نكهة خاصة للثامن من آذار في غزة
خضر الزعنون
تحتفل نساء العالم في الثامن من آذار كل عام بيومهن العالمي، بمهرجانات ونيل حقوقهن بالعدالة والمساواة، لكن لهذه المناسبة للمرأة في قطاع غزة، نكهة خاصة بالصمود والثبات والنضال في وجه الحصار والمعاناة التي سببها الاحتلال الإسرائيلي.
وتعاني المرأة في غزة من صنوف شتى من الحرمان والقهر، بفعل غياب الابن والزوج والأخ، فهي أم للشهيد وللجريح والمقعد وللأسير، وصاحبة بيت دمر خلال حروب شنتها إسرائيل على قطاع غزة، لا تزال آثارها شاخصة أمام أعين العالم.
الحاجة أم إبراهيم بارود، والدة أسير محرر أمضى أكثر من ربع قرن في سجون الاحتلال، يمثل لها يوم المرأة يوما حزينا، سيما الأسيرات والأسرى ما زالوا يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت أم إبراهيم لـ"وفا": في هذا اليوم تحتفل المرأة في كل دول العالم، لكن المرأة الفلسطينية حزينة. وتساءلت: هل تحتفل بابنها الأسير داخل سجون الاحتلال ويحرمها الاحتلال من رؤيته؟ وهل تحتفل أم الشهيد بشهيدها، أو ابنها الجريح المقعد على كرسي متحرك بعدن قطع ساقيه بصاروخ الاحتلال؟ أم تحتفل بأرضها المحتلة؟ وهل تحتفل الأسيرة داخل سجون الاحتلال؟
وأضافت: أريد من المرأة العالمية أن تنظر بعين الاعتبار إلى المرأة الفلسطينية، وتدين الاحتلال وتحث دول العالم والأمم المتحدة، التي تتغنى بحقوق الإنسان، أن تتطلع للمرأة الفلسطينية ومعاناتها. ما معنى أن تحتفل المرأة في كل دول العالم بينما المرأة الفلسطينية حزينة؟
أما عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية مريم أبو دقة، فاعتبرت أن "الثامن من آذار له نكهة خاصة فلسطينية، لأننا آخر بلد يعيش تحت الاحتلال، لذلك نحتفل بالصمود داخل السجون، والصبر لأمهات الشهداء، وزيارة الأضرحة".
وأضافت أبو دقة لـ"وفا"، "نحن أينما تواجدنا اخترنا أن نحتفل قبالة اللجنة الدولية للصليب الأحمر تضامناً مع الأسيرات والأسرى بشكل عام، ونقول لهم جميعنا أسرى طالما الاحتلال موجود، ولكن بالتأكيد فجر الحرية قادم لأنه دون دماء ودون مقاومة ودون ثبات، لا يمكن أن تتحرر المرأة، ومقتنعون تماماً أن حرية الوطن هي أولاً. لن تتحرر المرأة دون حرية الوطن، لذلك المرأة الفلسطينية منغمسة في نضالها وفي كل مجالات النضال الوطني، لأنها تدرك تماماً أن حريتنا هي الملاذ الأخير لحرية المرأة ومترابطة معاً".
ووجهت أبو دقة نداء لكل نساء العالم بأن عليهن الالتفات إلى المرأة الفلسطينية والتضامن معها ودعمها، والضغط على العالم الظالم، الذي يكيل بمكيالين، في الوقت الذي تعاني فيه المرأة الفلسطينية من الحصار ومن تدمير بيتها ومن قتل أبنائها أمام عينها بدم بارد أو اعتقالهم واستشهادهم، كل ذلك والعالم كأنه في غرفة إنعاش.
وقالت: "بغض النظر عن ذلك، نحن مصرون على مواصلة النضال حتى الحرية والاستقلال، وألف تحية لنساء فلسطين في السجون والشهيدات والأحياء منهن، ونقول التحية للمرأة العربية ولنساء العالم الحر، ومعاً حتى تحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي، والحرية والاستقلال لفلسطين".
من جهتها، أشارت والدة الأسير ضياء الأغا، المحكوم بالسجن المؤبد في سجون الاحتلال، إلى أن نساء العالم يحتفلن بيومهن، لكن هنا أسيرات وأمهات أسرى وشهداء وجرحى. الحصار المفروض على غزة، والانقسام زاد معاناة المرأة الفلسطينية.
وقالت أم ضياء: في فلسطين نحن لا نحس في أي يوم عالمي نحتفل فيه، ولا في يوم عيد، ولا في أي مناسبة، أولادنا غائبون عنا، نتمنى لهم الحرية، وأن ينتهي الانقسام والحصار، حتى نشعر أننا نحتفل كأمهات العالم، وأسوة بأمهات العالم جميعاً، لكن الوضع عكس ذلك تماماً.
وتمنت أم ضياء أن يزول الانقسام، وتتحقق الوحدة الوطنية، وقالت "نطلب من الله ان يوحدنا ويلم شملنا ويفك الحصار عنا ونكون كباقي الشعوب ويتحرر الأسرى". وقالت إنها منذ 24 عاماً وهي تتنقل بين الصليب الأحمر وسجون الاحتلال لزيارة ابنها ضياء، مشيرة إلى معاناتها وعدم شعورها بفرحة الأعياد.
وأضافت: نفسي أن تدخل الفرحة بيتي كأي بيت فيه فرحة، لكن الظاهر أنا لا أعرف الفرحة ولا معنى الفرحة، حتى عندما أفرج عن أبني محمد من السجن بعد 12 عاماً، كنت مخدرة لا أعرف ماذا أفعل، كان فرحي ممزوجا بالحزن والألم، لأن محمد عندما خرج من السجن ترك شقيقه ضياء خلف القضبان. المرأة الفلسطينية تعاني في كل الاتجاهات، تعاني من الاحتلال ومن الحصار.
بدورها، وجهت عضو اللجنة المركزية لحركة فتح آمال حمد، التحية لكل النساء في فلسطين والشتات وأرجاء العالم، وقالت: كل عام وهن بخير. المرأة كانت دائماً عنوانا للصمود والتحدي، انتصرت دائماً لحقوق النساء للعدالة الاجتماعية والمساواة، لكن المرأة في فلسطين تختلف عن نساء العالم، إذ يقع عليها ظلم من الاحتلال ومن الموروث الاجتماعي، وظلم نتيجة حالة الانقسام البغيض بين شطري الوطن.
وأضافت حمد: هذا العام نحتفل بهذه المناسبة أمام الصليب الأحمر، انتصاراً لأسيراتنا داخل سجون الاحتلال انتصاراً لمعاناة شعبنا من الاحتلال الإسرائيلي، لأن معركتنا كفلسطينيين ومعركة النساء بشكل خاص، هي معركة الصمود في وجه الاحتلال الإسرائيلي، هي معركة المقاومة والتحدي، علينا أن نواجه الاحتلال في كل الظروف وأن ننتصر لحقوق نسائنا وأسرانا وأطفالنا وأشبالنا.
وتابعت حمد: "في هذه الأيام لدينا 62 أسيرة داخل سجون الاحتلال، 15 منهن دون سن 18عاماً، فتيات صغيرات، لدينا العشرات من الشهيدات تحديداً في هبة القدس، المرأة كانت عنوانا حقيقيا في مقاومة الاحتلال في كل المراحل وتجلت هذه المقاومة في هبة القدس".
وقالت: "رسالتنا لكل العالم أن ينتصر لحقوق النساء، وأن يدافع عن الشعب الفلسطيني، يدافع عن المرأة الفلسطينية في أن نتخلص من الاحتلال، وأن نقف بكرامة ونعيش بحرية على أرضنا في إطار الدولة الفلسطينية، وبالتالي مطلوب تطبيق كل قرارات الشرعية الدولية والقانون الإنساني الدولي واتفاقيات جنيف الدولية لحماية المرأة والمجتمع الفلسطيني".
وشددت على أن "معركتنا معركة الصمود والتحدي، وسنناضل إلى أن تنال المرأة الفلسطينية كافة حقوقها سواء على الصعيد الوطني والسياسي أو على الصعيد الإنساني والعدالة الاجتماعية الحقوقية والقانونية، أو على صعيد إنهاء حالة الانقسام وتكريس الوحدة الوطنية، باعتبارها ممرا إجباريا لمواجهة آخر احتلال استيطاني هذه الأرض".
ورغم أن الفرحة والابتسامة غائبة عن وجوه وشفاه الأمهات في قطاع غزة المحاصر منذ نحو عشرة أعوام، إلا أن إيمانهن راسخ بأن الاحتلال إلى زوال طال الزمن أم قصر، وسيبزغ فجر الحرية للأم الفلسطينية.