نتنياهو الذي يبيع الوهم لمواطنيه وللعالم - حسن سليم
لا يتوقف بنيامين نتنياهو في كل المحافل عن التأكيد على انه رجل سلام، وان الدولة التي يرأس حكومتها واحة للديمقراطية والحقوق والمساواة، وان المشكلة تكمن فقط في العقلية الفلسطينية الرافضة للعودة لطاولة المفاوضات لانجاز السلام. ولا يتوقف ايضا عن لعب دور الضحية "للارهاب" الفلسطيني الذي ينغص على الاسرائيليين حياتهم، ويؤرق استقرارهم الذي قدموا من اجل تذوقه من اصقاع الارض.
ويصر نتنياهو ان يحشر نفسه مع الدول التي تتعرض للهجمات الارهابية، كونه وفق ما يعتقد ضحية مثلهم، وهذا ما يستدعي بناء تحالف واسع لمواجهه الارهاب، واسرائيل على رأس التحالف. صحيفة "هآرتس" العبرية كانت قد ردت بشكل مبكر على ادعاء نتنياهو بالشعور بالخطر، او كما تمت تسميته بـ"التهديد الوجودي الحقيقي"، عندما قالت في افتتاحيتها يوم الرابع من اذار من العام الماضي، بان الخطر الحقيقي الذي يواجه إسرائيل هو احتلالها الذي لا ينتهي للأراضي الفلسطينية، وبان إصرار إسرائيل على مواصلة السيطرة على ملايين الفلسطينيين المحرومين من الحقوق في الضفة الغربية، وتوسيع الاستيطان ومواصلة محاصرة سكان غزة هو التهديد الحقيقي لمستقبل إسرائيل.
"هارتس"، اصابت كبد الحقيقة في افتتاحيتها، لكن نتنياهو لم تصله الحقيقة، او انه يصر على عدم فهمها، وما يشغله هو كيف ينجح ببيع الوهم لمواطنيه، وللعالم، وظنه ان ذلك يعطيه الشرعية لما ينفذه من مشاريع، ويظن انه يؤمن الاستقرار لدولته، او ان القمع لشعب يرزح تحت احتلاله يمكن ان يقدم له اعترافا بانه صاحب الارض وسيد مواطنيها.
ان الواضح والملموس على الارض وفي السياسة، ان السلام ليس على اجندة حكومة الاحتلال، وان سعيها المحموم شرقا وغربا ليس الا من اجل ضمان هدوء مقابل لا شيء تقدمه، بل لمنحها المزيد من الوقت لسرقة دونمات اخرى يتمدد فيها استيطانها. المستغرب هو اصرار نتنياهو على بيع الوهم بانه رجل سلام، وبان سياسته لا تتعارض وجهود السلام، رغم انه مكشوف لشريحة واسعه في المجتمع الاسرائيلي، وحتى لساسة العالم، واكثر المقربين لدولته، وليس ادل مما قاله نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، في كلمته أمام لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (إيباك)، بان "عملية توسيع المستوطنات التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية بشكل مطرد ومنهجي وإضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية ومصادرة الأراضي يضعف في رأيي احتمال حل الدولتين"، وبان بايدن لا يتفق مع نتنياهو، بأن توسيع المستوطنات لن يتعارض مع أي جهود لتسوية الصراع، وأضاف أن المنطقة تسير بدلا من ذلك على ما يبدو نحو حل يقوم على أساس دولة واحدة وهو ما وصفه بأنه خطير.
موقف الادارة الاميركية المتأخر بتوقيته،، المتقدم بمضمونه فيما يخص الموقف من الاستيطان، باستثناء مساواته بين الاسرائيليين و الفلسطينيين، بعدم وجود إرادة سياسية لديهما في الوقت الحالي للتحرك قدما بمفاوضات جادة، وبانه أمر مخيب للآمال، ينبغي ان يكون صريحا اكثر ويعلن ان الموقف الفلسطيني من الصراع وعملية السلام، لا يحتاج الى بصاره، او كاهن في السياسة ليتعرف عليه، بل بامكان اي مواطن في المعمورة ان يتفهم مطالب الفلسطينيين، ويوقع نيابة عنهم على اتفاق سلام مع اسرائيل، اذا ما قبلت الاخيرة بتنظيف الاستيطان، والانسحاب الى حدود الرابع من حزيران عام 67، ليقيم الفلسطينيون دولتهم، وحتى لا يعتقد احد ان الانسحاب الاسرائيلي يشكل خطرا على اسرائيل، ليعلم ان الاخيرة تقيم دولتها على 78% من فلسطين. اما ما تطالبنا به، وكأنه مسمار جحا، بان تسمي دولتها يهودية، فذلك شأنها، ولها أن تسمي نفسها " باب الحارة "، المهم ان تنصرف من ارضنا.