لا تسقطوا السلاح
معن حجاج وإيهاب الريماوي
تمر العملية التربوية والتعليمية في الساحة الفلسطينية بحالة من الإرباك والتعقيد تتصاعد وتيرتها بشكل خطير يتهدد سلاح شعبنا الوحيد "العلم"، الذي طالما تغنينا به وتمسكنا بتفاصيله في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
تجولت "وفا" اليوم الثلاثاء، في مدرسة الوحدة الأساسية للبنين بمدينة البيرة، تلك المدرسة التي انتظم فيها الدوام الرسمي منذ بداية الفصل الثاني ولم يضرب معلموها، انطلاقا من قاعدة أن ضياع الحصص المدرسية يعني ضياع جيل كامل، وخاصة طلبة الصفوف الأساسية الأولى الذين يحتاجون كل دقيقة للتعليم، هؤلاء يجب أن يتابعوا يوميا.
ويتمسك معلمو المدرسة بحقوقهم كغيرهم، لكنهم لا يحبذون الإضراب كوسيلة وحيدة لتحقيقها، معلقين آمالا على الجهات المعنية لتنصفهم أسوة بغيرهم.
مدير المدرسة محمد بني عودة، يقول، إن الهيئة التدريسية في المدرسة اتخذت قرارًا بعدم الإضراب منذ اليوم الأول لإعلانه، مؤكدًا أنها وضعت مصلحة الطالب فوق أي اعتبار.
وأشار إلى أن الإضراب الحالي لا تمثله جهة رسمية، ويتخذ الطابع الفوضوي في المطالبة بالحقوق التي وافقت الحكومة عليها مؤخرًا، مطالبًا بضرورة البحث عن طرق بديلة غير الإضراب.
وأضاف أن هناك ضغوطات كبيرة مورست على إدارة المدرسة من قبل بعض المدارس المضربة لثنيها عن قراراها في انتظام العملية التعليمية.
وتابع: "استمرار الإضراب سيضر بالمسيرة التعليمية، حيث أصبح الفصل الدراسي الثاني مهددا بالتأجيل، فيما يشكل ذلك عبئًا على الطالب وسينعكس سلبًا على تحصيله العملي، إضافة إلى انعكاسه على المعلم".
من جانبه قال المعلم إسلام بنات، نحن لم نغفل عن حقوقنا، لكن مصلحة الطالب تفرض علينا الدوام، منوها إلى أن الإضراب مُسيّس وهناك مصلحة للبعض في خلط الأوراق، مشيرا إلى عدم وجود حلول من قبل المعلمين المضربين والسبب أزمة التمثيل خاصة بعد أن وضع الاتحاد العام للمعلمين استقالته أمام مفوضية المنظمات الشعبية، فهناك معلمون يعلنون الإضراب كما يشاؤون.
المربية هالة موسى، قالت: "لدي ابنة في الثانوية العامة، أصبحت تعاني من مشاكل نفسية ولم تعد قادرة على الدراسة خاصة في ظل عدم وضوح ملامح المرحلة المقبلة، لذلك اضطرت وعدد من الطلبة إلى اللجوء للدروس الخاصة التي تكلفها أكثر من 180 شيقلًا لبضعة دروس فقط".
وأضافت، "للإضراب أثر سلبي على الطلاب وخاصة المرحلة الأساسية الدنيا، أنا مع إنصاف المعلمين ولكن ليس من خلال الإضراب، فهناك طرق أخرى لحل مشكلة المعلمين دون المساس بمصلحة الطلاب".
وأردفت، "عندي أطفال ومش حابب يتأثروا، لأنه بصفي إنو بدنا نركض بالمادة ركض، ايمتا بدنا نعطيهم، وايمتا بدهم يتأسسوا، إلنا طلاب، كثير نفسيتي تعبانة على أولادي، بنفس الوقت بنات صفي إلي أنا بدرسهم، يا ريت أنهم يلاقوا حل".
ويواصل المعلمون خوض إضرابهم منذ نحو أسبوعين، مطالبين بتنفيذ اتفاقية وقعت بين الحكومة والاتحاد، وأعلنت الحكومة عن تنفيذها بالكامل، ما يزيل أي مبرر لاستمرار الإضراب، الأمر الذي بدا وكأن ما يجري يندرج في سياق جر هذا القطاع العملاق الذي يعد الأساس في بناء الحضارات باتجاه الفوضى وسلخه عن دوره التربوي والتعليمي.