"عتصيون"....دوار الموت
- دعاء زاهدة
لم يعد الخروج من الخليل جنوب الضفة الغربية سهلا على الاطلاق، فالحواجز الإسرائيلية في كل مكان، وإن كتب لاحد الخروج منها فإنه لا يعلم ان كان سيعود اليها مجددا أم أن رصاصة إسرائيلية ستكون أسرع إليه.
على مشارف المدينة وتحديدا على مدخلها الشمالي، مربعات إسمنتية تغلق نصف مسرب الدخول والنصف الآخر للخارجين، لتسمح لسيارة واحد بالمرور عبرها، خالقة أزمة مرورية خانقة في ساعات الذروة. وجنود مدججون بالسلاح يتمركزون ليس ببعيد تحسبا لأي أمر كإغلاق الشارع أو تعطيل حركة المواطنين.
6 كيلومترات الى الامام وبالتحديد على مدخل بلدة بيت أمر سيارة عسكرية إسرائيلية، تقف بشكل شبه دائم، تدقق في البطاقات الشخصية للمواطنين، وتطلق دون سابق إنذار قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع باتجاه المواطنين الذين يقفون على جانبي الشارع المسمى 60 بانتظار سيارات الأجرة.
على مدخلي مخيم العروب وكلية فلسطين التقنية اللذين لا يبعدان عن مدخل بيت امر سوى كيلومتر واحد، نقطتان عسكريتان دائمتان، لا مجال لتجاوزهما، حركات استفزازية لطلاب المدارس والمشاة المتوجهين إلى أعمالهم، قد تشعل مواجهات مفاجئة تفضي غالبا الى سقوط شهداء، كما حصل مع الشهيد عمر يوسف الجوابرة الطالب المتفوق الذي أصابته رصاصة قناص في صدره على مدخل المخيم، وحقيبته ما زالت على كتفيه في العاشر من شباط الماضي.
وعلى بعد مئات الأمتار من مخيم العروب مفترق دائري تردد اسمه كثيرا في الآونة الاخيرة، وارتبط بسقوط العديد من الشهداء، انه مفترق "عتصيون"... جنود مدججون بالسلاح، ومستوطنون يشهرون سلاحهم بوجه أي فلسطيني قد يترجل من سيارته في الشارع الرئيسي الذي يربط بيت فجار وبيت لحم والخليل بالمدن والقرى المجاورة.
تعتبر "كفار عتصيون" واحدة من مجموعة المستعمرات التي أنشئت على رؤوس الجبال وفي مناطق استراتيجية مشرفة تتحكم بطريق القدس- بيت لحم- الخليل، وقد هُيئت لتؤدي دورا عسكريا منذ صدور قرار التقسيم عام 1947.
تحولت منطقة تجمع مستوطنات عتصيون، والتي تضم 22 مستوطنة، وتضم اكثر من 70.000 مستوطن الى ثكنة عسكرية هي الأخطر على المواطنين الفلسطينيين المستخدمين للطريق يوميا، وسقط على مفترق هذا التجمع الاستيطاني اكثر من 13 شهيدا منذ اندلاع الهبة الجماهيرية مطلع تشرين الأول الماضي، جلهم أعدم بدم بارد بحجج محاولات طعن أو دهس، وكان آخرهم الشهيد محمود محمد أبو فنونة (21 عاما) الذي استشهد أمس برصاص جنود الاحتلال المتمركزين على المفترق بزعم محاولته طعن أحد الجنود.
وقال راجي أحمد أبو فنونة، وهو عم الشهيد محمود الذي شيع جثمانه اليوم، "ان لقطات فيديو التقطها شهود عيان للشهيد محمود، اظهرت انه كان في طريق عودته من بيت لحم، وعلى مفترق "عتصيون" قام مستوطنون بمحاولة استفزازه داخل سيارته، فتوقف لشكواهم لجنود الاحتلال، الا ان احد الجنود قام بسحبه خارج السيارة ورميه على الأرض، ومن ثم شرع وبقية الجنود بإطلاق الرصاص على رأسه مباشرة بنية القتل".
العديد من الشهداء سقطوا على مفترق الموت، ففي التاسع عشر من تشرين الثاني العام الماضي ارتقى الشهيد شادي عرفة برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، في نفس المكان، وادعت قوات الاحتلال وقتها أنها 'أطلقت النار بالخطأ! على الشاب عرفة أثناء مروره بالمكان!