وداعًا حمدان عاشور- محمود أبو الهيجاء
لم أعرف حمدان عاشور إلا لمامًا، فأنا من الجيل الثالث في الثورة الفلسطينية، جيل ما بعد نكسة حزيران، إن صح التقدير والتعبير، والقائد الفتحاوي عاشور الذي رحل عنا يوم أمس من الجيل الأول، غير أني ما إن أصبحت ضليعا بفتح بهذا القدر الذي أصبحت فيه منشغلا فيها وبها، حد انشغال المريد بمعلمه، بل وحد انشغال القلب بمحبيه، حتى صرت أسمع عن حمدان عاشور الذي بدأ الكفاح المسلح منذ خمسينيات القرن الماضي ضمن مجموعات شبابية فلسطينية، كانت تسعى إلى شق دروب الثورة وتفجيرها حتى اهتدى إلى فتح وانتمى إليها منذ ذلك الوقت.
قليلة هي المرات التي التقيت فيها الراحل الكبير، ولكن كثيرة هي الحكايات التي سمعتها عنه، وهي حكايات بمجملها كانت تتحدث عن مناضل اقتحم المستحيل والصعب معًا، في مسيرته النضالية، من أجل ديمومة الثورة وسلامتها، وسلامة نهجها، كي تواصل مسيرتها نحو تحقيق كامل أهدافها العادلة.
كما أنها حكايات كانت تتحدث عن سلامة وسلاسة علاقاته الإنسانية مع رفاق الدرب ومع الأهل والأصدقاء، وبقدر إنسانيته كان وطنيًّا إلى أبعد حد حتى بتعصبه الفتحاوي الذي كان يراه معبرًا عن هذه الوطنية بأرقى أشكالها وروحها.
وعاشور كان المبعوث الأول لحركة فتح في النمسا وألمانيا، وفي العام 1968 كان أمين سر إقليم حركة فتح في لبنان حتى نهاية عام 1972، شغل بعدها موقع نائب مفوض التعبئة والتنظيم، وفي عام 1989 انتخب أمينًا لسر المجلس الثوري، وفارقنا بحادثة التراب الموجعة، وهو عضو في المجلس الاستشاري لحركة فتح.
حمدان عاشور علامة من علامات فتح والثورة وفلسطين، ودالة من دلالاتها، نسأل الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته ولنا ولأهله ولشعبه الصبر والسلوان.