اقتصاديون: دعوة فياض للشركات المستفيدة من الإعفاءات الضريبة تحمل رسائل متعددة
وفا- زلفى شحرور
يتساءل الكثيرون عن فعالية الدعوة التي أطلقها رئيس الوزراء سلام فياض، لشركات القطاع الخاص بالمبادرة وتأجيل الاستفادة لثلاث سنوات من الإعفاءات الضريبية الممنوحة لها بموجب قانون تشجيع الاستثمار، والتي تقدر قيمتها بين 40-50 مليون دولار سنويا.
ووصف اقتصاديون هذه الخطوة بالمهمة، متوقعين استجابة القطاع الخاص لها ورأوا أنها تبعث برسائل للقطاع الخاص والمانحين، بجدية السلطة في التعامل مع الأزمة المالية التي تعانيها والتي وصفوها بالحادة.
ودعا فياض في كلمته خلال افتتاح الملتقى السنوي الخامس لسوق رأس المال الاثنين الماضي، بمدينة رام الله، الشركات المستفيدة من تسهيلات تشجيع الاستثمار إلى المبادرة الطوعية بتأجيل الاستفادة من الحوافز الضريبية التي يوفرها قانون تشجيع الاستثمار لمدة ثلاثة أعوام،" بما يعنيه ذلك من إسهام مباشر في تعزيز وزيادة قدرة السلطة الوطنية على الاستغناء عن المساعدات الخارجية".
وقال مدير عام مركز الدراسات الاقتصادية" ماس" سمير عبد الله: "إن "حجم الأزمة كبير ومتراكم ولا يمكن حلها محليا، لكن البحث عن حلول محلية أمر مهم جدا لأنها تساهم وتحفز الدعم الدولي، وعادة الدول المانحة تنظر إلى الإجراءات التي يتخذها صاحب الأزمة، وهل تذهب هذه الإجراءات في الاتجاه الصحيح بترشيد الإنفاق وخلق الإيرادات لتخفيف العجز".
ويرى عبد الله أن مثل هذا القرار ربما يكون تأثيره رمزيا أكثر من تأثيره الفعلي، لأن نسب الضرائب هي ضئيلة جدا ولا تتعدى 15% من نسب الربح الصافي، وهو عبء يمكن تحمله.
ووصف عبد الله الإعفاءات الحكومية في قانون تشجيع الاستثمار بالسخية، وأن الشركات التي استفادت من الإعفاءات لفترة طويلة أو خلال السنوات الثلاث الماضية عليها التعاطي مع الأزمة.
كما يعتقد أن القطاع الخاص سيستجيب لهذه الدعوة، خاصة وأن الإعفاء بالأساس منحة من السلطة التي فضلت التنازل عن حقوقها، وهي اليوم في وضع صعب وبحاجة إلى هذه الأموال.
ولا يختلف أستاذ الاقتصاد في جامعة بير زيت نصر عبد الكريم مع عبد الله، بأن مثل هذه الخطوة تبعث برسائل إلى الدول المانحة والمؤسسات الدولية، بالقول إن الحكومة تحاول وتفحص كل الخيارات.
ويضيف عبد الكريم، "ربما استغل رئيس الوزراء الملتقى وبعث برسالة مهمة للقطاع الخاص نفسه بأن الفترة التي استفادوا منها بالإعفاءات الضريبية قد تجمد الآن وقد تنتهي، ويصبح مطلوبا منهم ضرائب أكثر وعليهم تحمل أعباء أكثر، وأن الأوان قد حان لرد الجميل.
ولا يرى عبد الكريم أن الخطوة تشكل جزءا كبيرا من الحل ولكنها هامة لأنها قد تشكل بداية جديدة في التعامل مع القطاع الخاص، موضحا أن الهيكل الضريبي للسلطة من أفراد ومؤسسات لا يتجاوز 10 مليون دولار شهريا وهو مبلغ قليل جدا، ولا تتجاوز مساهمة الشركات فيه أكثر من 2 مليون دولار في الشهر.
كما يرى أن الأزمة التي تعاني منها السلطة لا يمكن حلها على المستوى الإداري والفني، وتحتاج لقرار سياسي، خاصة وأن العجز الذي تعاني منه السلطة كبير وخاصة إذا ما استمرت إسرائيل باحتجاز أموال الضرائب.
ويبلغ عدد الشركات المعفاة من الضريبة بموجب قانون الاستثمار حوالي 300 شركة تتراوح قيمة ضريبتها بين 40-50 مليون دولار سنويا حسب ضريبة الدخل في وزارة المالية.
ولا يتوقع مدير عام ضريبة الدخل في وزارة المالية حمزة زلوم، أي اختلاف في أرقام ضريبة الدخل لهذا العام عن العام الماضي إلا بفوارق بسيطة، مبينا أنه تم تحصيل 518.3 مليون شيقل عن العام 2010، ولا يستطيع توقع قيمة ضرائب العام 2012، لأن التعديلات على قانون ضريبة الدخل الصادر في أيلول الماضي ستكون نافذة.
ويقول زلوم، "إن وزارة المالية حققت قفزات كبيرة في تحصيل ضريبة الدخل خلال الأعوام الماضية، موضحا أن ضرائب العام 2008 والتي تعتبر سنة أساس وصلت إلى 235 مليون شيقل، وفي العام 2009 وصلت إلى 383 مليون شيقل.
يشار إلى أن ضرائب الدخل التي يتم جبايتها هي فقط ضرائب من الضفة الغربية، حيث أعفت السلطة قطاع غزة من دفع الضرائب بعد الانقسام في عام 2007، وكانت تصل قيمة ضرائب قطاع غزة لحوالي 70 مليون شيقل.
ويؤكد زلوم أن الظروف السياسية والاقتصادية تنعكس وبتحسن الناتج القومي، لافتا لقيام بعض القطاعات بدفع ضريبة الدخل مثل البنوك بنسبة 15%، وتقوم أيضا بدفع قيمة الضريبة المضافة بنسبة 14% ما يعكس نفسه سلبا في حجم ضريبة الدخل، بعكس ما يحدث في بعض الدول التي تقوم بدفع ضريبة واحدة.
ولا ينفي زلوم أن حجم ضريبة الدخل يعتبر بالقليل مقرونا بدول أخرى، معيدا ذلك لسياسة حكومية، لافتا لحجم تهرب ضريبي كبير تصل قيمته لحوالي 30% من حجم الضريبة.
ويضيف، "التهرب الضريبي يعود لعدم الاستجابة الطوعية للمكلفين بدفع ضريبتهم، ومرد ذلك غياب نظام العقوبات وتحصيل فاعل بسبب غياب الإمكانيات المتاحة للدوائر الإيرادية، والتهرب قد يكون قانونيا بالاختلاف حول تفسير القانون، وقد يكون بإخفاء معلومات أو إدارة حسابات بطريقة غير أصولية".
ويوضح أن التهرب الضريبي يمكن أن نجده بصورة كبيرة بين المكلفين الأفراد، لكن هناك شركات استفادت من قانون تشجيع الاستثمار تحاول التهرب، وفي حال وجود خلاف حول قيمة الضريبة يتم حله وديا أو بالتقاضي أمام محكمة الاستئناف الخاصة بضريبة الدخل والتي ما زال الأداء فيها ضعيفا.
وينص قانون تشجيع الاستثمار كما يقول مدير عام هيئة تشجيع الاستثمار جعفر هديب، على أن كل الشركات المنتجة الزراعية والصناعية والسياحية وغيرها والتي لا يقل رأسمالها عن 250 ألف دولار باستثناء الشركات التجارية معفاة من الضريبة لمدة 8 سنوات وذلك حسب التعديلات الأخيرة للقانون والتي أقرت في نيسان الماضي.
ويضيف، "قانون تشجيع الاستثمار لعام 1998 ينص على إعفاء كل شركة لا يقل رأسمالها عن 100 ألف دولار من الضرائب لمدة خمس سنوات، وبعدها إعفاء بنسبة 50% لخمس سنوات جديدة.
ويؤكد هديب أن دعوة رئيس الوزراء هي دعوة طوعية ولا يوجد لها أي صفة ملزمة لأن القانون يكفل هذا الحق.