الاحتلال يغلق "باب الله" على حدود القدس
يامن نوباني
في استكمال لمشهد العنصرية والفصل، يقوم الاحتلال بحراسة مشددة على المناطق المحيطة بجدار الضم والتوسع العنصري، خشية تسلّل شبان إلى داخل القدس المحتلة.
حواجز عسكرية وأسلاك شائكة وأبراج مراقبة، تحوّل القدس إلى مدينة مُشتهاة بشدة للتجول والتجارة والتفقد والتقاط الذكريات الشخصية.
صباح أمس الثلاثاء، التقط شخص صورة لجنديين في مخيم شعفاط يجران عربتي لوز وفراولة، سرعان ما انتشرت الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، لتحصد بكثافة تعليقات ساخرة من المستخدمين، الذين رأوا إفلاس الاحتلال في ترويض الفلسطيني، وإيقاف حياته عند الحد الذي يريده.
نضال عفانة من مدينة بيت جالا، كان يقوم بعمله في صنع الكوكتيل، في محله الصغير على مدخل مخيم شعفاط، حين ركض الناس فجأة في الشارع، ما دفعه إلى الاستفسار من طفل صغير كان يمر من هناك ضاحكًا، فرد الطفل: أن الجيش الاسرائيلي أدخل جنودا عبر الحاجز العسكري المقام على مدخل المخيم لإلقاء القبض على حملة بطاقات هوية الضفة.
وقال عفانة لـ"وفا": وجدت الجنود يجرون عربتيّ لوز وفراولة، تركها شابان يحملان هوية الضفة، بعد خوفهما من الاعتقال أو التعرض للضرب، والذي غالبا ما ينتهجه جنود الاحتلال بعد أن يستفزوا المارة.
مهدي حميد من سكان ضاحية السلام في بلدة عناتا، قال لـ"وفا": في كل صباح يقصد أبنائي "باب الله"، يجرون عرباتهم المحملة بالفاكهة، ويتجولون في الشوارع والأحياء سعيًا لرزقهم، إلا أن الاحتلال ألحق بنا خسائر اقتصادية كبيرة، بما يقارن مع ما تنتجه عائلتي الميسورة، حيث أن أولادي عدي، وقصي وسليم، يعملون يوميا في البيع على العربات، وفي المساء يقومون بدفع ثمن البضاعة إلى التجار الذين اشتروها منهم.
وأضاف: مصادرة عربتي اللوز والفراولة أمس، كلفتنا خسارة 2000 شيقل، فيما نحن نعاني من مخالفة قديمة، من الشرطة الإسرائيلية قبل عدة أشهر، حيث حرّرت مخالفة لعُدي، الذي كان يبيع الصبر على مدخل بلدة عناتا، مُشيرًا إلى أن ابنه كان يقف بعيدًا عن الشارع، لكن الاحتلال الذي يلاحق الفلسطيني في قوته، حرّر له مخالفة بقيمة ألف شيقل، ما تزال العائلة غير قادرة على دفعها إلى يومنا هذا.
وبين أن الجنود أعادوا العربات المحتجزة، بعد أن أفرغوها من معظم حمولتها، التي ذهبت بين بطونهم التي امتلأت لوزًا وفراولة، وبين لهو الجنود الذين تراشقوا بهذه الثمار، غير آبهين بأن ما يرمونه على الأرض هو رزق عائلة بأكملها.
الاحتلال لم يكتفِ بسرقة الماء والأرض والهواء الفلسطيني، بل تعداها إلى مصادرة الأرزاق البسيطة، والأحلام المستورة، في سياسة لم تُفلح يومًا في إخضاع الشعب الفلسطيني لهذا الاحتلال، حيث كانت الهبة الشعبية في بدايات تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، دليلًا على أن الشعب ينفجر في أية لحظة، في وجه احتلال يخنقه حد اليأس الكبير.