العمل التعاوني علاج لمشكلات اقتصادية واجتماعية
علاء حنتش
رغم أهمية العمل التعاوني ودوره في التنمية ومعالجة مشكلات اقتصادية واجتماعية في فلسطين، إلا أنه لم يصل بعد إلى المكانة المرجوة، رغم التدخلات الحكومية التي تقودها وزارة العمل، ومساعيها لتطوير هذا القطاع الذي كانت فلسطين رائدة فيه على مدار عقود خلت، وتوفير البيئة المناسبة لانخراط المواطنين في العمل التعاوني.
مدير عام التعاون في وزارة العمل يوسف العيسة، اعتبر أن من أهم مشاكل العمل التعاونى في فلسطين مرتبطة بالثقافة والفكر التعاوني، لأن الكثيرين لا يدركون أن العمل التعاوني طريقة فاعلة في حل كثير من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، رغم أن هذا القطاع شهد نموا كبيرا بعد قيام السلطة الوطنية والتدخلات التي تقوم بها الوزارة.
ووفقا للعيسة، فإن وزارة العمل تولي هذا القطاع أهمية كبيرة في خططها، وعملت على مأسسته، لإدراكها للدور الكبير الذي يلعبه هذا القطاع في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وخلق فرص عمل وزيادة الدخل والحدّ من الفقر، ما يترك أثرا إيجابيا على المجتمع.
وأوضح العيسة أن فلسطين كانت من أوائل الدول العربية التي نجحت في العمل التعاوني منذ عام 1920، لكن العمل التعاوني تأثر سلبا نظرا للظروف السياسية التي مرت بها فلسطين منذ ذلك الحين، ورغم ذلك كان له دور كبير كإحدى وسائل التنمية في فلسطين.
وأشار إلى تأسيس العام جمعية منتجي التبغ في عكا في العام 1922، كأول جمعية تعاونية، وبعدها نشأت جمعيات التسليف والتوفير التى كان لها حضور في كل فلسطين، لحل معاناة المزارعين الذين كانوا يخضعون إلى ابتزاز المرابين من التجار، ويتحكمون في تسويق منتجاتهم، لتزويدهم المزارعين بمستلزمات الإنتاج والبذور.
وقال: "كان المزارع يخضع للابتزاز من المرابين للحصول على مستلزمات الإنتاج من بذور ووسائل أخرى، والتي كان ثمنها باهظا، وكان التاجر يجبر المزارع على تسديد ما اقترضه، إضافة إلى تحكم الأول بالتسويق من خلاله، وبذلك يكون التاجر ربح من المزارع مرتين".
وأضاف: تشكّلت جمعيات التسليف والتوفير لحل هذه المشكلة وتلبية حاجة المزارع، وقدّمت سلفا عينية للمزارعين ما قبل الموسم، على أن يقوم المزارع بتسديد السلفة بعد انتهاء الموسم، مع ضمان حقه في حرية التسويق.
وأكد العيسة أن الانتداب والاحتلال أثرا سلبا على عمل هذه الجمعيات، وبقي منها عدد قليل منذ ثلاثينيات القرن الماضي، ولو لم تتعرض لهذه الظروف لكانت استمرت وكان لدينا بنك تسليف وتوفير.
وأشار إلى أن الجمعيات التعاونية لعبت دورا تنمويا على مدار العقود الماضية من الاحتلال الإسرائيلي، من إدخال الأموال إلى فلسطين، وتوفير الإنارة للتجمعات السكانية التي كان يحرمها الاحتلال من الحصول على الكهرباء، وتسويق المنتجات الزراعية في الأسواق العربية، وتوفير مشاريع إسكان لمواجهة الزيادة السكانية.
ولفت إلى دور جمعيات التنوير الكهربائي، حيث كان الاحتلال يمنع بعض القرى من التزود بالتيار الكهربائي، فكانت الجمعيات التعاونية بديلا وأوجدت الحلول في معظم القرى الفلسطينية مثل الشيوخ وسعير وعتيل.
وحول دور جمعيات الإسكان في تلك المرحلة، أشار العيسة إلى إنشاء 43 مشروعا إسكانيا في الضفة الغربية، بتمويل من اللجنة المشتركة الفلسطينية الأردنية، برأسمال 10 ملايين دينار أردني، لافتا إلى أن هذه الجمعيات حمت الأراضي الفلسطينية من المصادرة.
وبين أن الجمعيات التعاونية الزراعية لعبت دورا في تسويق المنتجات الزراعية، وكانت معظم المنتجات الفلسطينية تصدّر إلى الأسواق الخارجية، من خلال الجمعيات التعاونية، التي حظيت بمصداقية عالية، وكانت تعمل على حصر الإنتاج الزراعي.
وقال العيسة إن الرئيس الشهيد ياسر عرفات اتخذ قرارا قبل عودته إلى فلسطين، بتشكيل لجنة فنية لصياغة مشروع قانون تعاوني فلسطيني عصري يلبي احتياجات المجتمع الفلسطيني، وتم تشكيل اللجنة من قادة تعاونيين وخبراء، وتمت صياغة مشروع قانون، وتمت المصادقة عليه من قبل مجلس الوزراء في العام 2010، لكن بسبب الظروف ة الداخلية، لم يتم إقرار القانون في ظل غياب دور المجلس التشريعي.
ويرى العيسة أن قطاع التعاونيات يشهد تطورا واضحا وزيادة في عدد الأشخاص التعاونيين، ويحظى باهتمام من وزارة العمل، والشركاء المحليين والدوليين، مشيرا إلى إعداد استراتيجيات خاصة بهذا القطاع، ودراسات معمقة، تشخص واقع الحركة التعاونية، والمشكلات التي تعاني منها، والآفاق المستقبلية لها.
وقال: بلغ العدد الكلي للجمعيات التعاونية في فلسطين 878، منها 798 في الضفة و80 في قطاع غزة، وحسب البييانات هناك 590 جمعية عاملة في الضفة الغربية موزعة على خمسة قطاعات رئيسية، وهي: جمعيات القطاع الزراعي وعددها 282 بنسبة 48% وتشكل أكبر قطاع، وتشمل جمعيات مربي الأبقار والنحل وعصر الزيتون وغيرها، يليه قطاع جمعيات الإسكان وعددها 198 بنسبة 33.6%، ثم الجمعيات التعاونية في القطاع الخدماتي وعددها 76 بنسبة 12.8%، فيما بلغ عدد التعاونيان في القطاع الحرفي 17، بنسبة 2.8%، والقطاع الاستهلاكي 17 بنسبة 2.8%.
وأشار العيسة إلى ارتفاع مشاركة المواطنين في التعاونيات بعد قيام السلطة الوطنية، وبلغت نسبة المشاركة المنتفعة في التعاونيات إلى 25% من أعضاء الهيئة العمومية في الجمعيات العاملة.
وشدد على أن الوزارة معنية بجمعيات فاعلة وقوية، فهذه التعاونيات خاصة العاملة في مجالي الزراعة والإسكان، تقوم بدور وطني في الحفاظ على الأرض وحمايتها.
وأشار العيسة إلى سبعة مبادئ عالمية للعمل التعاوني، يجب الالتزام بها وعدم تجاوزها عند تأسيس التعاونية، وهي العضوية الطوعية المفتوحة، والإدارة الديمقراطية، والاستقلالية الذاتية، والمشاركة الاقتصادية، والتعليم والتدريب التعاوني، والاهتمام بالمجتمع المحلي.