"قانون المخدرات الجديد".. هل يعيد مروجي ومتعاطي المخدرات حساباتهم؟
ضحى سعيد
بدأ سريان قانون المخدرات الجديد فعليا في المحاكم الفلسطينية، فمؤخرا اصدرت محكمة الصلح في طوباس قرارا بالحكم على شخص تم القاء القبض عليه وهو يتعاطى المخدرات للمرة الثانية بالسجن عامين ودفع غرامة 2000 دينار اردني، الأمر الذي اعتبر نقلة نوعية في الجانب القانوني والتنفيذي في هذا الاطار.
وكان الرئيس محمود عباس صادق على قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في آواخر العام الماضي، والذي نص على انشاء إدارة خاصة لمكافحة وتشديد العقوبات الصارمة على المنتجين والتجار والمروجين لهذه الآفة تصل إلى حد عقوبة الاشغال الشاقة المؤبدة، وتنظيم انتاج واستيراد بعض المواد المخدرة اللازمة للاغراض الطبية والعلمية بشكل واضح وصارم.
ومن شأن هذا القرار بقانون معالجة جوانب القصور في التشريعات النافذة والمعمول بها في فلسطين والمتمثلة بقانون العقوبات الاردني لسنة 1960 والذي لا يتضمن بعض القواعد القانونية الدولية المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية وقوانين المخدرات والمؤثرات العقلية الحديثة، وبالتالي جاء هذا القرار ليتماشى مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بهذا الشأن.
الناطق باسم الشرطة الفلسطينية المقدم لؤي ارزيقات اوضح أن القانون الجديد وضع عقوبات رادعة وفقا لبنوده تجاه التجار والمتعاطين والمروجين للمخدرات، قائلا إنها "الآفة الاخطر على شبابنا تصل إلى الاشغال الشاقة والمؤبدة ودفع غرامات مالية عالية تصل الى 30 الف دينار اردني، بحيث يشكل رادعا حقيقيا لكل من يتعامل مع هذه المواد".
وبين ارزيقات أن قانون العقوبات الاردني الذي كان ساريا في فلسطين رقم 16- 1960 لم يتضمن نصوصا واضحة تجرم المتعاطين، وكانت اغلبها عقوبات تقديرية تستغل للافراج عن المتعاطين والتجار الذين كانوا يخرجون بغرامة 20 او 50 دينارا فقط.
واشار الى ان القانون تضمن ايجاد مصحات نفسية وعلاجية، وضرورة تحمل المسؤولية لعلاج المدمنين، واعادة دمجهم في المجتمع "سيما وان لدينا نقص في المصحات العلاجية المتخصصة بعلاج المدمنين الراغبين فعليا بالاقلاع عن تعاطي المخدرات، واغلبها مراكز خاصة ودورها غير متخصص ولا يخضع لاشراف رسمي"، قال ارزيقات.
وحذر ارزيقات من خطر تزايد انتشار المخدرات، ففي العام 2014 ضبطت الشرطة 65 كيلو من المواد المخدرة، وخلال العام 2015 تم ضبط حوالي نصف طن من المواد المخدرة، مشيرا إلى أن "هذا لا يعني ان كل ما تم انتاجه وتوزيعه تم ضبطه، وهذا يعود الى رغبة التجار بايجاد هذه المواد محليا وتخفيض اسعارها بهدف الارباح الكثيرة عن طريق زراعتها في المستنبتات وسهولة توزيعها اضافة الى وجود الاحتلال فاغلب استلام وتوزيع المواد المخدرة يتم في المناطقة المصنفة "ج" بالشراكة مع اسرائيليين او عرب الداخل، وفي بعض المناطق هناك اوكار يتم التعاطي فيها على مرمى ومسمع شرطة الاحتلال دون اي تدخل".
واشار ارزيقات الى نوع جديد من المخدرات يعرف بـ"كرستال" يتم ترويجه مؤخرا، وهو عبارة عن مواد سائلة وهي اقوى من الحبوب تجد طريقها الى الشباب، موضحا ان الماراغوانا والحشيش والقنب الهندي المهجن هي الاكثر رواجا، اضافة الى الهيروين والكوكايين بنسبة اقل، كذلك مادة "كب تاغون" والتي يتم استيرادها من الخارج.
وحذر ارزيقات من وسائل الترويج التي تستخدم في ترويج المخدرات تحت اطار الادوية مثلا للتخلص من الصداع والاوجاع، وما له علاقة بمنح الطاقة والنشاط وصولا إلى مرحلة التعاطي بالحقن "الابر" وهي المرحلة الاخطر كون المتعاطي ممكن أن يفقد حياته نتيجة جرعة زائدة او التسمم ونقل الامراض بعد استعمال اكثر من شخص للابرة نفسها.
وقال ارزيقات إن الشرطة "حريصة وتعمل باستمرار لتوعية مجتمعنا بخطر المخدرات على الفرد بشكل خاص والمجتمع الذي ينتمي له، وذلك بالتوعية من خلال الرسائل الاعلامية الموجهة عبر وسائل الاعلام المختلفة، كذلك توضيح قرارات المحاكم المستندة لهذا القانون واجراء العديد من اللقاءات والمحاضرات والورشات التوعوية بالشراكة مع الجهات المعنية من القضاء الاعلى ووزارة الصحة والشؤون الاجتماعية وشبكات حماية الطفولة والتربية والتعليم، فلكل جهة ومؤسسة دورها المهم في خلق حالة من التوعية والثقافة لمحاربة هذه الآفة ومحاربة الخارجين عن القانون في هذا الاطار".
وبين مدى تزايد ثقة المواطن بأجهزة الشرطة، إذ هناك العديد من الحالات التي تم التعامل معها كان احد افراد الاسرة هو من يبلغ عن وجود حالة تعاطي بالمنزل، و"هذا مؤشر جيد يدل على تزايد ثقة المواطن بأجهزة الشرطة.
وتوجه إلى وزارة الصحة بضرورة الاسراع لايجاد مصحات للعلاج وتقديم الدعم للمدمنين لمساعدتهم على متابعة حياتهم.
وتابع: لا يوجد ارقام دقيقة حول نسب المتعاطين في فلسطين لكن هناك عشرات الآلاف من المتعاطين والنسبة آخذة بالازدياد للاسباب والعوامل التي تم ذكرها، وبالتالي نعول كثيرا على القانون الجديد لوضع حد لهذه الافة الاخطر على شبابنا وتماسك مجتمعنا.
ودعا المتعاطين إلى ضرورة التراجع اليوم قبل الغد لا سيما وان الشرطة مع المؤسسات الشريكة جاهزة لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي، والاشراف على العلاج، كما دعا التجار لاعادة النظر جديا لخطورة ما يقومون به في ظل القانون الجديد "الذي لن يتساهل ابدا مع هذا النوع من الجرائم، كذلك الاهل والمجتمع بالانتباه لكل سلوك وتغير قد يلحظونه على ابنائهم ومتابعتهم والتوجه الى الشرطة لمساعدتهم"، مؤكدا ان كل بيانات الشرطة يتم التعامل بها بسرية تامة، "فليس الهدف هو كشف اسم المتعاطي انما مساعدته وتقديم الدعم له، سيما المتعاطين في المرة الاولى.