"كتابي بِعَمِّر": حين تبني الثقافة
يامن نوباني
بالعلم قامت حضارات، وامتدت لتشكل ثقافات نقرأ ونسمع عنها. واستمر الانسان بعد تعرفه على الأشياء من حوله، وتعامله معها على أساس الاكتشاف والمعرفة بها، في تطوير الأرض، وبالعقول المفكرة تسلحت أمم وحمت نفسها من التهميش والانكسار، وعلت دول في نواحي حياتها اليومية المختلفة بفعل ثقافة أبنائها.
"كتابي بعمر" فكرة أطلقتها جمعية المرأة الفلسطينية للريادة والإبداع "بيكو" في مدينة جنين، تمزج الثقافة والاقتصاد، تُعلم أفرادًا، وتُعيل أسرًا.
تقول صاحبة الفكرة منال أبو علي، إن الفكرة جاءت لدعم ومساندة المرأة الفلسطينية، وهدفها جمع أكبر عدد ممكن من الكتب عن طريق التبرعات، وفي المرحلة النهائية يتم تجميع الكتب في مكان مخصص في المدينة، وعرضها للبيع بأسعار رمزية للراغبين وتخصيص العوائد من المعرض للنساء المعيلات للأسر الفقيرة والأيتام في كافة المحافظات الفلسطينية.
وتضيف أبو علي: في البداية كانت فكرتنا محلية، وتقتصر على مدينة جنين فقط، لكنها سرعان ما انتشرت في كافة المحافظات، وتطوع أفراد ومؤسسات فيها للقيام بحملة مشابهة، بعد تواصلهم معنا، وعبروا عن شكرهم للقيام بخطوة مختلفة تجاه الثقافة والعائلات المستورة، وخصصنا أكثر من مكان لتقديم التبرعات، كالمطعم اللبناني وجمعية بيكو في مدينة جنين، ومكتبة المعرفة والمصادر في بلدة الزبابدة، ووصلنا منذ بداية الحملة قبل ثلاثة أيام نحو 500 كتاب، كانت عبارة عن تبرعات من أفراد ومؤسسات ومكتبة البلدية ووزارة الثقافة، وننتظر المزيد من التبرعات خلال الأيام القادمة، وخاصة في ظل التفاعل الكبير من قبل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي معنا.
الشابة أفنان زاهدة من مدينة القدس، تقول: أنا فتاة عشرينية أحاول جاهدة أن أبحر في عالم الثقافة، وذلك بالمطالعة من خلال امتلاكي لعشرات الكتب، لكن دعوة وصلتني من إحدى الزميلات لفكرة "كتابك بعمر"، فدفعني جمال الفكرة إلى التبرع بكل ما أملك من كتب دينية وثقافية وقصصية، رغم أنني أملكها منذ طفولتي، رغم شغفي الكبير باقتناء الكتب وحلم بإنشاء مكتبتي الخاصة، ولكن "كتابي بعمر" جعلتني على يقين أن مكان كتبي الصحيح هو مع رواد هذه الفكرة.
في مزجٍ يليق بدور المرأة الفلسطينية في النضال والبقاء، جاءت حملة الثقافة والاقتصاد عبر "كتابك بعمر"، فهي من ناحية تساهم في وصول كتب من شتى المواضيع إلى أفراد وبيوت، بالتالي تثقيف المجتمع وإعادة الهيبة للكتاب، ومن ناحية تساهم في تحسين المستوى المعيشي لأيتام وعائلات فقيرة، بعد بيع الكتب في معرض يُقام في الثامن من آذار المقبل، والذي يُصادف يوم المرأة. كما أن انتشارها وانتقالها إلى محافظات أخرى بعد جنين، يشكّل حالة من الوعي بأهمية تعزيز الثقافة والتضامن الاجتماعي.