مشهد مريع لحافلة المعتمرين
رشا حرزالله
الساعة التاسعة والنصف مساء، أغمض فارس عينيه لبرهة من الوقت، بعد أن شعر بإعياء ساعات السفر الطويلة، وما هي إلا دقائق حتى انقلبت الحافلة لينام بعضهم نومهم الأخير.
فتح فارس الذي جلس في الجزء الأخير من الحافلة، عينيه مفزوعا، بعد أن شعر بها تحيد عن مسارها للناحية الشمالية: "صوت الفرامل أفزعني، جميع الركاب كانوا يصرخون، انقلبت الحافلة بعد أن غفا سائقها لثوان".
بعد انقلابها حاول فارس مساعدة من علقوا داخل الحافلة، بعد أن تمكن هو من الخروج منها، كان المشهد في المقاعد الأمامية مريعا: "مددت يدي من فتحة الشباك، حاولت إخراج الناس، كان في المقعد أمامي طفلان برفقة والدتهما أحدهما لا يتجاوز التسعة أشهر، والآخر سنتين، عملت جاهدا على إنقاذهما لكنني لم أستطع، علمت فيما بعد أنهما من ضمن الشهداء".
تفقد فارس الحافلة التي أصبحت كومة حديد، كانت جثث المعتمرين متكومة فوق بعضها البعض، والدماء تسيل من أجسادهم: "الكلمات لا تصف هول المشهد، سمعت صوت أنين الركاب وهم يتألمون، معظم حالات الوفاة ممن كانوا يجلسون بالقرب من سائق الحافلة، كان هناك معتمرون من جنين ورام الله وبلدة دير الغصون شمال طولكرم".
سرد فارس عبر الهاتف تفاصيل انقلاب حافلة المعتمرين، بالقرب من منطقة المدورة على الحدود الأردنية السعودية، والتي كان من المفترض أن تصل الأراضي السعودية مساء اليوم الخميس، الأمر الذي أدى إلى استشهاد 16 مواطنا، وجرح 34 آخرين.
وتعمل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالتنسيق مع إدارة المعابر والحدود، على تسهيل وتسوية إدخال جثامين الضحايا لفلسطين، وعمل الأوراق اللازمة لهم، خاصة بعد أن فقدت أوراقهم وجوزات سفرهم في الحادث، في حين تم التعرف على هوياتهم، بعد حضور عائلاتهم إلى العاصمة الأردنية عمان.
وبحسب وزير الأوقاف والشؤون الدينية يوسف ادعيس المتواجد في الأردن، فإن من بين الشهداء طفلان، كانا برفقة والدتهما التي أصيبت بجراح متوسطة.
وأشار ادعيس إلى وجود إصابات حرجة لمعتمرين تم نقلهم جميعا إلى المدينة الطبية، في العاصمة الأردنية عمان، فيما سيعلن فور انتهاء الإجراءات اللازمة عن إعادة جثامين الشهداء إلى فلسطين.
ــ