"مشروع وادي الزومر" تعثر مع وقف التنفيذ
هدى حبايب
تنتظر مدينة طولكرم ومخيميها وسبع من قراها في منطقة وادي الشعير شرق المحافظة، استكمال المشروع الإقليمي للتخلص من المياه العادمة لـ"وادي الزومر"، الذي بدأ في شهر حزيران عام 2012، وكان من المتوقع الانتهاء منه وتسليمه في شهر كانون الأول من العام 2014، بعد توقف المقاولين عن العمل.
تعثر هذا المشروع الحيوي، أثار استياء الهيئات المحلية في القرى المستهدفة إلى جانب المواطنين، الذين دعوا الجهات المسؤولة إلى حل المشكلة بأسرع وقت ممكن، نظراً للأضرار البيئية والصحية التي خلّفها ترك الأعمال، من حفر الشوارع وتراكم الغبار والأتربة وانتشار الروائح الكريهة والحشرات والقوارض، خاصة مع حلول فصل الصيف.
بلدة بلعا التي تطل على وادي الزومر المار عند مدخلها الغربي، من المناطق التي شملها هذا المشروع بنسبة 60%، بشبكات صرف صحي داخلية، وقال رئيس بلديتها أحمد منصور، إن توقف العمل في المشروع من قبل المقاول (شركة الطريفي للمقاولات والإعمار)، كانت له آثار سلبية على التجمعات المستهدفة بشكل عام.
وأضاف أن البلدية اضطرت إلى تنفيذ بعض الإصلاحات في مختلف الشوارع الداخلية والرئيسية في البلدة، بعد أن ترك مقاول الشركة أعماله دون إصلاح، بتكلفة وصلت إلى 200 ألف شيقل للتخفيف على المواطنين، الذين حملوا البلدية مسؤولية هذه الأضرار، المتمثلة في تراكم الحجارة وخلع الأرصفة وهدم للجدران وتراكم النفايات في أراضي المواطنين وحدوث تصدع في بعض الشوارع، وضرب خطوط المياه التي تسربت إلى بعض الأراضي، عدا أن توقف المشروع قد يسبب كارثة كبيرة وهي تلوث المياه الجوفية نتيجة تسرب المياه العادمة داخل الأرض.
مشروع وادي الزومر، من المشاريع الذي تحمل في طياتها أهمية بيئية كبيرة من النواحي الاقتصادية والصحية والمائية، تعود بالفائدة على طولكرم ونابلس وعدد من بلداتهما قراهما، إذا ما تم إنجازه بشكل كامل، ويهدف إلى التخلص من المكرهة الصحية في الوادي، المتمثلة في المياه العادمة التي تلعب دورا في تلويث المياه الجوفية بشكل بكثير.
وذكر مجلس خدمات وادي الزومر الذي تم تشكيله بعد الاتفاق مع الممول وهو بنك التعاون الألماني للتنمية، كون المشروع يضم أكثر من منطقة، أن تكلفة هذا المشروع 16 مليون يورو، ويتضمن خطا ناقلا مع شبكة لتسع تجمعات سكانية في طولكرم على طول الوادي، ويشمل إنشاء خطوط جديدة بطول 40 كيلومترا من شبكات الصرف الصحي الداخلية، وتوسيع شبكات قائمة، بالإضافة إلى إنشاء خط ناقل بطول حوالي 20 كيلومترا، يربط الشبكات الداخلية في كل من مدينة طولكرم ومخيمي طولكرم ونور شمس، وعنبتا، وكفر رمان، ورامين، وبلعا، وبيت ليد، واكتابا، وكفر اللبد، ومضخات في كل من بلعا وشويكة، بالإضافة إلى العمل على إيجاد حلول ممكنة وتطبيقها لعمل معالجة مسبقة للمياه العادمة الصناعية.
وقال مهندس المشروع في مجلس خدمات وادي الزومر يحيى صالح، إن فكرة المشروع بدأت قبل عام 2000، لكن لظروف الانتفاضة توقفت الفكرة ليعاد النظر فيها ما بين عامي 2006-2007، حيث بدأ تحضير المخططات والعطاءات للمشروع.
وأضاف: تم طرح العطاء عام 2012 على المقاولين، ليرسو الجزء الأكبر من المشروع على شركة الطريفي نظرا لانخفاض أسعارها عن باقي الشركات، والتي تولت مسؤولية الشبكات الداخلية، وجزء آخر من نصيب شركة "جاما" الأردنية التي نفذت مشروع الخط الناقل، الذي بدأ من قرية بيت ليد شرق طولكرم وينتهي عند برك المعالجة غرب المدينة، باتجاه أراضي 1948، مبيناً أن المشروع بدأ بقوة بالخط الناقل في مدينة طولكرم، فيما قسّم المقاول شبكات الصرف إلى أربعة فرق وباشر العمل بها على التوازي.
وأضاف صالح أن المشروع تخلله بعض الإعاقات الفنية، منها توقف المقاولين أحياناً عن العمل، وظروف الجو وغيرها أحيانا أخرى، ما تسبب في حدوث تأخير في إنجاز المشروع، مشيراً إلى أن شركة جاما أنجزت جميع أعمالها بحلول شهر تشرين الأول من العام 2015، فيما أنجزت شركة الطريفي ما نسبته 85% من الأعمال، لكن الشركة الأخيرة تعثرت مالياً ما أدى إلى توقفها عن العمل.
وأضاف أنه كان لدى مجلس الخدمات وفرة مالية من قيمة المنحة الألمانية للمشروع بحدود مليوني يورو، ومع ما تبقى من أعمال المشروع التي تركتها شركة الطريفي، اضطر المجلس إلى توقيع عقد جديد مع شركة جاما لإكمال المشروع قبل عدة أيام، ولكن بأعمال جديدة من المتوقع أن يباشر تنفيذها خلال الأيام القادمة وقد تستغرق مدة عام ونصف.
ولفت صالح إلى أن الأصل بالمشروع هو ألا يكون هناك مياه صرف صحي في وادي الزومر، خاصة وأن مصدر مياه الوادي حالياً هي أولا من محطة تنقية نابلس التي تضخ المياه المعالجة في الوادي بسبب عدم وجود خزان لجمع هذه المياه، حيث هناك مساعي لإنشاء خزان بسعة 5 آلاف متر مكعب، ولكن أوضح أن المشكلة هي في أن قريتي بيت إيبا ودير شرف غرب نابلس، تقومان بالتخلص من مياه الصرف الصحي في الوادي بسبب عدم وجود شبكات صرف فيهما، وعندها تختلط المياه المعالجة مع المياه العادمة وتنساب على طول الوادي فتبقى مياهه ملوثة، إضافة إلى قيام بعض المنشآت الصناعية بطرح نفاياتها في الوادي، مطمئنا بأن هذا الوضع لن يطول وستكون هناك رقابة عليها لمنعها من هذا الإجراء.
وأشار إلى مشروع تم طرحه حالياً في نابلس وهو بناء محطة تنقية غرب المدينة، لمعالجة كافة المياه العادمة التي تلوث وادي الزومر، من أجل التخلص من مشكلة بيت إيبا ودير شرف، بحيث تصبح المياه الجارية في الوادي مياه معالجة فقط، مشيراً أن إنجاز مشروع وادي الزومر، سيترك أثراً إيجابيا على جميع النواحي لدى السكان، خاصة وأن كل بيت سيتم ربطه بشبكة الصرف الصحي، وبالتالي تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين والحفاظ على بيئة سليمة في هذه المحافظة.
رئيس بلدية طولكرم إياد الجلاد وهو رئيس مجلس خدمات وادي الزومر، أكد أنه تم إنجاز الخط الناقل بالكامل، واستلامه، وهو يعمل حاليا بشكل جزئي بكافة المناطق التي يمر من خلالها، ويصل إلى البرك غرب المدينة ثم باتجاه أراضي 1948.
وأضاف أن المجلس وقع قبل أيام في العاصمة الأردنية عمان، عقدا مع شركة جاما والجانب الألماني، للبدء بأعمال إضافية على المشروع ستبدأ مطلع أيار القادم، لافتاً إلى أن الشركة جهزت أربع فرق للعمل في الأماكن الأكثر إلحاحاً لتشغيل خطوطها على الخط الناقل، ومشيراً إلى أن تكلفة هذه الأعمال جاءت من الوفر الموجود ضمن الإطار العام للمشروع.
وفيما يتعلق بشركة الطريفي، قال الجلاد إن هذه الشركة لم تنه أعمالها في الشبكات الداخلية للبلدات والمدينة، حيث بلغت نسبة ما أنجزته 85%، أي تبقى 15% لم تنجز، علماً أنها تجاوزت الوقت المحدد بزمن طويل، مشيراً إلى أن المجلس كان في طريقه خلال هذه الفترة لإنهاء عقدها وكفالاتها بشكل نهائي، إلا أن الشركة ذهبت إلى القضاء ورفعت قضية مستعجلة على مجلس الخدمات المشترك بعدم التصرف بأموال الكفالة، والقضية الآن منظورة في المحاكم، معرباً عن أمله في أن يتم البت في هذه القضية سريعاً حتى يتم التصرف بباقي الأموال وإنهاء ما تبقى من أعمال المشروع بشكل كامل.