ويوقفهم ويقعدهم ويتحدى أكبر وأخطر رئيس في العالم ويسخر من أكبر دولة ويثير فينا اعتزازا بما هو نحن العرب الذين صاروا يسمون وطنهم: "من المحيط إلى الخليج".  قائد أخطأ كثيرا وارتكب خطايا كثيرة ولكن قياسا لما قدمه كلها تأخذها ريح وروح العزة القومية التي زرعها فينا".

يقول ناطور في كتابه "سفر على سفر": إذا ضاقت بي الدنيا حملت نفسي وخرجت إلى وادي النحل أقفز من صخرة إلى صخرة وأشقّ طريقي الوعر بين أغصان القندول فتغرز أشواكها في لحمي وتحدث ألمًا لذيذًا لا يخلو من رعشة تسري في جلدي أنتصر على الألم حتى وإن سال دمي، أتذكر حكيم بلدنا الذي قال لي ذات مرة :الكرمل أفضل صيدلية، فكل نبتة فيه دواء، القندول يتحول إلى أسبرين والطيّون لأوجاع الرأس الناجمة عن نشرات الأخبار الصباحية والسريس يطرد الأخبار المثيرة للرعب.

ونشر ناطور أكثر من 45 عملا توزعت بين الانتاج الأدبي والفكري، والاعداد والترجمة عن العبرية، ومسرحيات، واعداد وترجمة مسرحيات.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025