رسم "مصحف الأقصى" إبداع فلسطيني يذكر بالقدس
يزن طه
"قد تستغرق كتابة صفحة واحدة أربع عشرة ساعة، وربما يحتاج تشكيل كلمة لخمس دقائق أو أكثر، فالعمل ليس عاديا، ولا النص كذلك"، يقول الخطاط ساهر الكعبي، الذي أوكلت له مهمة تخطيط مصحف المسجد الأقصى المبارك، ليكون أول مصحف يُخَطُ وينظّم في فلسطين.
بدأ الكعبي، في الأربعينيات من عمره، ابن مخيم بلاطة، والمقيم في رام الله، قبل نحو سنة مهمة غير مسبوقة على الصعيد الفلسطيني، تتمثل في تخطيط مصحف المسجد الأقصى.
يدرك الكعبي تماما أهمية هذا العمل العظيم، ليس فقط لأن اسمه سيقترن به، إنما لما يمثله من إنجاز فلسطيني كبير، ورمز سيادي فلسطيني، أسوة بكل الدول العربية والإسلامية التي تنفق ملايين الدولارات لإنجاز مثل هذا العمل.
وقال: احتجت لعدة أشهر لتجهيز "المسطرة"، وضبط أبعاد الصفحة تبعا لحجم ومقاس القلم، وتحضير الأقلام والقصب وأحبار تقليدية مصنعة يدويا، وأخرى صناعية، لإنجاز هذه المهمة في موعدها المحدد، نهاية العام الجاري.
وأوضح أن عملية كتابة المصحف التي تعرف بـ"النسخ المصحفي" أو "النسخ التوقيفي"، معقدة وتحتاج إلى حسابات دقيقة، ومعرفة عدد الآيات في كل صفحة، حيث إن كل واحدة تبدأ بآية وتنتهي بآية، ما يتطلب أن يحافظ الخطاط على المسافات نفسها دون ضغط، ومراعاة كثافة النص.
احتاج الكعبي، وبالتنسيق مع اللجنة الفلسطينية المشرفة على العمل، إلى شراء ورق المصحف من تركيا، فالورق خاص ومصنع من مواد طبيعية، كما أن الحبر الذي سيخط به المصحف الشريف، حبر خاص مصنوع من مواد طبيعية.
عشق الكعبي، مهنة الخط منذ كان طفلا صغيرا، بعد أن استهواه خط أحد أشهر الخطاطين في مدينة نابلس، فكان يتابع اعماله بشغف، وبقي كذلك إلى أن تمكن من شراء كراسة للخطاط هاشم البغدادي، ومنها بدأ تعلم الخط، إلى أن أنهى مرحلة الثانوية العامة، وانتقل إلى بغداد للالتحاق في جامعة بابل، إلا انه لم يتمكن من ذلك، ما دفعه للتوجه لجمعية الخطاطين العراقية، وهناك كانت رحلته الأكاديمية مع تعلم الخط بدرس أسبوعي.
كلف الكعبي رسميا من قبل رئيس دولة فلسطين محمود عباس، بالتفرغ التام لإنجاز هذا العمل في 26/2/2014، وبعد 8 أشهر تقريبا من التحضيرات، انطلق العمل بأول مصحف يخط في فلسطين، وبيد خطاط وإشراف فريق فلسطيني.
وبيّن الكعبي أن عملية إنجاز المصحف تسير في مراحل عدة، تبدأ بشراء الورق الخاص وأخذ الموافقات الرسمية من قبل لجنة المراجعة في الأزهر الشريف، في جمهورية مصر العربية، ثم مرحلة الكتابة التي يجري خلالها تدقيق ومراجعة ما أنجز.
وقال: "نعمل بطريقة مزدوجة، حيث سنرسل كل خمسة أجزاء يتم كتابتها إلى الأزهر الشريف لأخذ الموافقة عليها، وفي الوقت نفسه نواصل العمل لإنجاز خمسة أجزاء أخرى، وهكذا، إلى أن نصل إلى نهاية مرحلة الكتابة".
وأضاف: "بعد الانتهاء من مرحلة الكتابة، سيصار إلى عملية تدقيقه بشكل نهائي، قبل الانتقال إلى زخرفة المصحف وتذهيبه، ثم طباعته بأحجام مختلفة وتوزيعه".
وقال مستشار الرئيس للشؤون الدينية، رئيس اللجنة المشرفة على مشروع إنجاز المصحف محمود الهباش: "بعد الانتهاء من كتابة مصحف المسجد الأقصى، سنقرر أين سنطبعه".
وأضاف: "نخطط لطباعة مليون نسخة في المرحلة الأولى، بأحجام مختلفة، ليتم توزيعها لاحقا في الدول العربية والإسلامية، ليتذكر كل من يمسك المصحف، المسجد الأقصى المبارك، وواجبه تجاه المدينة المقدسة".