الجدار والاستيطان يضاعفان معاناة مزارعي قلقيلية
يونس نزال
في كل مأساة فلسطينية لقلقيلية نصيب منها، ومنها جدار الضم والتوسع العنصري، الذي التهم 30 ألف دونم من أخصب أراضيها الزراعية، ناهيك عما خسرته من أراضي بسبب العمل خلال الجدار وما بني عليه.
خلال قيام قوات الاحتلال ببناء الجدار على مسافة 40 كيلومترا في محافظة قلقيلية، دمر الجدار 4500 دونم من الأراضي الزراعية، ودمرت ما يسمى إعادة ترسيم الجدار 200 دونم من أراضي جيوس وفلامية، و200 دونم في عزون، و200 دونم في عزون عتمة، و500 دونم من أراضي راس طيرة ووادي الرشا ومغارة الضبعة، بالإضافة إلى عزل باقي أراضيها خلف الجدار، دون إبقاء أي طريق للوصول إليها.
وعزل الجدار خلفه 12 بئرا ارتوازية، المشاتل التي تشتهر بها قلقيلية، وأقام الاحتلال 20 بوابة على طول الجدار، 7 منها لا تفتح إلا مرتين خلال العام، مرة لحراثة الأرض ومرة لقطف الزيتون، أما الباقي فقسم منها يفتح لساعات معينة مرتين أو ثلاث يوميا، وقسم يفتح على مدار العام، باستثناء الأعياد اليهودية أو ما تستدعيه الحالة الامنية لقوات الاحتلال.
معاناة يومية لمزارعي قلقيلية، فبدل أن يصلوا إلى أراضيهم خلال دقائق، أصبحوا يحتاجون ساعات طويلة، وكل هذا يترافق مع تدمير الطرق القائمة أصلا، وشبكات المياه، واستثناء كل من يملك أرضا مساحتها أقل من 500 متر من الحصول على تصريح للوصول إليها، إضافة إلى المنع "الأمني" كذريعة لعدم السماح بالوصول إلى الأرض، وكذلك عرقلة إدخال اللوازم الزراعية والأسمدة والمبيدات، وهو ما يهدد القطاع الزراعي في الأراضي الواقعة خلف الجدار.
في قلقيلية، بدأت الحكاية خلال النكبة عام 1948، حيث ثمت مصادرة 27 ألف دونم من أراضي المدينة من جهة الغرب، من أصل 50 الف دونم هي مساحتها قبل النكبة، حتى وصلت اليوم بفعل المستوطنات والجدار إلى 7 آلاف دونم.
وفي العام 1967 لم تصادر من قلقيلية أراض جديدة، بحكم مصادرتها عام النكبة، فكانت مساحة المحافظة 160 كيلومترا مربعا، لكن هذا الواقع لم يدم طويلا، فبدأت سلطات ببناء المستوطنات في منتصف سبعينيات القرن الماضي، بمستوطنتي "كرني شمرون" و"قدوميم" على مواقع للجيش الأردني، وارتفعت وتيرة الاستيطان بعد العام 1978، حتى وصل عدد المستوطنات والبؤر الاستيطانية إلى 20، بمساحة 30 ألف دونم وما زالت تتمدد.
وأوقفت المستوطنات التوسع العمراني الطبيعي للتجمعات السكانية في محافظة قلقيلية، وألحقت أضرارا بيئية نتيجة تدفق مياه الصرف الصحي منها إلى أراضي المزارعين الفلسطينيين، والهجمات لحرق وقطع شجر الزيتون، وإغلاق الطرق والاعتداء على المركبات الفلسطينية، بالإضافة الى تزوير أوراق للاستيلاء على مزيد من الأراضي، لصالح الاستيطان، وفي حال الفشل بذلك تلجأ دولة الاحتلال إلى تحويل الأرض إلى أراضي دولة أو مناطق عسكرية مغلقة.