تفاعل لتتعلم
لورين زيداني
وقف المهندس عمرو عاصي مواجهاً الأطفال حاملا بين يديه قطعة من الكرتون المقوى برتقالية اللون، طوى بعضها فوق بعض على شكل بيت صغير.
تعلقت عيون الصغار بكل جزء من مراحل بناء البيت، وسعدوا بمشاركته العمل، وتفاعلوا مع العملية أسئلة وإجابات.
المهندس عاصي شارك طفلته وزملائها في نشاط يوم المهن، الذي تنظمه إحدى حضانات في رام الله كنشاط لا منهجي، انطلاقاً من أن "الأطفال في هذا السن قادرون على التقاط كثير من المعلومات واستيعابها بشكل كبير".
ويؤمن المهندس أن تمرير المعرفة يجب أن يكون بأسلوب شيق، وأحياناً بمشاركة الأهل في بعض النشاطات.
تقول جنين أبو رقطي مالكة الروضة: "نحن كمدرسة تحضيرية نعتمد منهاج "ABC" العالمي كدليل للتعامل مع الأطفال منذ عامهم الأول. الحصص لا تزيد مددها عن 20 دقيقة، إلا أنها كافية لإكسابهم معارف الحياة الأساسية بالاعتماد على الحواس".
وتضيف أبو رقطي أن تفاعل الأطفال المباشر مع بيئتهم المحيطة، بالشم والذوق واللمس والنظر؛ يساعد على تسريع اكتساب الأطفال للعلوم والمعلومات.
"بيت كبير شباكه صغير تمرق من حده العصافير"، غنّت المعلمة بصوت هادئ وحركات تمثيلية بسيطة، وجاراها طلابها، وشرحت لهم عن المنزل والعائلة مستعينة بمجسم كرتوني، ثم أعادت الغناء، في روضة قائمة منذ 11 عاما على فكرة التعليم بالموسيقى.
تقول مديرة الروضة أريج الهودلي، إن الموسيقى تبعث الهدوء في نفوس الأطفال، وتجنبهم العنف وتساعدهم على التفكير، باعتبارها لغة عالمية لا تحتاج شرحا.
وتضيف: "لدينا خطة شهرية نحدد من خلالها مواضيع الدراسة، ونربطها بأغنية سهلة الحفظ كأساس للشرح، ونسندها بمؤثرات بصرية ووسائل تعليمية مساعدة".
- تك تك يا ام سليمان
- هيا نغني معا
- تك تك جوزك وين كان
- أحسنتم
- تك تك كان في الحقلة عم يقطف خوخ ورمان
- حافظوا على مستوى الصوت هكذا
يحتضن بكر عوده ويتنقل بين أوتاره، ويغني مع طلابه ويعلمهم متى يتوقفون وأين ينشدون، في حصة الغناء ضمن برنامج روضة الموسيقى.
وفي صف المعلمة إيلونة يتعرفون على بعض الآلات الموسيقية، ويتعلمون أسس العزف عليها، ليتوجوا ما تعلموه في حفل التخريج السنوي.
المحاضرة في التربية والمتخصصة في إعداد برامج رياض الأطفال جمانة حزبون، تشير إلى أن أساليب التعليم الحديثة للأطفال في السنوات الأولى يجب أن تخضع لثلاثة أسس، (الخصائص النمائية للطفل التي تشمل القدرات الذهنية والإدراكية والاجتماعية، والبيئة المحيطة، ومؤهلات الكادر الموصل للمعرفة).
وتضيف: "التعلم باللعب يأخذ شكل اللعب بالنسبة للطفل، لكنه ممنهج من قبل المعلمة، ويحتاج إلى جهد كبير لتهيئة بيئتين داخلية وخارجية بكل التجهيزات اللازمة، بما يكسب الطفل من خلال التفاعل مع الألعاب المعارف والمفاهيم، شرط أن يكون هو مركز التعلم".
المرحلة العمرية الأولى مهمة، فهي أساس بناء الشخصية، خاصة أن الطفل يتعامل مع الكل وليس الجزء، وبالتالي يكمن نجاح هذه أساليب التعليم الحديثة بجعل الطفل مركز العملية التعليمية في كل تفصيل بدلا من المعلمة، فيكون متعلما بشكل ذاتي.
العمل المدرسي أساسه النشاط الذاتي، وتعبير الطفل عن نفسه يكون أفضل بالحركة والإشارة والغناء وأخيرا باللغة، هذا ما قاله التربوي فريدريك فوربل، مؤسس أول روضة للأطفال في ألمانيا عام 1838.