كفر قدوم والضابط الشجاع - حسن سليم
لم يكن ليلوم عليه احد، لو لم يقدم بشجاعة عالية على انقاذ الطفل المصاب بالرصاص الاسرائيلي، فقد كان واضحا بالصورة والصوت أن المتقدم بخطوة تجاه الطفل لانقاذه، سيجعله في مرمى النيران، لكنه فعلها. نعم، فعلها الضابط في الامن الوقائي مشهور جمعة، وانقذ حياة الطفل خالد مراد شتيوي (11 عاما)، من موت محقق، بعد اصابته برصاص متفجر اخترق قدمه وفتت عظامه، واقعده جريحا نازفا، صارخا يطلب النجدة، من مصير يشبه مصير الشهيد محمد الدرة. الكتابة عن شجاعة ضابط في احد الاجهزة الأمنية، ليست من باب شكره على ما قام به، فذلك كان بدافع فردي وبشجاعة تربى عليها الفلسطيني, ولم يكن الامر مهمة وظيفية، فقد كان سيدفع حياته ثمنا لتلك الشجاعة، بل من باب تذكير الموتورين الذين تنبري اقلامهم وألسنتهم للنيل من التزام وعطاء ابناء الاجهزة الامنية، الذي جاء غالبيتهم من مدرسة المعتقلات والزنازين الاسرائيلية، وقدموا قائمة طويلة من الشهداء والاسرى والجرحى. الشجاع مشهور جمعة، ليس اكثر عطاء من زملائه، بل مثلهم، ولكن الموقف الذي شاهده العالم, دون ترتيب مسبق، ولا تمثيل كما يمارس البعض، وهو ينقذ طفلا من مرمى النار، سلط الصورة على طبيعة هؤلاء "المجهولين" بعطائهم، وفي ذات الوقت يتعرضون لسيل الاتهامات، دون ان يكون من حقهم الرد، او تبيان الحقيقة، فكانوا في حال يتنافى و"قرينة البراءة"، ليصبح ما ينطبق عليهم, بانهم متهمون حتى تثبت براءتهم، وفي ذلك ظلم كبير. أما الكتابة عن كفر قدوم الواقعه شرق قلقيلية، والتي سرق الاحتلال لصالح غلاة المستوطنين ارضهم، فلأنها تستحق، وهي القرية التي لم تمل ولم تكل من مقارعة الاحتلال بحجارة شبابها وشيخوها، مطالبين بفتح شارع القرية الذي اغلقه الاحتلال منذ مطلع الانتفاضة الثانية، كعقاب جماعي لاهالي القرية، ليجعلوا من مطلبهم نشاطا اسبوعيا ينفذه الاهالي يوم جمعة من كل اسبوع، منذ مطلع تموز عام 2011. ان الاعلام الصادق مطالب ان ينصف الشجاع ويرفع له القبعة متى يجب، ويواجهه اينما أخطأ، وعليه ايضا ابراز ذلك الوجه المواظب على مقارعة الاحتلال بهذا الشكل الراقي من الكفاح، الذي تذوت فيه الاهالي بايمان راسخ، بان العلاقة مع الاحتلال هي علاقة صراع ما دام جاثما على أرضنا.