برلين : في أجواء فلسطينية مفعمة بالحماس والانتماء والتشبث بالأرض، ووسط حشود كبيرة إمتلأت بهم قاعة ورشة الحضارات في العاصمة الألمانية برلين، أحيا تجمع الشتات الفلسطيني في أوروبا الذكرى الأربعين ليوم الأرض الخالد في مهرجان حاشد أسماه " مهرجان العودة " بمشاركة المناضل الفلسطيني محمد بركة رئيس لجنة المتابعة العربية العليا في الداخل الفلسطيني عام 48، والفنانة الكبيرة ريم البنا، والفنان أيهم الأحمد، وكوكبة من الفرق الفنية من المانيا والسويد
وأفاد قسم الاعلام في دائرة شؤون المغتربين أن فعاليات المهرجان انطلقت بالوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء يوم الأرض والثورة الفلسطينية، ثم النشيد الوطني الفلسطيني الذي عُرض عبر شاشة كبيرة أمام المنصة وردده الحضور تباعاً، ومن ثم ألقى رئيس تجمع الشتات الفلسطيني في أوروبا نضال حمدان كلمة منظمي الحفل،عبر فيها على تقديره واعتزازه بالجماهير التي احتشدت لإحياء ذكرى يوم الأرض الخالد، مقدماً في ذات الوقت اعتذاره للأعداد الكبيرة التي انتظرت خارج القاعة ولم تستطع الدخول بسبب امتلاء القاعة، حيث وعد أن تكون فعاليات تجمع الشتات الفلسطيني في أوروبا في قادم الأيام في قاعات وأماكن مفتوحة حتى يتسنى للجميع المشاركة والحضور.
كما تقدم حمدان بالتحية والتقدير للمناضل الكبير محمد بركة، القادم من أرض فلسطين التاريخية ليشارك أبناء شعبه من فلسطينيي الشتات بإحياء هذه المناسبة الخالدة، وحياه على مواقفه ومواقف أبناء شعبنا في الداخل الفلسطيني في صمودهم وتشبثهم بأرض الآباء والأجداد رغم كل السياسات العنصرية التي تنتهجها حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل بحقهم، وعلى مواقفهم المشرفة بالوقوف مع أبناء شعبهم في مواجهة الاحتلال وجرائمه المتواصلة.
وتطرق رئيس تجمع الشتات الفلسطيني في أوروبا إلى ضرورة أخذ العبر من ذكرى يوم الأرض الخالد، لا سيما وحدة الشعب الفلسطيني التي تتجسد بين أبناء شعبنا في الداخل الفلسطيني عام 48، والأراضي المحتلة عام 67، وفي مخيمات اللجوء والشتات وبلدان المهجر والاغتراب، من أجل إنهاء الانقسام وبناء وتعزيز الوحدة الوطنية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، حتى يتسنى لشعبنا التفرغ لمعركته المصيرية مع الاحتلال وصولا لبناء دولتنا الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشريف والعودة والحرية والاستقلال الناجز.
ثم قدم رئيس تجمع الشتات الفلسطيني في أوروبا نضال حمدان، المناضل الكبير محمد بركة ليخاطب الجماهير التي وقفت وصفقت طويلاً فور صعوده لمنصة المهرجان، حيث بدأ بركة كلمته بتوجيه التحية والاعتزاز لأبناء شعبنا في الشتات لا سيما جيل الشباب منهم، وعلى حماستهم وروحهم الوطنية المتجذرة فيهم رغم شتاتهم وما يعانوه، وبعدهم عن وطنهم الأم فلسطين الذي لم يروه بحياتهم لكنهم ما زالوا يحفظون عن ظهر قلب ملامحه التي تناقلوها عن أبائهم وأجدادهم، مؤكدا أن تعاقب الأجيال على شعبنا لم ينسيه وطنه أو يفقده حقه التاريخي والشرعي بأرض فلسطين أرض الأباء والأجداد، وأن الطارئون مهما حاولوا تغيير معالم الأرض ستبقى الأرض لأصحابها وسيعانقون ثراها قصر الزمن أو طال.
كما تطرق بركة في كلمته لصمود أبناء شعبنا من فلسطينيي الداخل على أرضهم في ظل ما يتعرضون له من هجمات شرسة وتحريض ممنهج من حكومة نتنياهو المتطرفة، مشيرا إلى أن يوم الأرض ليس يوم ذكرى فحسب إنما يوم نضال وصراع على الأرض من أجل بقائنا شوكة في حلق العنصرية الإسرائيلية.
وشدد بركة على ضرورة مواجهة صلف حكومة اليمين المتطرف في اسرائيل وسياساتها العنصرية بحق شعبنا في الداخل عام 48 ، وبحق أبناء شعبنا في الوطن المحتل عام 67، مؤكدا أن ذلك لا يتأتى إلا بترسيخ الوحدة الوطنية بين مكونات شعبنا، وإنهاء الانقسام الذي أضطر كثيرا بقضيتنا العادلة وأضعفها وأدى لتراجعها إلى قضية هامشية في أدنىسلم أولوياتالمجتمع الدولي، وقلل من جذبها وتحشيدها لأحرار العالم وقوى التضامن العالمي بعد أن كانت القضية الأولى في حشد التضامن.
وبعد كلمة المناضل محمد بركة، وجه رئيس تجمع الشتات الفلسطيني في أوروبا نضال حمدان، التحية والتقدير للسيد تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية رئيس دائرة شؤون المغتربين في منظمة التحرير الفلسطينية على جهوده وجهود الدائرة وتعاونها في متابعة ومواكبة جالياتنا الفلسطينية في بلدان المهجر والشتات، ثم ألقى عضو الهيئة الإدارية للتجمع أسعد كنعان كلمة السيد تيسير خالد الموجهة للمحتشدين في هذا المهرجان لإحياء ذكرى يوم الأرض الخالد.
حيث عبر تيسير خالد في كلمته على اعتزازه بالدور الوطني المتقدم الذي يضطلع به أبناء شعبنا في بلدان المهجر والشتات في الدفاع عن قضية شعبنا العادلة بشتى الوسائل المتاحة أمامهم وما لها من أثر كبير في تدويل قضيتنا وحقوق شعبنا المشروعة، وحشد الأنصار والمتضامنين والانخراط في حملات الدعم والإسناد لشعبنا في الداخل، وتوسيع حملات المقاطعة لدولة الاحتلال ومستوطناتها في المجتمعات التي يقيمون فيها.
كما أكد على أن احتفالنا بالذكرى الأربعين ليوم الأرض الخالد هو مناسبة للوقوف أمام الدلالات التاريخية العميقة لأحداث الثلاثين من آذار العام 1976 كما أنه مناسبة لاستنهاض الطاقات والهمم وشحذ أدوات النضال، وفي هذا السياق فقد أثبتت البقية الباقية من شعبنا في الجزء المحتل من أرضنا عام 1948، أنها جزء لا يتجزأ من شعبنا الفلسطيني الواحد الموحد، وكما كانوا هدفا لمشاريع التهويد والاستيطان ولسياسات التمييز العنصري، فإنهم اليوم وبعد أن نجحوا في الصمود وتثبيت بقائهم على أرضهم، قد طوروا نضالهم من أجل المساواة وانتزاع حقوقهم الوطنية والمدنية، وأكدوا عبر مسارات معقدة من الصراع حقهم في دعم نضال شعبهم الفلسطيني والتأثير في معادلة الصراع بين شعبهم والمشروع الصهيوني.
ثم قدمت فرقة " غربة وطن " القادمة من السويد للمشاركة في المهرجان، وصلات فنية اشتملت على مزيج من الأغاني الوطنية التاريخية والحديثة، حيث ضجت قاعة المهرجان بحماسة الجمهور الذي تفاعل معها وسبق الفرقة في ترديدها ملوحاً بالأعلام والكوفية الفلسطينية.
في المقابل، قدمت فرقة إيثار للأداء المسرحي، وهي فرقة فلسطينية مكون من مجموعة من الشباب والصبايا اللاجئين حديثا إلى المانيا والقادمين من مخيمات اللجوء في سوريا، حيث قدموا ثلاث مسرحيات مؤثرة ومعبرة، منها مسرحية تتحدث عن رحلة اللجوء الجديدة لأبناء شعبنا في مخيمات اللجوء في سوريا جراء الصراع القائم هناك، حيث جسدت المسرحية رحلة الموت في البحار والجبال والغابات الأوروبية للهروب من الموت المحقق في المخيم بسوريا. في حين جسدت مسرحية أخرى رحلة الفنانة الفلسطينية ريما البنا الفنية وسلطت الضوء على مسيرتها الفنية بأغانيها الملتزمة.
وقدم الفنان الفلسطيني وعازف البيانو أيهم أحمد الحائز على جائزة بيتهوفن الدولية لحقوق الإنسان والسلام، مجموعة من المقاطع الفنية الرائعة وسط تفاعل كبير من الحضور، وفي حين غنت الطفلة الفلسطينية لين وبصوتها الطفولي الجميل مجموعة من الأغاني المشهورة للفنانة الفلسطينية ريم البنا، لتختتم فرقة الراب الفلسطينية من برلين الوصلات الفنية بتقديم الفقرات الفنية المميزة.
وفي ختام المهرجان، وفي لفتة جميلة ومعبرة من تجمع الشتات الفلسطيني في أوروبا، كرم التجمع المناضل الفلسطيني الكبير محمد بركة بهدية رمزية عبارة عن درع فلسطين، كما تم تكريم الفنان التشكيلي الفلسطيني العالمي ابراهيم هزيمة، والفنانة الفلسطينية صاحبة الصوت الجميل ربم البنا.
ha