أسأتم للحكيم - حسن سليم
موقعة حرق صور الرئيس ابو مازن في غزة، على يد شلة، تدعي انها تمثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، تجعلنا نستدعي وفاء حكيم الثورة، جورج حبش، وحرصه الوطني العالي، ورفضة لاي قسمة، او تقسيم، وهو الذي صعد على المسرح، في قاعة اليونسكو في العاصمة اللبنانية بيروت، ليلقي كلمة الثورة الفلسطينية، وكلمة الشعب الفلسطيني، وكلمة الثورات العربية المعاصرة وضمير الثورات، كما قدمه امين عام الحزب الشيوعي اللبناني، لكن جورج حبش وهو الحكيم، فاجأ الجميع، بما صدح به، "إن كلمة الثورة الفلسطينية، كلمة الشعب الفلسطيني، كلمة الثورات العربية المُعاصرة وضمير الثورات .. لا يُلقيها إلا أخي ورفيق دربي القائد العام للثورة الفلسطينية ياسر عرفات".
ياسر عرفات الذي همس بأذنه بعض من رفاقه، ان القاء جورج حبش للكلمة باسم الشعب الفلسطيني، يعتبر اهانة لحركة فتح، ولا يجب السماح بها، واقترحوا عليه مغادرة القاعة، رد على الهامسين انه لا يقبل ان يُسجل في تاريخه أنه خرج من القاعة أثناء كلمة حكيم الثورة جورج حبش، وبقي جالساً مثله مثل غيره ينتظر كلمة جورج حبش .
في غزة حيث شاهدنا النقيض لموقف الحكيم وحكمته، بموقعة التعبير عن الغضب المستهجن من قبل انصار الجبهة الشعبية، مما قيل انه بسبب وقف مخصصات جبهتهم، واقدامهم على حرق صور الرئيس ابو مازن، وقذفه بالشتائم، الامر الذي يعبر عن فقر مدقع في ثقافة التعبير، وعن اندثار للتربية الحزبية التي زرعها الحكيم وابوعلي مصطفى، وهبوط عن قانون الاخلاق الوطنية.
بالطبع التجمهر في غزة، لم يلق معارضة من قبل شرطة حماس، ولا لحرق صور الرئيس وشتمه، فذلك يتقاطع ويلتقي مع سلوك مارسته الاخيرة، وتمارسه، كلما "دق الكوز في الجرة"، بل وتراهن حماس على تفاعله، بما لكن الغريب ان "الشعبية" لم نشاهد انصارها في الشوارع يحرقون اعلام حماس، ولا صور قادتها، عند اغلاق مكاتبها بالشمع الاحمر لمجرد بيان خجول اصدرته اعتراضا على ضريبة التكافل الذي اقرته كتله حماس، ولم تتظاهر غضبا عند اعتقال كوادرها وتعذيبهم في سجن المشتل في غزة.
ان كان ما تم من حرق الصور، والشتم بعلم قادة "الشعبية"، فتلك مصيبة، ان يقبلوا بحرق صور رأس الشرعية- حتى وان اختلفوا معه- وان كان بغير قرار قيادتهم فالمصيبة اعظم، لاننا نصبح امام شِلة، وليس أمام حزب سياسي، ومكون اساسي لمنظمة التحرير، ويعتبر الفصيل الثاني فيها، واحد رموز الحركة الوطينة الفلسطينية.
ان استدعاء الجبهة الشعبية للحكمة، واعمالها، هو المتوقع ان تبادر اليه قيادتها، وفاء لتاريخها ولرموزها، وان لا تسمح لثلة منفلتة من عقالها، ان تسيء لتاريخها، وللحركة الوطنية عموما، التي هي احوج ما تكون لتعزيز وحدتها، وحماية بنائها من معاول الهدم، واذا كان الاختلاف فاكهة السياسة، فان التعبير عنه بالردح، والاسفاف انما يمثل قمامتها، ويسيء لقاماتها.