الشريف شاهد آخر على ارهاب الدولة- حسن سليم
إمعان دولة الاحتلال الاسرائيلي بجرائمها دون أن يرف لقادتها جفن، إنما يؤكد من جديد أن جر أركان حكومتها للمحكمة الجنائية الدولية لم يعد امراً قابلاً للتأجيل او المساومة، بل فرض واجب البدء بخطواته.
إن النزيف اليومي للدم الفلسطيني، لا بد أن يجد طريقة لمحاكمة الاحتلال على جرائمه، لا سيما بعد انضمام دولة فلسطين لميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، الذي يعطينا الحق ان نرفع الكرت الاحمر في وجه ارهاب الدولة، وجريمتها المنظمة - "فمن أمن العقاب أساء الادب"- وما الاعدامات اليومية للشباب الفلسطيني لمجرد الاشتباه بهم، والتي أصبحت سلوكا يومياً لجنود جيشه "النظامي" المفترض أن يلتزم باخلاقيات الجيش، إلا دليلاً دامغاً على أن ما ينفذه الجنود ليس مجرد فعل عابر، بل يتم وفق قرار سياسي لدولتهم.
نتنياهو الذي ثار لمهاجمة مجلس حقوق الانسان لتبنيه القرارات الاربعة لصالح القضية الفلسطينية، معتبراً دولته الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط، عليه أن يعلم، أن العالم لم يعد يصغي لكذبه، ولا يخشى فزاعة تهديده بوصمه بانه معاد للسامية، أو معاد لإسرائيل، حتى تبقى دولته كأزعر فوق القانون، وأن إقدام غلاة مستوطنيه لطمس روايات الشهود، كالتهديد بالقتل لعماد ابو شمسية الذي وثق بالصورة جريمة اعدام الشهيد عبد الفتاح الشريف، ومن قبلها محاولة قتل ابراهيم دوابشة، بحرق منزله، وهو الشاهد الوحيد على جريمة حرق عائلة سعد دوابشة، إلا اضافة أخرى على عقيدة الجريمة التي تؤمن بها دولة الارهاب.
نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال، وزعيم معارضتها هرتسوغ، يكذبان عندما يعلقوا على إعدام الشهيد عبد الفتاح الشريف (21 عاما) في الخليل يوم الخميس الماضي، وتصنيفه بانه حدث إستثنائي، ولا يعبر عن سلوك جيش الاحتلال، صاحب السلاح النقي كما يدعي هرتسوغ ، حيث ان جريمة تصفية الجريح عبد الفتاح الشريف، بسلاح احد الجنود، بدم بارد، هي نسخة عما قام به وزير جيش الاحتلال موشي يعلون اثناء عملية تصفية للشهيد خليل الوزير عام 1988، عندما اطلق رصاصة اضافية على رأسه، الامر الذي يؤكد أن الأمر يرتبط بعقيد الجيش الاجرامية، وليس أمراً عابرا كما يدعون، وهو ما وصفته الامم المتحدة على لسان موفدها الخاص ملادينوف بانه عمل "مريع وغير اخلاقي وظالم"، ووفقا للمستشار القانوني للمرصد الأورومتوسطي "بأن عدم تقديم المسؤولين عن حوادث القتل في الأراضي الفلسطينية للمحاسبة والعدالة، وعدم فتح تحقيقات عاجلة في الحوادث، يعطي الضوء الأخضر لقتل المزيد من الفلسطينيين، دونما رادع".
وبالتالي ما الذي سيردع جندياً أو مستوطناً من تنفيذ جريمته، اذا كان يعلم مسبقاً بانه لن يواجه المحاكمة في اليوم التالي، بل سيحظى بالتوسيم، وبالاعتزاز تكريما لما قام به، ولا سيما وهو يسمع تحريض رئيس حكومته على القتل، بل ويتفاخر به، وإن عُرض على المحكمة "ظاهريا"، ستكون عقوبته أشدها التوبيخ، وفي السر، سر.
إن الاستمرار بالهجوم السياسي والقانوني في المحافل الدولية، بشكل موازِ للكفاح الشعبي للاحتلال، خطان لا تعارض بينهما، بل واجب، ولعلنا نستفيد مما كانت تقوم به دولة الاحتلال، حيث لم تتوقف عن نشاطها الاستيطانها عندما تفاوض، وكأنها تطبق الحديث الشريف "إعمل لدنياك، كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا".
hasan.media@yahoo.com