احمد عبد الرحمن وزمن ياسر عرفات النستلوجيا تكتب نص الملحمة - محمود ابو الهيجاء
ثلاثة كتب انجزها حتى الان الكاتب احمد عبد الرحمن عن " ياسر عرفات " الاول " سنوات مع الرئيس " والثاني " عشت في زمن عرفات " والثالث الذي وقعه قبل ايام في متحف محمود درويش " عرفات حياته كما ارادها " واقول ثلاثة كتب انجزها حتى الان، لأني اتوقع رابعا قد يكون بعد ان تعاود النستلوجيا " الحنين الى ما كان " بشغفها الاخاذ، فعلها في لحظة السؤال والقلق والمراجعة التي يعيشها الكاتب .
والواقع ان الكتب الثلاثة التي تميل تارة الى السرد الروائي، وتارة الى التدوين السيري والتاريخي، بقدر ما هي عن " ياسر عرفات " القائد والزمن والتجربة، بقدر ما هي عن حركة فتح ( خاصة في كتابه الثالث ) وتاليا عن الكاتب ذاته، وهو يقدم شهادته خالصة بيقين شديد، لوجه التجربة والتاريخ، والمسؤولية الوطنية، الى جانب المسؤولية الاخلاقية المعنية باحترام التدوين والسرد والكلمة سوية .
وفي ظني أن القراءة النقدية المتخصصة للكتب الثلاث، ستظل ضرورة بالغة ، لا لتجنيسها من الناحية الادبية فحسب، وانما للكشف ايضا عن ما يمكن اعتباره مسوغاتها ودوافعها الوجدانية والوجودية ان صح التعبير، الكشف الذي من شانه أن يقدم القيمة الابداعية لهذا السرد " الواقعي " في الكتب الثلاثة .
وفي هذا الاطار سنرى ونعرف أن اللحظات المؤثرة التي نعيش، لحظات الاشتباك مع الحياة، ومنازلة مختلف مقترحاتها بالفكرة والحس والتطلع، هذه اللحظات التي تجعلنا ندرك الحرية، ونشعر بها من خلال ما نصنع من خيارات، وما نتخذ من مواقف، وما نمارس من سلوكيات، هي ما يجعل من حياتنا حقيقة واقعة، وسيكون من الصعب خارج هذه اللحظات، الاحساس حتى بالعيش، لابل ستسكن الحياة والحالة هذه بيت الحسرة، فلا تجد غير النستلوجيا لتنتج نصها، وسيلة للمقاومة ولتواصل ما تبقى من العيش بتذكر تلك اللحظات وتمجيدها، او لعلها تعيد انتاجها على هذا النحو او ذاك من تعميق التجربة وتخليق افاق لاجديدة لها .
ما من حياة عامرة بمثل تلك اللحظات كما كانت حياة الثورة، والتي حفلت بأجمل واشجع المقترحات الانسانية، واكثرها راديكالية برومانسية فريدة من نوعها، وقد بدت هذه المقترحات في اوقات التنامي والحضور الطاغي للثورة، واقعية تماما، الى حد اعتناقها كعقيدة ما زالت تأبى الغياب، وفي ظني هذا ما جعل الكاتب احمد عبد الرحمن يبدأ كتابه الثالث بنص وداع " الشاعر العام للقائد العام " النص الذي بكى فيه محمود درويش رحيل الزعيم الخالد ياسر عرفات، وهو النص الذي بالروح الفلسطيني وايمانه الراسخ بحتمية النصر، راح يرفع التجربة وصاحبها، لا الى مقام المزارات فحسب، بل والى " فكرة حية " تحرضنا على عبادة الوطن والحرية وعلى الاصرار على ولادة الفجر بأيد شجاعة وذكية " ولأنه في المحصلة فان في " كل واحد منا فكرة شخصية منه وفي كل واحد منا وعي هوية لا تعاني قلق التعريف " وبين هذه البداية لكتاب " عرفات ، حياته كما ارادها " وخاتمته التي اودع فيها في الفصل الثامن والثلاثين خطاب حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح في يوبيلها الخمسين تحت شعارها المركزي " ثورة حتى النصر " تتضح تماما مسوغات ودوافع كتب احمد عبد الرحمن الثلاثة، حيث النستلوجيا لاتريد رثاء بل استكمالا للمسيرة وحياتها وبلحظات تعيد للقلب نبضه المحب .