القائد الوطني الكبير حمدان عاشور (أبو عمر)
بقلم لواء ركن/ عرابي كلوب
غيب الموت الحق صباح يوم الثلاثاء الموافق 22/03/2016م، في مدينة القاهرة القائد الوطني الكبير/ يحيى أسعد محمود عاشور (حمدان عاشور) أبو عمر عن عمر ناهز السادسة والسبعين عاماً، أثر تعرضه لنوبة قلبية مفاجئة آلمت به، بعد رحلة طويلة من النضال الوطني الفلسطيني، حيث كان أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح سابقاً، وعضو المجلس الاستشاري حتى وفاته، وأحد القادة البارزين في حركة فتح والشعب الفلسطيني ومن الرعيل الأول للحركة، حيث ترجل فارس من فرسان هذه الحركة بعد مسيرة طويلة من العطاء، وكان واحداً من خيرة رجالها وأبرز قادتها.
المناضل/ يحيى أسعد محمود عاشور من مواليد مدينة غزة عام 1940م، تلقى تعليمه الأساسي والاعدادي في مدرسة الزيتون ومن ثم حصل على شهادة الثانوية العامة من مدرسة فلسطين الثانوية عام 1958م.
تفتحت عيناه منذ الصغر على مأساة شعبه الفلسطيني الذي حلت به نكبة عام 1948م وطرد من دياره وتم تهجيره إلى المنافي، حيث بدأ نضاله مبكراً في قطاع غزة أثناء دراسته الثانوية، حيث تعرف في ذلك الوقت على كل من الأخوة/ أبو جهاد الوزير، ومحمد الإفرنجي وآخرين، وأرتبط معهم بعلاقة وثيقة.
التحق يحيى عاشور بتنظيم حركة فتح نهاية عام 1959م في قطاع غزة عن طريق الأخ/ أبو جهاد الوزير، وقبل سفره للدراسة في النمسا والتي سافر إليها بداية عام 1960م، حيث التحق بالجامعة لدراسة الهندسة هناك.
خلال وجوده في النمسا عمل على تأسيس أتحاد الطلبة هناك، وأصبح فيما بعد رئيساً للاتحاد، ومعتمد تنظيم حركة فتح في النمسا.
كان على تنسيق كامل مع قيادة تنظيم الحركة في ألمانيا الغربية مع الأخوة/ هايل عبد الحميد وهاني الحسن وعبد الله الإفرنجي.
كان يحيى عاشور حلقة الوصل بين الأخ/ أبو جهاد والوزير وتنظيم ألمانيا حيث كانت أول زيارة له إلى ألمانيا في أوائل عام 1963م، بعد استقلال الجزائر وتسلم الأخ/ أبو جهاد أول مكتب لحركة فتح في العاصمة الجزائرية، كلف من قبل الأخ/ أبو جهاد بالسفر إلى ألمانيا والتقي هناك مع الأخ/ عبد الله الإفرنجي الذي عرفه على الأخوين/ هايل عبد الحميد وهاني الحسن.
بعد نكسة حزيران عام 1967م، تفرغ الأخ/ يحيى عاشور، وأرسل في دورة عسكرية إلى جمهورية الصين الشعبية حيث كان تعداد تلك الدورة ثلاثين كادراً من حركة فتح وهي الدورة العسكرية الأولى التي عقدت للحركة في الصين الشعبية، بعد العودة من الدورة عمل يحيى عاشور (حمدان) مفوضاً سياسياً في المنطقة الشمالية من الأردن، حيث توجد لنا قواعد، وكان يقود تلك القواعد الشهيد/ محمود أبو الهيجاء (أبو فتحي).
في عام 1969م عين الأخ/ حمدان عاشور معتمداً لإقليم حركة فتح في الساحة اللبنانية وحتى سبتمبر من عام 1972م، حيث كانت تلك الفترة من أصعب المراحل التي مرت على الثورة الفلسطينية في الساحة اللبنانية والتي حصل فيها اشتباكات مع الجيش اللبناني، تم على أثرها توقيع اتفاقية القاهرة عام 1969م برعاية الزعيم الراحل/ جمال عبد الناصر والرئيس/ ياسر عرفات والجنرال/ أميل البستاني قائد الجيش اللبناني، وذلك لتنظيم التواجد الفلسطيني المسلح.
خلال عمل الأخ/ حمدان عاشور كمعتمد اقليم للحركة كانت تربطه علاقاته متميزة مع الأخ الشهيد القائد/ أبو يوسف النجار وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، وعضو اللجنة التنفيذية لـــ (م.ت.ف) ورئيس اللجنة السياسية العليا للفلسطينيين في لبنان، حيث كان هنالك تكامل في العمل لمصلحة شعبنا الفلسطينية في المخيمات اللبنانية.
قام الأخ/ حمدان عاشور باستنهاض تنظيم الحركة في لبنان حيث كان يساعده في ذلك الوقت كلَّ من الأخوة/ الحاج طلال وراجي النجمي وآخرون.
عين الأخ/ حمدان عاشور (أبو عمر) عضواً في المجلس الثوري لحركة فتح في المؤتمر الثالث والذي عقد في دمشق (حموريا) عام 1971م.
عام 1972م عين نائباً لمفوض التعبئة والتنظيم لحركة فتح والتي كان يتولاها الأخ خالد الحسن (أبو السعيد) في ذلك الوقت.
عام 1980م عين الأخ/ حمدان عضواً في المجلس الثوري للحركة في المؤتمر الرابع الذي عقد في المدينة التعليمية لأبناء الشهداء بدمشق في شهر مايو 1980م، ومن ثم أنتخب في المؤتمر الخامس الذي عقد في تونس أغسطس عام 1989م، عضواً في المجلس الثوري للحركة، وتم انتخابه من طرف المجلس الثوري بالإجماع أميناً لسر المجلس الثوري للحركة، وبقي حتى عام 2009م، انعقاد المؤتمر السادس في مدينة بيت لحم، حيث أصبح فيما بعد عضواً في المجلس الاستشاري للحركة حتى تاريخ وفاته الثلاثاء الموافق 22/03/2016م.
عين الأخ/ حمدان عاشور وزيراً للإسكان والأشغال العامة عام 2003م في الحكومة التي شكلت برئاسة الأخ/ أبو مازن.
رحل أبو عمر وها هي روحه تصعد إلى بارئها بعد أن أدى واجبه الوطني والإنساني على أكمل وجه.
عاش حمدان عاشور (أبو عمر) مناضلاً، متواضعاً، محافظاً، عصامياً، يحترم الجميع منذ أن عرفناه، حيث انعكست تلك الصفات على حياته العامة والخاصة.
أبو عمر الرجل الفتحاوي حتى النخاع الأصيل الذي كان يهتم بشؤون حركة فتح باستمرار، حيث ظل وفياً لشعبه وقضيته.
برحيل القائد/ أبو عمر فقدت حركة فتح شخصية وطنية صلبة ومميزة، وقائداً أساسياً من قادتها المخلصين.
لقد فقدت حركة فتح رمزاً شامخاً، وقائداً فذاً بارزاً، كان صاحب حكمة ورأي ورؤية وموقف، كان رجلاً وطنياً مخلصاً، ورجل أخلاق ومتمسكاً بمبادئه ومواقفه لآخر رمق في حياته.
القائد/ أبو عمر كان حريصاً على وحدة الحركة التي أعطاها جل عمره، وبالوحدة الوطنية التي علق عليها أكبر الآمال، كان مبدئياً صلباً يقاوم كل تجاوز ويرفض كل تنازل، رجل المواقف الثابتة والرأي الحر.
لقد كان أبو عمر فارساً من فرسان حركة فتح والثورة الفلسطينية، وركيزة أساسية تركت بصماتها النضالية في المسيرة الفلسطينية.
لقد عاش أبو عمر بعزة وكرامة، ورحل بشرف، كان مثالاً يحتذى به في الأخلاق الحميدة والوطنية العالية والعطاء والنضال وحب الوطن.
كان أبو عمر دائماً هادئاً ومستقيماً جريئاً في قول الحق وكان مثالاً للنقاء الثوري، عاش ثائراً ومات مناضلاً وطنياً شريفاً.
عندما يتحدث الشخص عن العناوين فقد كان القائد/ حمدان عاشور أحد تلك العناوين الكبيرة في حركة فتح والثورة الفلسطينية، وقدم دون أن ينتظر مقابلاً، أو مكافأة من هنا وهناك.
سيبقى الراحل الكبير/ أبو عمر حياً في قلوب كل الشرفاء والمناضلين الذين حملوا الهم الوطني ردحاً من الزمن، وقدموا التضحيات الجسام من أجل استقلاله وإقامة دولته على ترابه الوطني.
القائد/ حمدان عاشور (أبو عمر متزوج حيث حملت رفيقة دربه هم المعاناة في تنقلاته وترحاله عمله الوطني وشاركته في تلك المسيرة، ولهما ولد وبنت (عمر مهندس يعمل في شركة CCC في أستراليا، وأبنته داليا تعمل في مؤسسة دولية في القاهرة.
هذا وقد نعي الرئيس/ محمود عباس (أبو مازن) رئيس دولة فلسطين المناضل/ يحيى عاشور (أبو عمر) أحد مؤسسي حركة فتح الأوائل، وأمين سر المجلس الثوري السابق للحركة.
كذلك نعت حركة فتح القائد/ يحيى أسعد محمود عاشور (حمدان عاشور) أمين سر المجلس الثوري السابق للحركة وجاء في بيان الحركة: أن فتح إذ تنعي عاشور فإنها تؤكد فخرها أن مناضليها وقادتها قد بذلوا ما استطاعوا من أجل فلسطين، وأوفوا العهد والقسم على الولاء والانتماء لها وتحريرها وكانوا ملتزمين بمبادئ الحركة وأهدافها حتى اللحظة الأخيرة قبل أن يتركوا لنا الأمانة لتحمل مسؤولية الحفاظ عليها من بعدهم.
وأضاف البيان: كان عاشور أحد مناضلي الحركة الذين جسدوا الصلابة في المواقف الوطنية، والثبات حتى تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني، وقدم للحركة كل ما يستطيع على درب النضال والتحرر، فكراً وعملاً في كل المواقع والمهمات التي كلف بها.
وحيت فتح روح القائد حمدان عاشور وعطاءه بصدق وإخلاص منذ مشاركته في تأسيس الخلية الأولى في خمسينيات القرن الماضي مع القائد الشهيد/ خليل الوزير (أبو جهاد) عندما كان في مرحلة الدراسة الثانوية، وحتى وفاته حيث كان عضواً في المجلس الاستشاري للحركة.
كذلك فقد نعي أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية القائد الوطني/ حمدان عاشور.
هذا وتخليداً للراحل سيفتتح الرئيس/ أبو مازن الدورة العاشرة للمجلس الاستشاري لحركة فتح باسم (دورة الشهيد/ حمدان عاشور) في مقر الرئاسة في رام الله يومي 29/30 أذار 2016م الحالي.
أما المجلس الثوري لحركة فتح فقد نعي الأخ المناضل/ يحيى عاشور (حمدان عاشور) أمين سر المجلس السابق للمجلس الثوري للحركة الذي لقي وجه ربه يوم الثلاثاء بعد مسيرة وطنية طويلة حافلة بالعطاء والنضال الوطني.
وقالت أمانة المجلس الثوري في بيان النعي:-
لقد فقدت فتح اليوم والحركة الوطنية الفلسطينية علماً من اعلامه ومناضلاً كبيراً وقائداً فارساً من فرسانها، كان من الطلائع الأولي والمؤسسين الأوائل لحركة التحرير الفلسطينية ومن أشد المؤمنين بها، والعاملين لأجل رفعتها في سبيل تحرير فلسطين الوطن والإنسان.
وأكدت أمانة سر المجلس الثوري أن المناضل/ حمدان عاشور يعتبر من العلامات الفارقة والقامات العالية والبارزة في مسيرة حركة فتح عبر مسيرته الوطنية والكفاحية الطويلة منذ ريعان شبابه وهو الذي أنخرط فتى في العمل الوطني مؤسساً في بناء حركة فتح، حركة الشعب الفلسطيني، وعنوان تحرره الوطني.
لقد استعد حمدان عاشور لكفاحه الوطني وواصل مسيرة العطاء دون كلل أو ملل، عنيداً في مواقفه، صلباً متمسكاً بمبادئه، جريئاً في الحق، مؤمناً بالنصر، مثابراً بالصبر والجلد في كل المواقع التي تقدم صفوفها، وأضطلع بمسؤولياته، وقد برهن خلال عمله على أعلى درجات العطاء والعمل وقد تدرج عاشور في سلم القيادة الحركية الفتحاوي والعسكرية إلى أن أنتخب أميناً لسر المجلس الثوري للحركة عام 1989م، ولم ينقطع عن العمل طوال فترة مسيرته الوطنية.
رحم الله القائد الوطني الكبير/ حمدان عاشور (أبو عمر) وأسكنه فسيح جناته
ويصدق فيه قوله سبحانه وتعالى: "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه .. فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً". (صدق الله العظيم