"الأنوف الحمراء" يزرعون البسمة وإن كانت الأخيرة
ضحى سعيد
يكتسب "الأطباء المهرجون" افراد طاقم مؤسسة "الأنوف الحمراء" الدولية -فرع فلسطين، شعبية كبيرة لدى الأطفال المقيمين في اقسام المستشفيات المختلفة المصابين بأمراض صعبة ومزمنة كالسرطان والفشل الكلوي وغيرها، وذلك بسبب إضفائهم أجواء مرحة مليئة بالضحك والقصص والعروض الفكاهية.
قبل 6 سنوات افتتحت المؤسسة الدولية "الأنوف الحمراء"، وضمن رسالتها الانسانية للتخفيف من معاناة الاطفال وتحقيق اكبر منفعة لصحتهم النفسية عن طريق العلاج بالضحك، فرعا لها في فلسطين تحديدا في بيت جالا، وبذلك انضمت فلسطين الى 10 دول بالعالم للمؤسسة فروع فيها وتكون الدولة الوحيدة في الشرق الاوسط المتخصصة في مجال "الطبيب المهرج".
المدير الفني للمؤسسة طارق زبون والمعروف بالمهرج "اكوي" وفي لقاء مع "وفا" أوضح فكرة المؤسسة التي تقوم على الاهتمام بالجانب النفسي للأطفال المرضى عبر الزيارات الدورية والاسبوعية للأطباء المهرجين الى المستشفيات وعملهم الفني كأداة علاجية مساندة لدور الأطباء بطرق مختلفة بالضحك والموسيقى والعروض الفكاهية التي تقدم بشخصيات متنوعة.
وقال، "تكمن رسالة المؤسسة والتي تعتبر المؤسسة الاكبر في العالم في هذا الاطار بتحسين مزاج الأطفال المرضى وحالتهم النفسية التي تنعكس على استجابتهم للعلاج بشكل أفضل ولمساعدتهم على التكيف مع المرض ورحلة العلاج الطويلة والمؤلمة في أغلب الأحيان خاصة للحالات الصعبة التي يشعر بها الأطفال بالخوف والتعب والملل أيضا بسبب فترة بقائهم الطويلة في المستشفى".
وتابع "نؤمن بالبسمة والفرح في العلاج، وهذا جوهر وفكرة عملنا كأطباء مهرجين".
وبين زبون ان المؤسسة وخلال سنوات عملها في فلسطين سعت لخلق ثقافة بدور الضحك والتفاعل الفكاهي باستخدام ادوات فنية عديدة متنوعة في العلاج، وهو الأمر غير الجديد في مستشفيات الدول الاوروبية والعالم والذي أصبح للمهرج دور مهم كجزء من العلاج للأطفال، خاصة للذين لم يعودوا يستجيبون للعلاج.
ولفت زبون الى ان دخول "الأطباء المهرجون" الى المستشفيات لا يتم بطريقة عشوائية، إذ غالبيتهم فنانون وممثلون مسرحيون، فالطاقم يخضع للعديد من التدريبات وورشات العمل بشكل مستمر داخل فلسطين وخارجها، وهي تدريبات مهنية ومتطورة مختصة بالتعامل مع الأطفال المرضى بشكل خاص، و"اثبتت قدرتها على مساعدتهم لتجاوز معاناتهم وتحسين استجابتهم للعلاج، وقبل دخولنا الى غرف الأطفال نتواصل مع الأطباء والممرضات والأهالي لنعرف أسماء الأطفال وأعمارهم ووضعهم الصحي لمعرفة الطريقة الأفضل للتواصل معهم، اضافة الى المحافظة على التعقيم والمسافة والحركة والحوار المناسب الذي نراعي فيه ما نقول واين وكيف"، قال زبون.
وأضاف: لا نتوقع في كل مرة نزور فيها الاطفال المرضى استجابة معينة، فكل طفل له ما يثيره ويدفعه للتفاعل معنا، بعضهم لا يتقبلنا في البداية وآخرون يتحمسون منذ لحظة دخولنا وينتظروننا من أسبوع لآخر، ونعتمد كثيرا في عملنا على الارتجال المرتبط بسرعة البديهة والخيال والحركة والكلمة والقصة والاكتشاف، ونسعى للفت انتباه الأطفال بطرق مختلفة، ونتفاعل بالفعل وردة الفعل من المهرجين فيما بينهم والاطفال وذويهم أيضا الذين ينسجمون معنا ويحبون فكرة تواجدنا مع اطفالهم لنزرع بسمة وإن كانت صغيرة على وجوههم، ربما تترك اثرا كبيرا على حالتهم النفسية.
وتابع زبون: في بداية عملنا واجهْنا تحديا كبيرا من عدم تقبل فكرة وجودنا في المستشفيات وفي غرف الاطفال وعدم ادراك دورنا لا سيما وان للمهرج صورة معينة في مجتمعنا، لكن مع الوقت وايماننا بالفكرة نجحنا في إثبات أن عمل المهرج هو عمل احترافي وعلمي ومدروس وليس اي شخص ممكن ان يكون مهرجا.
واردف أنه منذ بداية عملهم لم يتوقفوا يوما، وكانوا يعملون في 5 مدن (رام الله، والقدس، وبيت لحم، والخليل، ونابلس)، ويتم زيارة 6 مستشفيات بشكل اسبوعي، "ونرى ونسمع ردودا ايجابية ونلمس تحسنا على صحة كثير من الأطفال، كما نسعى لتوسيع عملنا لنصل الى مستشفيات في الشمال في قلقيلية وطولكرم وجنين".
وبين زبون أنه الى جانب العلاقة الجميلة التي تنشأ بين الطبيب المهرج والأطفال هناك قصص كثيرة اثرت فيهم، فكثير من العلاقات بنيت مع الأطفال خلال فترة تواجدهم في المستشفيات، وعملهم معهم، ولا يخفي المواقف الصعبة التي مروا فيها، قائلا "كنا نخشى السؤال عن أطفال غائبين حتى لا نعرف انهم توفوا مثلا".
وقال: التدريبات التي تلقيناها تعلمنا بناء "جدار حماية"، بحيث تكون العلاقة بين المهرج والطفل وليس بين شخصياتنا الحقيقية، حتى نتمكن من الاستمرار في مهمتنا الانسانية بالأساس، ولهذا لدينا مشرف نفسي يساعدنا في هذا الجانب.
وبين ان المؤسسة تتلقى دعما فنيا من مدرسة الفكاهة العالمية الموجودة في العاصمة النمساوية فينا ضمن منهج تعليمي، اضافة الى الدعم المالي من الوكالة النمساوية للتنمية.