التمهل, التمهل يا جماعة
لا شيء اسوأ من التسرع، خاصة في اطلاق الاحكام تجاه هذه المسألة أو تلك، وفي الحديث الشريف كما تعرفون فإن العجلة من الشيطان إلا في خمسة وهي: اطعام الطعام، وتجهيز الميت، وتزويج البكر، وقضاء الدين، والتوبة من الذنب. وفي نقد التعجل والتسرع يقال ايضا في العجلة الندامة وفي التأني السلامة، غير ان هذا كله لا يعني شيئا عند بعض اصحاب الحاجة الحزبية والسياسية، خاصة المتحاملين واغلبهم من اقطاب المناكفة البلاغية والشعاراتية، كلما تعلق الامر بالسلطة الوطنية ايا كان هذا الامر، فيتسارعون في اطلاق الاحكام كيفما اتفق، وكأنهم في سباق لا مع الوقت، وأنما مع حاجتهم ذاتها، سباق يلغي كل معرفة تتعلق بالتأني والتمهل وقبل ذلك التفحص الموضوعي، الذي يقود عادة الى الرؤية الصحيحة، والموقف الصائب بهذا القدر او ذاك.
نتحدث عن جريمة اغتيال المناضل عمر النايف في صوفيا، التي وقبل تشكيل لجنة التحقيق الوطنية التي امر الرئيس ابو مازن بتشكيلها، تسابق اؤلئك المناكفون والمتحاملون على اطلاق جملة من الاتهامات والاحكام المسبقة في تصريحات متعجلة، لا تمت للموضوعية بصلة، ولا بأي حال من الاحوال، وعلى نحو خاص ما قالته بعض هذه التصريحات دونما اي تقوى ولا اي مسؤولية, من ان جريمة اغتيال النايف بانها ثمرة "للتنسيق الامني" (...!! ) وهو القول الذي اقل ما يفعله من الناحية الجنائية، أنه يعطي غطاء للقتلة، بمجانية مفجعة، فيربك اولياء الدم، إن لم يحرف موقف الادانة عندهم باتجاه بعيد عن القتلة..!! هذا عدا عن انه قول جاهل ولا علاقة له بالواقع والحقيقة.
ثم ان هذه التصريحات المتعجلة لا تحقق غير ما يثير الشك بين الضحايا انفسهم وتنزع الثقة فيما بينهم، وهو امر اكتوينا بنتائجه جراء الانقلاب الحمساوي الذي تأسس بعضه على هذا النوع من التصريحات والاحكام التي خونت وكفرت حتى رقص بعض "الاخوة" على جثث ضحاياهم، بعدما قيل لهم بانهم بهؤلاء الضحايا سيدخلون الجنة ...!! وبالطبع هذا واقع لا يريح احدا سوى الاحتلال ولا يخدم شيئا سوى مخططاته الاستيطانية المدمرة.
لسنا ضد الاختلاف في وجهات النظر، طالما ظلت في اطارها الديمقراطي الحريص على المصلحة الوطنية، وهذا ليس شرطا بقدر ما هو ضرورة موضوعية لسلامة مسيرة التحرر الوطنية، نختلف نعم، ولكن ليكن اختلافنا بلغة الاختلاف الوطنية، دونما تسرع ولا تعجل يدين ويتهم ويحكم دفعة واحدة ..!! نختلف نعم ولكن الافق ينبغي ان يظل دائما هو افق المصلحة الوطنية، التي اساس تحققها، وفقا لاهداف الشعب وتطلعاته، الوحدة التي تؤمن حتى الاستقطاب الحزبي على نحو صحيح ومنتج . وحقا في التأني السلامة وفي العجلة الندامة, وسيكون ذلك واضحا بعد قليل.
كلمة الحياة الجديدة - رئيس التحرير