مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

المقيم المؤقت

احمد هوشة

رامي سمارة وإيهاب الريماوي

كيف لأحمد أن ينسى تلك الليلة التي اضطر فيها لتسلق مقطع من الجدار الفاصل بعلو ثمانية أمتار شمال القدس لينام في سريره؟

حينها اعتقل أحمد من القدس بحجة أنه يتواجد في المدينة "مخالفًا" دون تصريح، فأخذه جنود الاحتلال إلى معسكر غرب رام الله داخل مستوطنة "موديعين" المقامة على أراضي المنطقة.

أطلق الجنود سراحه بعد ساعتين من التحقيق، ونهوه عن العودة إلى بيت حنينا حيث تقطن عائلته منذ ولادته عام 1992.

"بعد الثامنة عشرة كنت أضطر لاستصدار تصاريح تخولني بالعودة إلى منزلي". قال أحمد الذي انفصل والداه عام 2003، وبموجب "القانون" أعطي حق حضانته وشقيقيه مهدي وإيمان، لوالدتهم.

قبل شهرين انتهى مفعول آخر تصريح صدر لأحمد هوشة، ومنذ ذلك الوقت لم ير وجه أمه.

"والدتي التي عملت في فندق لتربيتنا كيف لا أشتاق لرؤيتها، هذا الهاتف لا يفي بالغرض "الحكي مش مثل الشوف"

لم يتخيل أن تطلب والدته منه ذات يوم ألا يعود، ولكنها فعلت ذلك، ليس كرهًا له إنما خشية من اعتقالته مجددًا، حيث كان قد اعتقل في السابق أربع مرات لأنه "مخالف".

بقيت إيمان ومهدي اللذان يصغران أحمد بعامين وثلاثة على التوالي، في حضن والدتهم "كلفدان"، بعد أن أقرت السلطات الإسرائيلية بأهليتهما في حمل إقامة دائمة تسمح لهما بالعيش في القدس إلى أن يحصلا على "الهوية الزرقاء".

"أما معاملتي بقيت عالقة في أدراج مخابرات الاحتلال لسبع سنوات، قبل أن يصبح مصيرها الرفض، إذ اتفقت المخابرات ووزارة الداخلية على حرماني من هذا الحق. قالوا لي حينها: أصبحتَ فوق الثامنة عشرة، وعليك الآن أن تغادر القدس، واختر أي مكان في الضفة لتعيش فيه".

لم يتقدم أحمد لامتحان الثانوية العامة، مستقبله المجهول ترك أثرًا على خياراته، لم يكن يعلم أين سيقدم "التوجيهي"، فلا أوراق في الدوائر الإسرائيلية تثبت أنه طالب، وحين وصل إلى طريق مسدود اضطر لترك الدراسة في منتصف الصف الحادي عشر، "لا أستطيع أن ـتقدم للامتحان لا في القدس ولا في الضفة، فلست أحمل أي وثيقة تثبت من أنا!"

في نهاية المطاف أجبرته الظروف على استصدار بطاقة هوية "خضراء"، وبعد أن طُلب من والده الحضور لإثبات شخصية أحمد، دفع مبلغ 30 دينارًا غرامة تأخير.

"كنت حين أذهب لأي مستشفى للعلاج يطلبون مني إثبات شخصية أو بطاقة هوية على الأقل، وكذلك في أي معاملة أتقدم لها، كرخصة السياقة، الآن أحمل هذه الهوية التي صدرت في السادس عشر من شهر أيار/ مايو عام 2012".

حاليًا يعمل أحمد في مجال صيانة الثلاجات بإحدى الشركات الفلسطينية في رام الله منذ أن استقر في أحد أحياء المدينة قبل شهر، وخلال السنوات الأربع الماضية كان يقيم في القدس بشكل "غير قانوني"، ولأنه بلا إثبات شخصية كان يجد صعوبات في العثور على عمل في القدس، وفي إحدى المرات اعتقل لمدة ثمانية وعشرين يومًا لأنه دخل المدينة دون تصريح.

كأن الأيام توقفت لديه، لا عمل ولا حياة، كان يجلب التهمة لأي شخص يعمل لديه، أضحت خياراته محدودة، لم يعد له مكان، حتى أصدقاءه لم يعد يراهم، المسافة والحواجز والتشديدات الأخيرة جعلت التنقل من القدس إلى رام الله في غاية الصعوبة.

"أشعر بالغربة. أصدقائي هنا يُعدون على أصابع يد واحدة، حتى رام الله لا أعرفها بشكل جيد. أعيش في سجن كبير رغم أن هذه شقة والدي وزوجته. صباحًا أتوجه إلى العمل ومن ثم أعود إلى ذات الحجرة التي قلّما ما أغادرها، أصبحت أشعر بأنني منكمش على نفسي، حياتي الاجتماعية لا تكاد تطاق".

هناك في بيت حنينا كان يجلس أحمد كل مساء على مدخل المنزل، أمامه حديقة وأشجار، وفوقه سماء، لا حدود له ولا جدران تحدّ حركته.

"في منزلنا هناك حصلنا على تراخيص لإضافة طابقين على المبنى، أحدهما لشقيقي مهدي سيبدأ بتعميره في شهر نيسان/ أبريل القادم، والآخر يفترض أنه لي، ولست أعلم متى يمكنني أن أبدأ البناء.

وفي ذلك البيت أسرّت له والدته "كلفدان" بأنها تخشى عليه كثيرًا رغم أنه بلغ الرابعة والعشرين من العمر، تخاف أن يعتقل ويبقى في السجن لفترة طويلة، أشارت عليه ذات مرة أن يذهب بحثًا عن عمل في الضفة حتى يجمع نقودًا تمكنه من خطبة فتاة مقدسية، وكان ذلك الخيار الوحيد للتقدم مجددًا لمعاملة لمّ الشمل.

محامي أحمد قال له إن "القانون في إسرائيل" لم يترك ثغرة واحدة للتحايل على ملفه، رغم كل الأوراق والمستندات التي قدمت إثباتًا بكونه مقدسي وابن مقدسية.

"الآن هم يرفضون طلبات التصاريح لزيارة أمي في القدس دون إبداء الأسباب، سوى التذرع بالأوضاع الأمنية، وفي الحقيقة، أخشى أن لا أجد من يوافق أهلها على تزويجي إياها لأني أصبحت من حملة الهوية الفلسطينية، فلا أعود أرى وجه أمي في القدس".

 

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024