عروض التخفيضات .. تحايل "عيني عينك"
أسيل الأخرس
كأن لوحة الإعلان عن تخفيضات في محل ما، شاخصة خاطئة تستدرج المواطن الى طريق خاطئ. فالمار في أسواق المدن يكاد لا يرى إلا لوحات على واجهات المحال تتضمن تخفيضات بألوان مختلفة، وبنسب متفاوتة، بينما تضج وسائل التواصل الاجتماعي والإذاعات المحلية بإعلانات عن تخفيضات في عدد كبير من المحال، تزامنا مع نهاية الموسم أو المناسبات الاجتماعية كعيد الأم، ويتبين أن معظمها "فخ" لا يخرج منه المواطن على الأغلب إلا وقد "تعور" جيبه.
قال مدير الادارة العامة لحماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني إبراهيم القاضي "المواطنون يفاجأون بأن العروض المعلنة على واجهات المحال وفي الإعلانات التجارية، لا تشمل كافة الأصناف والسلع الموجودة في المحال فيما تقتصر على سلع محددة بعينها، ناهيك عن ان السلع المشمولة بالتخفيضات لم تكن بدورها مسعرة اصلا ليعرف المواطن ان كان هناك تخفيض فعلا ام لا".
وأضاف القاضي: أكثر الإعلانات المضللة في قطاع الملابس والأحذية، خاصة في الأعياد والمواسم، فيما تحتاج الرقابة على العروض والتصفيات إلى لوائح تنفيذية لتطبيق القانون المعمول به حاليا، والذي اعتبر عدم مصداقية الاعلانات الخاصة بالتصفيات أو التنزيلات، تضليلا، لكنه لا يجرم المخالفين ويكتفي بمطالبتهم بإزالة الإعلان ووقف الحملة.
وأضاف: القانون يجرم المخالفين في حالة وقوع ضرر مادي على المواطنين جراء اعلان مضلل، وفي هذه الحالة تحول القضية إلى محكمة البداية التي تحدد العقوبة بحجم الضرر المترتب عليها.
وشدد القاضي على أهمية وضوح الإعلانات، بما في ذلك بعض الكلمات الواردة فيها، وشروط الحملة، لافتا إلى أن هناك العديد من المحال والشركات الملتزمة بمواصفات العرض والحملات المعلنة، مطالبا بضرورة وقف الحملات والاعلانات المضللة وتغريم المخالفين.
وعن دور الوزارة في ضبط السوق، قال القاضي: بعدما صدر قرار وزاري في العام 2013 بالاستناد إلى قانون حماية المستهلك بالرقابة على المحال والمنشآت، تقوم الوزارة بجولات تفتيشية على أكثر من 44 ألف منشأة، وهناك جهود من الوزارة والمؤسسات المعنية لتعديل قانون حماية المستهلك لينص على تجريم صاحب الإعلان المضلل، بالإضافة إلى وضع نظام خاص لتنظيم العروض ومتابعتها وتحديد فترة زمنية لها، وأسبابها ومبرراتها، ومعلومات عن الكميات والأنواع التي يشملها العرض، ووضوح الإعلان بشكل كامل.
وبحسب وزارة الاقتصاد، فقد سجلت عشرات المخالفات ضمن الاعلان المضلل في قطاع المنشآت السكنية ولشركات الشحن، العام الماضي، فيما اعتبرت الوزارة قطاع الأغذية من أكثر القطاعات الملتزمة بالتنزيلات والعروض المعلنة.
من جهته، قال رئيس جمعية حماية المستهلك صلاح هنية، ان غياب نظام وقانون لتنظيم الحملات والعروض التجارية تجعل المواطن فريسة سهلة للتجار غير الملتزمين.
وأضاف، يجب تسجيل الحملات والتخفيضات في وزارة الاقتصاد الوطني، بما يشمل تحديد بدايتها ونهايتها، والاطلاع على الأسعار قبل وبعد العرض، على ان يتم بيع ما يتبقى من سلع، خاصة الملابس، بأسعار التصفية (outlet)، مشيرا إلى أن البضائع التي لا تباع خلال فترات العروض يتم بيعها في بداية الموسم الجديد بسعر عالٍ على خلاف لما هو معمول به في دول العالم.
وأشار إلى غياب أي ضوابط تلزم التاجر والشركات الكبيرة بمراسلة الوزارة حول الحملات والعروض التي تعلن عنها المحال، لافتا الى انه يتم تسجيل الحملات التي فيها سحوبات في وزارة الاقتصاد.
وتابع، إن هناك محلات تضع علامات وإشعارا بالتخفيضات، في حين أن عددا محدودا من السلع داخل المحل يكون مشمولا بالعرض، لافتا الى بعض الطرق التي يستخدمها التجار في التحايل على المواطنين كشروط الحملات التي تتضمن "لحين نفاد الكمية"، وذلك لإمكانية التبرير بأن الكمية المشمولة بالعرض انتهت في ساعة او في يوم او اسبوع.
واعتبر ان التخفيضات الكبيرة الموجودة في السوق، اثبتت للمواطن ان هامش ربح التجار كبير، وان التاجر يستطيع البيع وتحقيق ربح في ظل أسعار التخفيضات، خصوصا في محلات الادوات المنزلية والاجهزة الكهربائية التي يختلف السعر بشكل كبير وبفارق مفاجئ.
وعن دور جمعية حماية المستهلك، قال هنية "نحاول عبر مواقع التواصل الاجتماعي توعية المواطنين وضرورة التبليغ في حال الإعلانات المضللة او التخفيضات الوهمية"، داعيا كذلك إلى ضرورة التأكد من تفاصيل العروض والحملات.
وتابع: أصدرنا مسودة نهائية لقانون حماية المستهلك بالتعاون مع وزارة الاقتصاد، ونيابة الجرائم الاقتصادية ومؤسسة المواصفات والمقاييس، والدائرة القانونية في رئاسة الوزراء، نسعى من خلالها الى اصدار نسخة قانونية للمصادقة عليها من مجلس الوزراء.
وعن اهم ما جاء في النسخة النهائية قال، "ناقشنا إعداد المجلس الفلسطيني لحماية المستهلك، وتعديل المادة 27 من قانون العقوبات ليتناسب فيها الجرم مع العقوبة، وتحديد جهات الاختصاص للحد من التنازع بين الجهات الرقابية"، مشيرا الى مطالبتهم بأن تتضمن اللوائح التنفيذية للقانون المعدل تفاصيل الحملات التجارية والتخفيضات والتعديلات الأساسية.
ودعا الوزارة إلى ضرورة ضبط عملية الحملات والتخفيضات من خلال الزام المنشآت بمراسلتها لتحديد مواصفات العروض والحملات، وفترتها الزمنية، ونوعية السلع المشمولة بالعرض.
"حركة غير اعتيادية نرى فيها المواطنين بمختلف الاعمار يرتادون الأسواق والمحال المنتشرة في المحافظات حين التنزيلات"، هذا ما أكده صاحب أحد محلات الألبسة في رام الله، والذي فضل عدم ذكر اسمه.
وقال: نبيع في فترة التخفيضات اكثر مما نبيعه خلال الموسم كله.
وأوضح أن أصحاب المحال يضطرون الى الالتزام بفترة التخفيضات التي تكتسح السوق، مضيفا ان "حاجة التجار إلى السيولة تدفعهم الى تخفيض أسعار السلع، بالإضافة الى ان حجم المبيعات الكبير تعوض هامش الربح للتاجر".
وأشار الى ان أسباب ارتفاع أسعار السلع يرجع إلى ارتفاع الضرائب وإيجار المحال وارتفاع التكلفة التشغيلية والأيدي العاملة، لافتا إلى أن وزارة الاقتصاد تقوم بزيارة محله مرتين تقريبا خلال العام، للتأكد من التزامه بالأسعار وتسجيله للفواتير.
فيما ترى المواطنة إسراء الشمالي، ان حملات التخفيضات في نهاية المواسم باتت ملجأ المواطنين كافة لتفادي ارتفاع أسعار السلع خلال الموسم، وتقول "السلع في التخفيضات تباع بأسعار تتناسب مع دخل أسرتي، وتمكنني من شراء الملبوسات والأحذية الجديدة لأستفيد منها وأسرتي خلال العام المقبل".
وتابعت: بت أرى واحدد ما اريده من السوق وانتظر فترة التنزيلات لشراء ما أعجبني لي ولأفراد أسرتي، لكن غالبية المحال لا تلتزم بما تكتبه على واجهات المحال، وعندما ادخل الى المحل أتفاجأ بأن سلعا غير مشمولة بالعرض والإعلان".