أوروبا المؤسسات.. تفوق أخلاقي على المستوى الرسمي
جيفارا سمارة
"مناقضا للشرعية وللقانون الدوليين، ومكافأة للاحتلال على إرهابه"، هو توصيف لأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، لقرار الحكومة البريطانية تجريم المقاطعة لإسرائيل، وتراجع بحسب مراقبين من قبل المستوى الرسمي ليس لبريطانيا فقط وإنما لدول أوروبية عدة تجاه انهاء الاحتلال، تزامنا مع تصعيد في وتيرة المقاطعة شعبيا ومؤسساتيا بأوروبا.
موقف فرنسي مشابه صدر عن رئيس وزراء الحكومة الفرنسي مانويل فالس، قائلا: إن بلاده تعارض فرض أي عقوبات على إسرائيل، في الوقت الذي سحبت فيه شركة فيوليا الفرنسية، استثماراتها من مشروع القطار الخفيف، والذي ينوي الاحتلال تنفيذه لربط مستوطنات القدس.
ويقول المحلل السياسي أحمد رفيق عوض، "إنه من الملاحظ ان هناك تراجعا رسميا أوروبيا، بل ومحاربة لمقاطعة منتجات المستوطنات، خاصة في دول معروفة بدعمها الاعمى لإسرائيل، بفعل عدة عوامل اهمها اللوبيات الصهيونية ذات التأثير القوي في اوروبا"، مشيرا الى انه يجب الفصل بين اوروبا الرسمية واوروبا النخب والشعوب، فيما يتعلق بمقاطعة الاحتلال، فلتلك حسابات استعمارية، وللثانية حسابات اخلاقية.
ويتابع عوض كما ان الانقسام الداخلي الفلسطيني كان عاملا مثبطا في دعم حركة المقاطعة BDS، اضافة الى الغياب العربي عن دعم هذه المقاطعة، بل على العكس هناك انفتاح عربي على اسرائيل، فالطبيعي ان نشهد تراجعا في زخم المقاطعة.
وشهدت الآونة الاخيرة عدة فعاليات اوروبية على المستوى النخبوي والمؤسساتي، في سبيل دعم حركة المقاطعة من قبيل مطالبة 63 عضوا في البرلمان الأوروبي، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي بتعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وأتت الرسالة بعد بيان مماثل صدر عن 300 منظمة في جميع أنحاء أوروبا، بما في ذلك بعض النقابات الرئيسية في القارة، والأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية.
اضافة الى انضمام أكثر من 1000 شخصية ثقافية في بريطانيا لحملة المقاطعة، وتعهد أكثر من 1000 فنان بعدم أداء عروض في إسرائيل، وتصويت طلاب وأكاديمي وموظفي جامعة SOAS لصالح المقاطعة الاكاديمية، وتأييد طلاب جامعة Sussex بأغلبية ساحقة انضمام اتحاد طلبتهم لحركة مقاطعة إسرائيل BDS، إلى جانب الاتحاد الوطني لطلبة المملكة (NUS) وعشرات الاتحادات الطلابية في المملكة المتحدة التي تدعم الحركة... وغيرها الكثير من الفعاليات المقاطعة للاحتلال.
ويقول عضو لجنة مقاطعة الاحتلال الاسرائيلي BDS جمال جمعة، إن حجم الضغط الممارس من حكومة الاحتلال وسفارتها في الخارج واللوبي الصهيوني على الحكومات في اوروبا، يعكس حجم الارتباك من زيادة وتيرة المقاطعة للاحتلال الاسرائيلي.
ويضيف جمعة اذا ما نظرنا ايضا الى حجم المعارضة من مؤسسات حقوقية وحتى برلمانيين من موقف الحكومات، فهذا يعكس الرفض الشعبي الاوروبي لسياسات الحكومات الداعمة للاحتلال.
ويؤكد جمعة ان الـ27 من الشهر الجاري سيشهد عدة فعاليات مناهضة للاحتلال وداعية لمقاطعته، في عشرات الدول في أسبوع مناهضة الأبارتهايد، داعيا المستوى الرسمي الفلسطيني الى السعي اكثر لدعم هذه النشاطات.
وكانت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية، قد اوردت نبأ إعداد حكومة الاحتلال خطة جديدة لمحاربة حركة BDS، عبر ادوات للرصد والتعقب واحباط نشاط BDS على الشبكة العنكبوتية، وكذلك مهاجمتها بأدوات متطورة بشكل خاص.
واشارت بعض التقارير الى ان حجم خسائر الاحتلال الاسرائيلي بسبب حركة المقاطعة لها وصلت الى 31 مليار دولار في العام الماضي.