"محمية طبيعية".. ذريعة الاحتلال للسيطرة على وادي قانا
علا موقدي- من قعر الوادي تنبع مياه عذبة، بين دفتيه خُضرة أشبه بلوحة فنية متناسقة، سماؤه صافية لا يعكرها الا صوت مروحية احتلالية تراقب الوادي بحذر شديد.
سكان الوادي الأصليون من بلدة ديرستيا يجملون المنطقة بالزراعة والفلاحة, وإن أحاطت بهم ثماني بؤر استيطانية تتربع على جمال الاراضي وتحبس أنفاس أصحابها، فحين يصر شيخ عجوز تجاوز الثمانين من العمر على العيش بين ثنايا ورق أشجار الحمضيات التي تجمل الوادي وحين يحتضن ساق شجرة عريض ليعبر بملامحه عن حزنه الشديد بما حل بالوادي فهنا لا بد أن يكون لديه من الحديث ما يستحق الإصغاء.
يعد وادي قانا من اشهر المناطق السياحية في محافظة سلفيت, يشتهر ببيارات البرتقال والليمون والحمضيات الأخرى ويوجد به ثلاث عشرة عين ماء دائمة الجريان لا يسمح للمزارعين الفلسطينيين ان يستخدموا هذه المياه باعتبار المنطقة محمية طبيعية.
توضح رئيسة بلدية ديرستيا أمل كوكش: "طبقت اسرائيل قانون (المحمية الطبيعية) على أراضي وادي قانا فمنعت المزارعين من غرس الاشجار واستصلاح الأرض وتعبيد الشوارع، وصادرت ما يقارب ألف دونم ما اجبر بعض المواطنين على مغادرة أراضيهم تبعا لضغوطات الاحتلال المتكررة عليهم".
تتابع كوكش: "وعدتنا وزارة الزراعة بأن تقدم لنا وحدات شمسية ومستلزمات أخرى للمزارعين لكنها لم تنفذ حتى هذه اللحظة".
بالرغم من العوائق التي يتعرض لها المزارعون من قبل سلطات الاحتلال الا انهم قاموا بترميم اجزاء كبيرة من البيوت بإعادة تأهيل الطرقات لتسهيل التنقل داخل الواد.
ويقول اياد منصور الذي يمتهن الزراعة منذ طفولته: "نحن نعاني من اعتداءات المستوطنين المتكررة التي لا تتوقف بحيث تلتهم جرافات الاحتلال كل ما تجده في طريقها بعد ما يتم طردنا من أراضينا، ويقوم المتطرفون من اليهود بقلع اشجار الزيتون والحمضيات عدا عن حرق مضخات المياه وقطع برابيش مياه الصرف الصحي لكن بالرغم من غطرسة الاحتلال لن نتزحزح عن شبر واحد من أرضنا فنحن صامدون لآخر نفس في حياتنا".
وفي السياق ذاته يقول المزارع محمود ابو حجلة في الستينيات من عمره وعلامات الحزن تعتري وجهه الشاحب: "منذ نعومة اظافري، وأنا ازرع البرتقال واللوز وفي كل مرة يقتلعها المستوطنون من أرضي، فأنا اعيد زراعتها مرة تلو الاخرى منذ عام 1996".
وما زالت سلطات الاحتلال تبحث عن طريقة جديدة ومبتكرة للسيطرة على الأرض والقضاء على أصحابها معنويا، ومن بين تلك الطرق تزوير الوثائق وأوراق اثبات الملكية؛ لأراضي تعود أصلا للمزارعين.
وبحسب الباحث خالد معالي فان سلطات الاحتلال تقوم بواسطة شركات صهيونية بشراء أراضي الفلسطينيين عبر صفقات تضفي عليها صفة القانون؛ دون علم صاحب الارض الأصلي الذي يتفاجأ ان ارضه التي ورثها أبا عن جد، اصبحت لغيره من المستوطنين.
ويحذر معالي من وجود شركات إسرائيلية تنشر اعلانات في الصحف بأنها تريد نقل ملكية اراضي معينة لصالحها بحجة أنها ابتاعتها من أصحابها، حيث تدعي هذه الشركات الإسرائيلية شراء الأرض قبل نحو ثلاثة عقود مستدلة ببصمات البائع على هذه الأوراق وغير ذلك من المزاعم الواهية والكاذبة.
يناشد مزارعو واد قانا من أجل حماية الواد ودعمه من قبل السلطة الفلسطينية والوزرات المسؤولة، لتثبيت وجود المواطن الفلسطيني على أرضه، فليس هناك دعم كاف للواد، رغم أنه يعد من اجمل المناطق السياحية في فلسطين.
يذكر ان سلطات الاحتلال تقوم حاليا بشق طرق رئيسية من داخل كل مستوطنة تصل الى ارضية الواد ليصبح الواد محمية خاصة بالمستوطنات وإغلاق المدخل الرئيسي ومنع المواطنين من الوصول الى اراضيهم.