منع منتجات الاحتلال.. "نِدّي" وذو جدوى
رشا حرزالله
ردا على قرار الاحتلال منع منتجات خمس شركات فلسطينية من التداول في القدس المحتلة، (الجنيدي، وحمودة، والريان للألبان، وسنيورة والسلوى للحوم)، اتخذت الحكومة الفلسطينية قرارا مماثلا اعتبره البعض "نِداً" وستكون له آثار اقتصادية إيجابية على السوق المحلية إذا ما أحسن الاستفادة منه.
الحكومة كانت قررت في جلستها أمس الثلاثاء، منع منتجات خمس شركات إسرائيلية من إدخال منتجاتها للأراضي الفلسطينية، وأوعزت للجهات المختصة التنفيذ، والشركات هي "شركات الألبان تنوفا وشتراوس وتارا، وشركة زغلوبك للحوم، وشركة تبوزينا للمشروبات".
تبعات القرار
تساءل البعض عن آلية تنفيذ القرار والجدوى الاقتصادية منه، ومدى قدرة الشركات والمصانع الفلسطينية على سد احتياجات السوق عقب منع المنتجات الإسرائيلية؟
في معرض توضيحه لآليات تنفيذ القرار، أشار مدير عام الإدارة العامة لحماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني إبراهيم القاضي، إلى أن لجنة رقابية مشتركة شكلت من وزارات الاقتصاد والزراعة والصحة، إضافة إلى الضابطة الجمركية، لمتابعة تنفيذ القرار، حيث تم تحديد مهلة عشرة أيام للموزعين للتخلص من بضائع هذه الشركات.
وأضاف أن جملة من العقوبات ستتخذ بحق التجار والموزعين الذين سيتعاملون مع هذه البضائع، على اعتبار أنها أصبحت ممنوعة حسب المادة 22 من قانون حماية المستهلك، التي تمنع تداول المنتجات الممنوعة داخل الأرض الفلسطينية المحتلة.
وبين القاضي أنه تم التواصل مع شركات الألبان والأجبان الفلسطينية للحفاظ على جودة المنتج، مؤكدا "سنعمل على مراقبة الأسعار والجودة، ولن نسمح باستغلال المواطنين".
أما مدير عام اتحاد الصناعات الغذائية نصر عطياني، فأوضح أن القرار يصب في مصلحة الشركات الفلسطينية خاصة القطاع الغذائي، معتبرا أن المنتجات الإسرائيلية تخوض منافسة غير شريفة مع نظيراتها الفلسطينية، معللا ذلك بإغراق السوق الفلسطينية بمنتجات غير مطابقة للمواصفات الفلسطينية، خاصة الألبان والأجبان، وبيعها بأسعار مخفضة كونها تلقى دعما من الحكومة الإسرائيلية.
وأكمل قائلا: "لو كان لدينا قطاع زراعي مدعوم من الجهات الرسمية العليا لفعلنا بالمثل، لكن نحن نعلم أن الوضع المالي للسلطة الفلسطينية صعب، والمزارع الفلسطيني هو من يتحمل الخسارة".
وبموجب قرار الاحتلال فإن ثلاث عشرة شركة فلسطينية من الألبان والأجبان تصبح ممنوعة من تسويق منتجاتها في القدس، وهو ما أكده عطياني؛ إذ حظر الاحتلال سابقا عشر شركات من تصدير منتجاتها، ويضاف إليها ثلاث شركات جديدة.
القدرة على الصمود
ولضمان تنفيذ هذا القرار واستمراريته، أشار عطياني إلى وجوب تشكيل لجان فنية على أرض الواقع مشكلة من الاتحادات، والقطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، وجمعيات حماية المستهلك، تراقب إلى جانب الحكومة، كذلك توعية المواطن ودفعه لتحمل مسؤوليته تجاه المنتجات المحلية، ودعمها.
عطياني أكد أيضا لـ"وفا" أن الشركات الفلسطينية قادرة على تغطية النقص، فهي تعمل بطاقة إنتاجية قليلة، نظرا لمنافسة المنتج الإسرائيلي، وبالتالي هناك فرصة لزيادة تلك الطاقة وضخ المزيد من المنتجات في السوق.
وأردف "تواصلنا مع الشركات حتى تقوم بحملات عروض وتخفيضات على أسعار السلع، تشجيعا للمنتجات المحلية، كذلك لرفع جودة المنتج، نحن نصدر لأسواق العالم ما قيمته 250 مليون دولار سنويا، لذلك قادرون على سد فراغ سوقنا".
الجدوى الاقتصادية
للقرار جدواه الاقتصادية، إضافة للأهمية السياسية والأخلاقية، هذا ما يراه الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم بقرار الحكومة الفلسطينية، معتبرا أنه يأتي في سياق التعامل بالمثل مع ممارسات الاحتلال، والذي ربما يؤسس لمنهج جديد للعلاقة الفلسطينية- الإسرائيلية.
وقال، إن الاحتلال حرم الشركات الفلسطينية من أن تأخذ فرصتها في بيع منتجاتها، وتبعاته هي خسارتها لملايين الشواقل، واعتبر عبد الكريم أن بإمكان الشركات الفلسطينية تعويض جزء من خسارتها عبر السوق المحلية، إذا ما أحسنت الاستفادة من ذلك، وبالتالي سينعكس ايجابا على القوة العاملة، وحجم استثمارات هذه الشركات.
وبحسب عبد الكريم فإن حجم المنفعة يعتمد على عاملين، أحدهما مدى الالتزام بتطبيق هذا القرار، والآخر هو بديل الشركات الإسرائيلية في السوق المحلية الفلسطينية، هل ستكون المنتجات الفلسطينية أم المستوردة؟.
وأردف: "هذا القرار ربما يدفع التجار الفلسطينيين للبحث عن بدائل، كالمستورد كبديل للبضائع الإسرائيلية، وهنا تصبح فائدة الشركات من القرار قليلة، سبق وأن اتخذت الحكومة قرارات مماثلة، وأصدر الرئيس قرارات بتجريم التعامل مع بضائع المستوطنات، وهذا لا يتعارض مع اتفاقية باريس كون المستوطنات لا شرعية.
لكن اتفاقية باريس بحسب عبد الكريم تتعارض في نص صريح موجود بالاتفاقية يلزم بموجبه الأطراف الموقعة عليها بـ"السماح بتدفق السلع والخدمات بين الكيانين (الفلسطيني والإسرائيلي) مع قرارات الحكومة الفلسطينية منع البضائع الإسرائيلية.
"هذه النقطة يمكن تجاوزها لأن "إسرائيل" هي من أخلت بنصوص الاتفاقية، ليس لأسباب فنية أو تقنية، وبالتالي قرار الحكومة هنا سياسة المعاملة بالمثل"، قال عبد الكريم.
واختتم: "لا يمكن إلغاء اتفاقية باريس الموقعة عام 1994 كونه لا يوجد بدائل لدى "إسرائيل"، ولا تريد الذهاب نحو المجهول، كذلك الحال بالنسبة للسلطة التي لا تمتلك بدائل جديدة على الأرض، حتى وإن كانت راغبة في إلغائها، ذلك لا يمكن، فلسطين تعتمد بشكل كبير على الاقتصاد الإسرائيلي، ولا تملك خيارات بديلة سوى التخلي عن كل الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين".