التشيك: أبو دياب انعكاس للفلسطيني مكتمل الغايات والاجتهادات في يوم الأرض
تحت مجهر صغير، يبدو اللاجئ الفلسطيني من يافا إلى سوريا، فالمقيم الآن في جمهورية التشيك، رأفت بنات "أبو دياب"، كبيرا بحجم الأزمة التي يعيشها لاجئونا في مخيمات الشتات، وأماكن الاغتراب، أو جريحا بالتباس المآلات التي تنفتح على أي مجهول ينتظر المهاجر الفلسطيني، منذ أول ولد وحتى آخر بلد، أو حيويا بفعل ارتداد اليأس خائبا عائدا على عقبيه، دون أن ينال من حلم ناجز، توجزه وتعليه فلسطين وفقط.
وبشيء من البذل الذي لا ميكافيلية فيه، يضرب أبو دياب، دخل عقده الثامن قبل عام ونيف، مثالا، للذين لا يسألون الناس إلحافا، والذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة معا، كلما زاحم على موطئ قدم، تكون له فيه الأولوية، في دعم اللاجئين الفلسطينيين العابرين إلى التشيك بفعل اشتداد الأزمة السورية، أو إنجاح أي فعالية فلسطينية، تقيمها سفارة دولة فلسطين لدى جمهورية التشيك، أو نادي الجالية الفلسطينية في التشيك. وذلك إسنادا لروح الحضور، واعتقادا بوجوبه بأي شكل ضامن، وإدراكا بتنويع هذا الشكل على أي نحو كان، ما دام الأمر متعلقا بتعزيز اسم فلسطين، في بلد يعرف فيها هو، أكثر من غيره بحكم سنوات المعايشة الطوال، طبيعة الرأي العام.
وبثنائية المواءمة؛ التي كللت مناسبة إحياء يوم الأرض هذا العام في جمهورية التشيك، بنجاح ملفت للانتباه لمشاركة فلسطين الأساسية، في رعاية وتقديم المهرجان العربي السابع، الذي استضافته مدينة بيلزن، يوم أمس السبت، مع عدد من البعثات الدبلوماسية العربية والجمعيات والشخصيات العربية والتشيكية، بدا أبو دياب في صورة الشاب، الذي كانه هو، منذ أن ترك كلية الطب في جامعة دمشق بعد نكسة 1967م، ليلحق بركب الثورة، فلسطينيا جدا.
ولأن فلسطين تملك كل الخيارات عدا الغياب، كما يقول سفير دولة فلسطين لدى جمهورية التشيك خالد الأطرش، عن أي فعالية أو مناسبة، قد نكسب خلال مشاركتنا فيها، ولو متضامنا تشيكيا واحدا، فإن أبو دياب، الذي وفد إلى التشيك عام 1972م، بعمر السابعة والعشرين ليدرس في كلية الزراعة، ثم يكمل الماجستير فالدكتوراه، في الكيمياء الحيوية، ليعمل فورا باحثا في مختبرات جامعة تشارلز الأعرق والأشهر بين جامعات وسط أوروبا، يتكفل بإعداد الفلافل والكبّة والحمص، من مائه إلى إنائه، في هذه المناسبة كما في كل مناسبة، على اعتقاد فرضته فلسطينيته عليه؛ وقد صادف الحقيقة، بأن هذا هو الرد على مطاعم "الكوشير" المملوك بعضها لإسرائيليين، التي تقدم تلك الأكلات الشعبية الفلسطينية للجمهور التشيكي، على أنها من الموروث الثقافي الإسرائيلي.
وبين الوقوف في مختبرات الكيمياء، والوقوف أمام مقلاة الفلافل بسابق جهد وإعداد كبيرين، لا يجد الدكتور أبو دياب أي حرج، في تقديم الفلافل والحمص ولوازمهما للمصطفين التشيكيين الذين توافدوا عليه بالعشرات أمام مقلاته، مع الإشارة بلغة تشيكية مازحة لهم، إلى جنسية الساندويتش المقدم، على أنه فلسطيني المنشأ والمنبع. أو هكذا دون استهانة بما يقوم به، ودون أن يقطع تركيزه شيء، سوى سقوط شابة فلسطينية بجانبه، كانت تساعده لأكثر من عشر ساعات، إثر حالة إغماء صادرت وعيها، عقب مجيئها مع أبيها المهندس جورج قراعة منذ ساعات الصباح، كي يحتفيا بيوم الأرض على طريقتهما المثلى.
نائب رئيس نادي الجالية الفلسطينية في التشيك معين شوملي؛ يقول إن "مشاركة فلسطين في المهرجان العربي، كانت الأكثر تنوعا وتأثيرا، لتزامنها مع الذكرى الأربعين ليوم الأرض، سيما وأنها قد شملت بالإضافة إلى المأكولات الفلسطينية، تقديم حلة من المنتوجات والمطرزات التراثية في جناح خاص، أشرفت عليها عضو النادي أماني العواودة، بالإضافة إلى تقديم السفارة الفلسطينية هدايا محلية لمئات الضيوف، مثل معلبات أنيقة خاصة لتمر المجول الريحاوي، وكذلك زيت الزيتون والزيتون والزعتر الجبلي، وكلها من فلسطين".
وأضاف أن سفارة فلسطين التي تواجدت بطاقمها الدبلوماسي في المهرجان، قد قدمت أيضا بالتعاون مع جمعية أصحاب الفنادق العربية في فلسطين، ست عشرة ليلة فندقية في بيت لحم، تم السحب عليها بتنافس المئات من الجمهور الوافد للمهرجان، مشيرا إلى أن فلسطين قد شاركت أيضا في إحياء الأمسية الشعرية التي شهدها المهرجان، بعدة لغات، ومثل فيها فلسطين المترجم والدبلوماسي السابق برهان قلق، وأماني العووادة ونادية قطيش، بالإضافة إلى عرض فيلم وتقديم عدد منوع من البروشورات الدعائية لفلسطين سياسيا وثقافيا.