الاضراب حق كفله الدستور، ولم ينظمه القانون ! حسن سليم
ليس بعاقل، من يعتقد أن معركة الاضراب ستنتهي بان يحصل أحد الاطراف على كل ما يريد من مطالب، وغير عاقل ايضا، من يعتقد ان الاضرابات تستمر الى مالا نهاية، فحتى الحروب تنتهي بالتفاوض. ومعلوم ان الاضراب الذي يعرف بأنه أحد وسائل ممارسة الضغط من قبل طرف على آخر، بعد استنفاد كل الوسائل بما فيها التفاوضية، أو الوساطات الخارجية، الا ان المهم ان هذه الوسيلة تبقى قانونية ما دامت وفقا للقانون. وبعيدا عن الانحياز الى هذا الطرف او ذاك، فليس في واردي ان اكون منحازا لغير المعلمين، لقناعتي بمشروعية مطلبهم بضمان الحياة الكريمة لهم، اسوة بزملائهم الموظفين، مع الاخذ بخصوصيتهم ايجابا، ليس في فلسطين وحسب، بل في الدول كافة، التي اولتهم رعاية خاصة، وخصتهم بالامتيازات دون غيرهم . لكن السؤال المثير للفضول ان نعلم اجابته، ماذا لو ركبت الحكومة رأسها، ولم تستجب لمطالب المعلمين، وان كان هذا غير وارد، حيث ان الازمة في طريقها للحل، وسؤال آخرعن الفترة الزمنية المسموحة قانونا ان يمارس الموظفون في الوظيفة العمومية الاضراب؟ لكن حتى لا يموت الذيب ولا تفنى الغنم، وحتى لا تكون ادارة الامور على طريقة "سارحة والرب راعيها"، وجدت نفسي باحثا عن الإطار القانوني للاضراب، الذي وجدت اول خيوطه في المادة ( 25 )، من القانون الاساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2005، في البند الرابع، وتحت عنوان حق العمل، والتي نصت على: " الحق في الإضراب يمارس في حدود القانون"، بالتالي فان الاضراب حق مكفول في القانون الاساسي ( الدستور)، لكن المفاجئ كان ان منظومة التشريع الفلسطيني تفتقر لقانون ينظم الاضراب في الوظيفة العمومية، وما ورد من تنظيم في قانون العمل الفلسطيني لسنة 2000، في المادة (67)، لا ينطبق اطلاقا على موظفي الحكومة والهيئات المحلية، وفق ما حدده نطاق تطبيق قانون العمل في المادة (3) التي نصت صراحة على ان قانون العمل تسري احكامه على جميع العمال وأصحاب العمل في فلسطين مستثنيا وفقا للبند الاول من المادة (3)، موظفي الحكومة والهيئات المحلية. اضراب المعلمين، سيتنتهي غدا او بعد غد، لكن السؤال، عن قادم الايام، وكيف سنتصرف عند تكراره، وعلى ماذا سنعتمد في التكييف، وهل سنبقى رهينة لاجتهادات سياسية وتنظيمية، ونهرب نحو المديح لهذا الطرف او التجريح في ذاك، ام ان القانون اولى ان يكون المرجعية، لكونه يمثل قواعد عامة ومجردة . تبيان غياب التنظيم القانوني للاضراب، لا يمنع ممارسته، ما دام لم يرد نص يمنع ذلك، بل ان الاولى ايجاد الاطار القانوني الناظم له، ما دام حق كفله القانون الاساسي، وهو الذي يسمو على القوانين كافة، وكون صلاحية التشريع ليست من صلاحيات المواطنين، وبالنظر لتكرار ممارسة الاضراب، فان الضرورة ملحة لاصدار قانون ينظمه، لحفظ الحقوق لاطراف النزاع، ولضمان عدم تغول طرف على آخر. وفيما يخص اضراب المعلمين، والنزاع الدائر، بل التحدي بين الحكومة والمعلمين، والانتظار لمن يصرخ أولاً، فاننا كاولياء امور للطلبة، نجنبهم هذا الاحراج، ونصرخ نيابة عنهم، معلنين هزيمتنا امام الطرفين، لشعورنا بحجم الخسارة للطلاب، وخسارتهم خسارتنا جميعا.