من يجيب عن سؤال الطفل أحمد دوابشة؟
بلال غيث
"اين أمي وأبي؟" سؤال يطرحه باستمرار الطفل أحمد دوابشة، الناجي الوحيد من أسرته التي قضت على أيد مستوطنين قبل أشهر في "محرقة دوما"، لدى عودته إلى قريته، اليوم الأربعاء، انعقدت أمامه ألسِنَة مستقبليه من عائلته وأبناء القرية.
أحمد أصيب بحروق في جسده بنسبة 81 بالمائة، بعد أن أضرم مستوطنون النار في منزله في 31 تموز الماضي، حيث توفي على الفور شقيقه الرضيع علي، وبعد أسابيع توفي والده سعد ثم والدته رهام، وبقي في المستشفى لشهور، ولا يزال علاجه متواصلا حيث يقدر الأطباء حاجته في المرحلة الثانية من العلاج لشهور لعملية تأهيل طويلة.
قال الجد المكلوم، حسن دوابشة، أمك في الجنة. هذا ما نستطيع أن نقوله له. هو يعلم أنها في الجنة. هكذا قلنا له قبل شهر تقريبا عما حدث مع عائلته، والتي لم يكتف المستوطنون بجريمة إبادتها، بل سعوا الى طمسها بإحراق منزل الشاهد الوحيد على الجريمة إبراهيم الدوابشة، قبل يومين، لكنه نجا بأعجوبة.
ويسأل الجد المكلوم: ماذا سيقول العالم للطفل أحمد عندما يحمل صورة أمه وأنه يريد أن يجلس في حضنها؟، لا يعقل ما تتعرض له العائلة.
وسيبقى المنزل المحترق، في القرية المطلة على الغور، شاهدا على الجريمة، التي وصفها مؤرخون ومراقبون بأنها واحدة من أبشع عشر جرائم سجلت في التاريخ في المائة عام الأخيرة.
دوابشة عاد اليوم لقريته دوما قادما من العاصمة الإسبانية مدريد، حيث كان في ضيافة نادي ريال مدريد برفقة جده، وبدا فرحا للغاية بلقاء نجوم النادي الشهير، وعلى رأسهم كرستيانو رونالدو، الذي بثت وسائل الاعلام في مختلف انحاء العالم لقطات له مع الطفل أحمد يمرران لبعضهما الكرة في الملعب.
وكان الطفل أحمد وجده وصلا الى رام الله قبل توجههما إلى دوما، اليوم، حيث وضعا إكليلا من الزهور على ضريح الرئيس الشهيد ياسر عرفات في رام الله.
وقال الجد دوابشة للصحافيين انه سيجوب العالم بأحمد لنقل معاناة الشعب الفلسطيني، وإيصال ما يتعرض له من محرقة جديدة على يد المحتل الإسرائيلي، "فنحن لا ننتظر الانصاف في القضاء الاسرائيلي".
وأضاف، "لا نثق بالقضاء الإسرائيلي، وسوف نعمل بالتعاون مع وزارة الخارجية الفلسطينية وبتنسيق كامل مع المختصين من أبناء شعبنا لنقل قضية حرق عائلة دوابشة لمحكمة الجنايات الدولية لإدانة دولة الاحتلال ومستوطنيها، فمحاكم الاحتلال في قضية دوابشة هي عبارة عن مهزلة بكل ما تعني الكلمة".
المتحدث بإسم العائلة، نصر دوابشة، قال في مؤتمر صحفي عقد في مقر وكالة "وطن" برام الله إن "أحمد يعود اليوم إلى قريته دوما معافى بعد أن خرج منها محترقا. يحتاج لتأهيل طويل يمتد إلى 4 شهور في المرحلة الثانية من العلاج، ويحتاج أيضا إلى عدة عمليات في يده اليمنى ورجله اليسرى، ووضعه الصحي في تقدم مستمر، وبعد ذلك سينتقل أحمد للمرحلة الثالثة من العلاج وهي التجميل التي قد تستغرق 8 سنوات، وسيتم التعامل مع أذنه اليمنى، التي تعرضت للتشويه، لإعادتها لشكلها الطبيعي".
وأضاف: نحن نسعى بالتعاون مع الحكومة الفلسطينية لنقل أحمد للعلاج خارج فلسطين، فلا يعقل أن يبقى علاجه في المستشفيات الإسرائيلية".
وفي هذا السياق، لفت نصر دوابشة الى أن المستوطنين ما زالوا مصرين على إيقاع أكبر ضرر بعائلة دوابشة وبقرية دوما، فقبل أيام تعرض الشاهد الرئيس في قضية إحراق عائلة دوابشة لمحاولة اغتيال بنفس السيناريو الذي حدث مع عائلة سعد: كسرو شباك غرفة النوم وقاموا بإلقاء القنابل شديدة الاحتراق داخل المنزل، ولكن إبراهيم وزوجته تمكنا من الخروج.
وشدد على أن كل اعتداءات المستوطنين المتكررة على قرية دوما لن تدفع أهلها للرحيل، وسيواصلون التصدي لإجراءات الاحتلال الإسرائيلي الهادفة إلى تهجيرهم من أجل إحلال المستوطنين مكانهم، وقال ان "إرهاب المستوطنين لن تثني شعبنا عن الصمود والتحدي وإقامة دولته المستقلة".