عمال غزيون.. التقاط لقمة العيش من "فكي الموت"
خضر الزعنون
رغم المخاطر الجمة التي يتعرضون لها أثناء عملهم في إزالة آثار وبقايا دمار الاحتلال الإسرائيلي لبرج المجمع الإيطالي في حي النصر شمال مدينة غزة، يواصل عمال جبابرة هدم ما تبقى من البرج السكني المكون من 18 طابقا.
العمال الذين يتبعون لشركة مقاولات محلية، يواصلون العمل الشاق تحت إشراف مراقبين ومهندسين في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي "UNDP" لإزالة بقايا البناء الآيل للسقوط بوسائل تكاد بدائية من "جلخ قص الحديد وكنغو لتفتيت أعمدة وجدران الباطون، لكنهم يحاولون اتباع وسائل آمنة من أربطة وقبعات وقفازات".
"إننا نحارب من اجل لقمة عيشنا وعيش أطفالنا. ننتزع ذلك من بين فكي الموت والمخاطر. لقد تقطعت بنا السبل. قال أحد العمال ولاذ بالصمت".
المهندس محمد منصور، المشرف على إزالة البناء المتصدع قال لـ"وفا": "البرج الايطالي يتكون من 18 طابقاً بارتفاع 58 متراً ويضم حوالي مائة شقة، تعرض للقصف خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة وتحديداً في 25 آب/أغسطس 2014، والآن تتم عملية إزالة المبنى وبه تصدعات خطيرة وآيلة للسقوط"، مضيفاً "أزلنا آثار الدمار من مختلف المناطق في مدينة غزة وشمال القطاع وفي خانيونس جنوبه".
أما محمد أبو مطر مراقب مشروع الهدم للبرج قال: "مدة إزالة المبنى شهر وعشرة أيام، الحمد لله الأمور تسير على ما يرام".
وترك العدوان الإسرائيلي صيف 2014 أثاراً خطرة على برج المجمع الإيطالي حيث انشطر إلى قسمين أحدهما دمر فيما الثاني بقي واقفاً متصدعا تتدلى منه كتل أسمنتية ضخمة، يطلق عليها سكان المنطقة "كتل الموت" لإمكانية تساقطها في أي لحظة وتودي بحياة الأبرياء.
وبموازاة، أعمال إزالة ما تبقى من البرج الإيطالي، أدى وقف إدخال سلطات الاحتلال الإسرائيلي للإسمنت إلى القطاع الخاص في غزة، إلى شل عجلة الاقتصاد، وتحديداً قطاع البناء، وانعكس سلباً على كافة مناحي الحياة للمواطنين.
وارتفعت أسعار الإسمنت في السوق المحلي بشكل جنوني حيث يبلغ سعر الطن الواحد من الإسمنت ما بين 1800-2000 شيقل، فيما حددت وزارة الاقتصاد سعر الطن بـ1000 شيكل بدءا من الثلاثاء .
ويحتكر عدد من التجار الإسمنت منذ وقف الاحتلال إدخاله إلى غزة في الأول من نيسان/أبريل الجاري، حيث تتكدس كميات داخل المخازن.
يشار الى انه يوجد 800 مورد للإسمنت على نظام التوريد المعروفة بآلية روبيرت سيري "السستم" و530 تاجراً للإسمنت معتمدين لإدخاله لهم.
ويقول مقاول البناء، أبو أحمد صلاح: "تسبب وقف إسرائيل إدخال الإسمنت إلى غزة بحالة ركود تام وشلل نهائي في أعمال بناء منازل المواطنين ووقف أعمال التشطيب والتصليح في المنازل".
وأضاف: "منذ أكثر من أربعة شهور أوقفت إسرائيل إدخال الخشب الذي يستخدم في الطوبار، وهذا أحدث أزمة كبيرة وخسائر فادحة لنا، وحالياً لا يوجد خشب وإذا كان فهو بكميات ضئيلة جداً وسعر كوب الخشب كان يباع بـ 2300 شيقل، لكن وصل الآن 7000 شيقل".
وأكد صلاح أن "المواطن في غزة بحاجة ماسة لإدخال الإسمنت، وحال تأخره سيؤدي إلى حدوث كارثة واصطفاف عمال البناء في طابور البطالة المنتشرة في قطاع غزة.
ويرى المحلل الاقتصادي، الدكتور ماهر الطباع، أن منع الاحتلال ادخال الإسمنت لغزة، له آثار سلبية كبيرة جداً على صعيد عملية إعادة الاعمار المتوقفة أساساً "التوقف كلياً وسيتسبب بخسائر فادحة للمستثمرين من أصحاب المشاريع الاستثمارية في قطاع الإسكان والعمارات السكنية والأبراج بالإضافة إلى خسائر المواطنين".
وقال الطباع لـ"وفا"، إن إسرائيل كانت سمحت بإدخال الاسمنت للمواطنين العاديين، لكن مع هذا الإجراء " سيتكبد المواطن خسائر إضافة إلى توقف كل المشاريع الموجودة، وأيضاً نحن مقبلون على موسم الصيف وهو الموسم الرئيسي للبناء وتتم فيه حركة بناء وعمران نشطة، خاصة فترة الأفراح والأعراس فالكل يبحث عن شقق سكنية وتصليحات داخل البيوت، كل هذه ستتوقف وستؤثر بشكل كبير على قطاع الإنشاءات ويتوقف، حيث يعتبر من أكبر القطاعات التي تشغل العمالة في قطاع غزة".
وأشار الطباع إلى أن توقف إدخال الإسمنت "يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة، التي تصل وفقاً جهاز الإحصاء في عام2015 نسبة 41% بمعدل 200 ألف عامل عاطل عن العمل وحسب البنك الدولي هذه المعدلات هي الأعلى عالمياً.
وصف الإجراء الإسرائيلي بـ"الضربة القاصمة لكل من يطمح بالبناء"، مضيفاً أنه بعد 10 سنوات من الحصار وتوقف المشاريع التنموية في غزة وتعرض غزة لثلاثة حروب في أقل من خمس سنوات لحلول ترقيعية أصبحت لا تأتي بثمار، والمطلوب هو حل جذري لقطاع غزة بإنهاء الحصار المفروض وإدخال كافة احتياجات القطاع من سلع وبضائع دون رقابة أو قيود.