الحاخام الأكبر والفريضة الدينية
ضحى سعيد
يرى الكثير في الفتوى التي صدرت يوم أمس عن الحاخام الاسرائيلي يتسحق يوسف كبير حاخامي اليهود الشرقيين "السفارديم" خلال عظته الأسبوعية أمام تلاميذه، بوجوب قتل الفلسطيني الذي يحمل سكينا قبل تقديمه للمحاكمة معتبرا هذا القتل حلالا وتقربا الى الله، دعوة صريحة لقتل الفلسطينيين.
واعتبروها خطورة في الفكر والفعل المشحون بكمية تحريض كبيرة تدعو الى القتل يقودها رجل دين له أتباعه الذين لا يستهان بعددهم والمؤمنين بأفكاره، إذ له ولغيره من الحاخامات قدرة فائقة في التأثير على الرأي العام الإسرائيلي وصانعي القرار داخل المؤسسة الرسمية، في الوقت الذي تهاجم دولة الاحتلال كل ما هو فلسطيني بدعوى التحريض على العنف والقتل لا سيما الإعلام الذي ينقل الحقيقة على الأرض.
وأخطر ما في الفتوى تشريع جرائم الإعدام الميداني واستباحة الدم الفلسطيني بغطاء ديني، حين قال:" الشريعة اليهودية تسمح بقتل أي إرهابي يحمل سكينا بل إنها تعتبر ذلك فريضة". وهي الفتوى التي لا يمكن اعتبارها سابقة في تاريخ فتاوى الحاخامات، فمعظم الحاخامات في إسرائيل يتخذون مواقف متصلبة تجاه الفلسطينيين تصل حد التنافس فيما بينهم بإصدار فتاوى متطرفة وعنصرية.
عضو المجلس الثوري لحركة فتح الأمين العام للتجمع الوطني المسيحي في الأراضي المقدسة ديمتري دلياني قال إن هذه الفتوى والتي تبيح قتل الفلسطينيين وإعدامهم ميدانيا تمثل غطاء دينيا وأيدلوجيا لتمرير سياسات الاحتلال وممارساته الإجرامية بحق شعبنا، وتبرير الإرهاب الذي يمارس بحقه وهي ليست خارجة عن سياق الفتاوى الصادرة عن المؤسسات والهيئات الدينية الممولة من قبل حكومة اليمين المتطرفة.
وبين دلياني أن هذه الفتوى "ليست يتيمة في إطار التحريض المباشر على القتل تصدر من العديد من الحاخامات في إسرائيل مدعومة بغطاء سياسي وقانوني وديني يحميها، فمن يريد قتل فلسطيني ليس عليه إلا الادعاء أنه شعر بالخطر دون أن تتم ملاحقته".
ولفت دلياني إلى أن معظم الحاخامات يتلقون دعما ماليا من قبل حكومة الاحتلال بشكل مباشر عبر تمويل المدارس الدينية التي تحتضنهم، ومعظم هذا النوع من الفتاوى التي تمنح ترخيص بالقتل تصدر عن أشخاص مقربين من سياسيين وأحزاب سياسية لا سيما حزب البيت اليهودي وحزب شاس وهي تعبير عن مواقف سياسية لأحزاب تفسر عقيدتها الدينية بشكل متطرف.
وتابع "هناك عنصر مشترك لهذا النوع من الفتاوى التي تعتبر مثالا على التوظيف البشع للدين في خدمة السياسة، وهو نزع الإنسانية من الفلسطيني بالانسجام مع ما تقوم به دولة الاحتلال من نزع للإنسانية عبر جريمتها المتواصلة بحق قضيتنا وشعبنا".
وأكد دلياني على ضرورة فضح مثل هذه الفتاوى المحرضة على القتل أمام المجتمع والرأي العام الدولي للتأكيد على ان دولة الاحتلال ليست تلك الدولة الديمقراطية والإنسانية التي تدعي الديمقراطية لا سيما وان الدول الديمقراطية لا تقوم على الفتاوى.
المختص بالشأن الإسرائيلي عادل شديد اعتبر ان هذه الفتوى التي خرجت من مسؤول ديني هي "محاولة لإعادة دور اليهود الشرقيين المتدينين إلى الحياة السياسية في اسرائيل بشكل قوي لا سيما، وانه وجه حديثه للجنود والمواطنين لقتل منفذي العمليات والإرهابي المخرب الذي يحمل سكينا بحسب الحاخام دون خوف وعدم الالتفات لموقف رئيس الأركان ومحكمة العدل العليا باستعمال فتوى دينية لاستباحة قتل الفلسطينيين، وهو بذلك يحاول وضع الديانة اليهودية موضع المرجعية بعيدا عن الجيش والجهاز القضائي.
وبين شديد أن هذه الفتوى تحمل دعوة موجهة للجنود الإسرائيليين الى التمرد على قيادتهم بغطاء وشرعية دينية كونه اعتبر القتل في هذا الإطار فريضة دينية، وهنا يكمن الخطر لا سيما وان الصراع في إسرائيل اليوم هو صراع من يسيطر ويقود الدولة".
وأضاف:"هذه الفتوى هي دعوة صريحة ومحرضة على قتل الفلسطينيين تعكس مدى الرؤية الاستهتارية للروح والقيمة للإنسان الفلسطيني، وهو بذلك يعيد تكرار مقولة إن العربي الجيد هو العربي الميت".
وانتقد المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، رئيس مجلس الإفتاء الأعلى الشيخ محمد حسين الفتوى، وقال إنها تنم "عن عنصرية بغيضة ضد الفلسطينيين والعرب مشبعة بروح الجريمة واستهواء سفك الدماء، وهي تتنافى مع الشرائع السماوية والأعراف والقوانين الدولية التي تمنع المس بالآخرين ودينهم وعباداتهم"، مبيناً أن هذه الفتاوى العنصرية سبقتها أخرى شبهت الفلسطينيين بالأفاعي والعقارب، داعياً إلى "فضح هذه الفتاوى العنصرية المتطرفة".