"الضمان الاجتماعي".. بين مطالبات بإلغائه وتحذيرات من ضياع الفرصة
الاحتجاجات تتصاعد والحكومة ترد بتشكيل لجنة لدراسة البنود محل الجدل
جعفر صدقة
فيما خلا الحكومة، فإن الرفض لقانون الضمان الاجتماعي الجديد بصيغته الحالية، والذي يفترض أن يدخل حيز التطبيق، اعتبارا من يوم غد الخميس، هو سيد الموقف.
الوقوف ضد القانون يتراوح بين الرفض المطلق والمطالبة بإلغائه والشروع في إعداد مشروع قانون جديد يأتي نتاج حوار مجتمعي واسع، وبين مطالبات بتعديل بنود جوهرية، مع التحذير من أن إلغاء القانون، سيفوت فرصة وجود هكذا تشريع حيوي، قد لا تتوفر لسنوات طويلة، فيما يصمت القطاع الخاص رغم أنه كان له اليد الطولى في إعداد القانون.
أمس الثلاثاء، قبل يومين من دخول القانون حيز التطبيق، شهدت مدن فلسطينية مختلفة وقفات احتجاجية على القانون، كان أبرزها في رام الله حيث اعتصم الآلاف أمام مقر مجلس الوزراء، جلهم موظفون في القطاع الخاص والأهلي والمنظمات غير الحكومية، وكان بينهم ممثلون لجميع النقابات، وممثلو فصائل، وأعضاء في المجلس التشريعي، في مشهد يعكس اتساع جبهة الرفض للقانون بصيغته الحالية.
ابرز الرسائل، التي وجهت إلى الرئيس محمود عباس تطالبه بوقف تطبيق القانون لمدة كافية لإجراء حوار كاف يفضي إلى صيغة تراعي مصالح جميع الأطراف، كانت من مؤسستين رسميتين هما: هيئة الكتل البرلمانية في المجلس التشريعي، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، وكلاهما مؤسستا دولة.
رسالة هيئة الكتل، المذيلة بتوقع رئيس الهيئة النائب عزام الاحمد تقول "فوجئنا بتوقيع سيادتكم على مشروع القانون بتاريخ 7/3/2016، وعليه نرجو التكرم بوقف نشر القانون المذكور في الوقائع الفلسطينية ومنحنا الوقت الكافي للنظر فيه واستكمال النقاش بشأنه، نظرا للأهمية الكبيرة لهذا القانون والقطاعات المتعددة التي يتعلق بها".
ورغم نشره في الجريدة الرسمية في 20 آذار الماضي، إلا أن هيئة الكتل البرلمانية استمرت في نقاش القانون ومطالبتها بوقفه، وعقدت عدة اجتماعات مع الاطراف المختلف، وقال امين عام المجلس ابراهيم خريشة إن هيئة الكتل البرلمانية "متمسكة بمطلبها وقف القانون واستبداله بقانون آخر يراعي مصالح الاطراف المختلفة".
وأضاف: المطلوب وقف تنفيذ القانون لافساح المجال امام المزيد من النقاش والبحث لاخراجه بطريقة تعبر عن مصالح كافة الاطراف، مع ادراك الجميع للاهمية الكبيرة لوجود نظام ضمان اجتماعي كفؤ، وهو ما لا يوفره القانون الحالي.
وزير العدل علي أبو دياك، كان قد أعلن أمس الثلاثاء، أن رئيس الوزراء رامي الحمد الله، قرر تشكيل لجنة من وزارات الاختصاص لمراجعة بعض مواد قانون الضمان الاجتماعي التي أثارت النقاش، للتشاور بشأنها مع ممثلي العمال وأصحاب العمل، للخروج بصيغة ملائمة تحقق مصلحة جميع فئات العاملين وأصحاب العمل.
وقال تعقيبا على الوقفة الاحتجاجية، إن قانون الضمان الاجتماعي تم إعداده من فريق وطني يمثل كافة الجهات التي تنطبق عليها أحكامه، وهو يتكون من أكثر من مئة وعشرين مادة، يثور الجدل حاليا حول بعض المواد فيه.
وأضاف أن قانون الضمان الاجتماعي إنجاز وطني، المصلحة الوحيدة للحكومة فيه هي توفير الحماية القانونية والاجتماعية للعمال.
إلغاء القانون يفوت فرصة مهمة
ورغم الملاحظات الكثيرة على القانون من قبل الهيئة المستقلة لحقوق المواطن، والتي دعتها الى توجه رسالة الى الرئيس عباس تطالبه بوقفه لمدة عام، إلا انها حذرت من أن الغاءه بالكامل يفوت فرصة مهمة لانشاء نظام الضمان الاجتماعي، قد لا تتاح مرة اخرى لسنوات طويلة.
وقال مدير عام الهيئة عمار الدويك: "ردة الفعل وحالة اللبس والارتباك التي نشهدها تجاه القانون، هي نتيجة طبيعية لعدم وجود تهيئة كافية للناس والمؤسسات والنقابات".
وأضاف: "هناك مخاوف مشروعة، لكن ردة الفعل تغيب عنها الموضوعية الى حد ما، وهناك مطالب مبالغ فيها، كضمان الامن الوظيفي في القطاع الخاص كما في القطاع العام. اعتقد ان الغاء القانون سيفوت على البلد فرصة تأسيس نظام ضمان اجتماعي، ويبقيها تحت قانون العمل وهو حالة قاصرة".
غياب الثقة اساس المشكلة
اللافت، ان "الحراك الرافض" لقانون لضمان الاجتماعي تمكن من جمع حشود كبيرة منذ اليوم الاول، اذ اضطر المنظمون لـ"اللقاء الوطني حول قانون الضمان الاجتماعي"، الذي عقد في مقر جمعية الهلال الاحمر بالبيرة في 4 نيسان الجاري، الى ازالة الجدران المتحركة الفاصلة بين القاعات لاستيعاب العدد الكبير من المشاركين، وامس الثلاثاء، جسدت الحشود الكبيرة التي شاركت في مسيرة دعا اليها ناشطون تحت اسم "الحملة الوطنية للضمان الاجتماعي" اتساع الجبهة الرافضة لهذا القانون.
وقال الدويك: "المشكلة الاساسية في تعاطي الناس مع قانون الضمان الاجتماعي، كغيره الكثير من القضايا العامة، هو انعدام الثقة بمؤسسات السلطة، وفي هذا مبالغة كبيرة، فنحن نعتقد ان الحد الادنى من القدرة والثقة بمؤسساتنا، العامة والخاصة، متوفرة لادارة صندوق ضمان اجتماعي".
واضاف: صحيح ان هناك العديد من الملاحظات الجوهرية على القانون لا بد من معالجتها، لكن المبالغة في ردة الفعل مصدرها الاساسي تمرير القانون دون اجراء المشاورات والنقاشات اللازمة حول هكذا قانون يمس بمختلف شرائح المجتمع".
"ضمان" بلا ضامن
وعبر الدويك عن مخاوف جدية بشأن صلاحية وامكانية تطبيق القانون، "فاكثر من 80% من المنشآت الاقتصادية هي صغيرة، وعدد كبير منها في القطاع غير الرسمي، ما يجعل من انفاذ القانون في هذه المنشآت أمرا صعبا للغاية، واقتصار انفاذه على المؤسسات الكبيرة.
واضاف: في ظل وضع سياسي واقتصادي غير مستقر، ومع شطب نص بأن الدولة هي الضامن، هذا ادى الى مخاوف مشروعة حول امكانية افلاس الصندوق، ما يتطلب من السلطة القيام بخطوات لزرع الثقة في نفوس الناس.
اضافة الى ذلك، تساءل الدويك عن كيفية انفاذ القانون في قطاع غزة في ظل الانقسام، ما يجعل منه قانونا للضفة فقط.
اضافة الى الرسالة الموجهة الى الرئيس، فقد التقت الهيئة المستقلة لحقوق الانسان رئيس الوزراء رامي الحمد الله، ونقلت اليه مخاوفها وملاحظاتها على القانون، وطالبته بالعمل على معالجة هذه الملاحظات عبر حوار ونقاش واسعين مع جميع الأطراف ذات العلاقة، وتهيئة الناس لتطبيقه، وقال الدويك "لمسنا تجاوبا فيما يتعلق بملاحظاتنا، واعتقد ان الاتجاه هو نحو تعديل بعض البنود محل الجدل".
جوهر القانون
ويرى الخبير المالي والاقتصادي عاطف علاونة، المعد الرئيسي للقانون، انه "يؤسس لنظام ضمان اجتماعي في فلسطين وفق ثلاثة اسس، فهو يوفر دخلا للعامل في حالة الشيخوخة او الاصابة ولاسرته في حالة الوفاة، كما يوفر دخلا ويمول العلاج والتأهيل في حالة الاصابات والعجز الطبيعي، ويوفر دخلا في حالة الامومة (في قانون العمل يتحمل صاحب العمل اجازة الامومة لمدة 10 اسابيع، بينما قانون الضمان احال التمويل الى صندوق الضمان ولمدة 12 أسبوعا).
من المستفيد؟
واوضح علاونة ان الاشتراك في صندوق الضمان الجتماعي الزامي لكل من يعمل في القطاع غير الحكومي بموجب عقد عمل، واختياري لمن يعمل لحسابه الخاص، وكذلك للعاملين خارج الاقتصاد الفلسطيني وفق نظام يصدره مجلس الوزراء.
واضاف: يقوم الصندوق على اشتراكات العامل وصاحب العمل، وليس على المنح او مساهمات الخزينة العامة، ولا يستفيد من المنافع الا من سدد الاشتراكات وفق ترتيب معين، وحدد سن التقاعد بمن خدم لمدة 15 عاما ووصل عمره الى 60 عاما، واذا رغب في التقاعد قبل وصوله الى 60 عاما فإنه يتحمل غرامة 6% من الراتب عن كل سنة ناقصة.
واستدرك قائلا: هذا لا ينطبق على الوفاة والاصابة، فهم يحصلون على تقاعد بعد ثلاثة اشهر فقط من اشتراكهم وكأنه عاش 60 عاما.
ويستثني القانون موظفي السلطة، في القطاعين: المدني الذين يغطيهم قانون التقاعد العام رقم (7) لسنة 2005، ومنتسبي اجهزة الامن الذين يغطيهم قانون التأمين والمعاشات لقوى الامن رقم (16) لسنة 2004، وكذلك العمال الذين تكون علاقتهم بصاحب العمل غير منتظمة، وهذه الشريحة تشمل ايضا كل من يعمل خارج القطاع الرسمي وبينهم مزارعون وعاملون في اعمال عائلية وعمال مياومة، كما لا ينطوي القانون على تأمين البطالة.
الاشتراكات
وبموجب القانون تنشأ ثلاثة صناديق كل منها مستقل عن الآخر، اولها صندوق التقاعد ويمول باشتراكات العامل بنسبة 7.5% من راتبه الشهري، يقابلها 8.5% من صاحب العمل، والثاني صندوق اصابات العمل ويمول من صاحب العمل بنسبة 1.6% دون تحميل العامل اية اعباء، والثالث صندوق الامومة ويمول باشتراكات بنسبة 0.003% من صاحب العمل و0.002% من العامل، وتشمل الاشتراكات في هذا الصندوق الذكور والاناث على حد سواء، متزوجين وغير متزوجين، اضافة الى "صندوق تكميلي" لاشتراكات الزيادة عن الراتب الخاضع للتقاعد (أصحاب الرواتب العالية).
المنافع عند الاستحقاق
وتحسب المنافع عند الاستحقاق على شريحتين، الشريحة الاولى 2% من الحد الادنى للاجور (1450 شيقلا) عن كل سنة خدمة، والشريحة الثانية 1.7% عن سنة خدمة لما هو فوق الحد الادنى للاجور، ومجموعهما يشكل راتب التقاعد.
فعلى سبيل المثال، شخص تقاعد براتب 3 آلاف شيقل، وخدم 30 عاما، فإن راتبه التقاعدي يحسب وفق المعادلة التالية: (1450x2%x30) + (1550x1.7%x30) = (870+790)=1660 شيقلا (اجمالي راتب التقاعد)، ويعادل 55.6% من الراتب اثناء الخدمة، ويزداد الراتب التقاعدي كلما زاد الراتب الأساسي وسنوات الخدمة.
مؤسسة مستقلة
وتنشا بموجب القانون مؤسسة مستقلة باسم "مؤسسة الضمان الاجتماعي"، يشكل لها مجلس ادارة من رئيس (شخصية مستقلة)، و13 عضوا موزعين حسب التالي: اربعة ممثلين عن وزارات: العمل، والشؤون الاجتماعية، والمالية، والاقتصاد الوطني، واربعة ممثلين عن اتحادات العمال، واربعة ممثلين عن اصحاب العمل، وخبير مالي اكاديمي.
نقابات: زلزال يستدعي استنفار كل الطاقات
ووصف رئيس نقابة العاملين في جامعة بيرزيت، سالم دوابة، قانون الضمان الاجتماعي بأنه "زلزال" يستدعي استنفار كل الطاقات لمواجهته.
وقال: اصبنا بالصدمة حين صدر القانون، وكأن زلزالا قد حصل، ولخطورة تداعياته طلبنا من معهد الحقوق في الجامعة تقييم القانون، وبالفعل فقد اعد الخبير القانوني في معهد الحقوق محمد ابو خضر ورقة حول القانون اعتمدت من قبل النقابة.
مبعث المفاجأة، حسبما قال دوابة، "اولا: اننا كنقابات عاملين في الجامعات المختلفة، او كاتحاد لهذه النقابات، لم تجر استشارتنا بشأن هذا القانون المهم والحيوي، ولم ندع لأي اجتماع لنقاشه، وثانيا: ان القانون الجديد حاول معالجة موضوع في غاية الاهمية، والمتمثل في حماية العمال من الفقر والعوز وتوفير حياة كريمة، مع مراعاة ما تم تحقيقه في قانون العمل الحالي والبناء عليه، الا انه لم يوفق في ذلك، حيث اعتبراه العديد من الاشكاليات واوجه القصور، منها ما هو هيكلي، ومنها ما هو الدستوري، ومنها ما هو قانوني وتنظيمي".
الملاحظتان الابرز على القانون، واللتان جلبتا كل هذا العداء للقانون، تتمثلان بالزامية تحويل اموال صناديق ادخار العمال والموظفين، ومكافآت نهاية الخدمة القائمة حاليا في الشركات والمؤسسات الخاصة والاهلية الى "صندوق تقاعد تكميلي" ينشأ ضمن الصناديق التي ستكون تابعة لمؤسسة الضمان الاجتماعي، ويرى العمال في هذا مسعى من المؤسسة المنتظرة والشركات التي ستدير اموالها، للسيطرة على حقوق صرفة للعمال، والملاحظة الثانية خلو القانون من اي نص ينطوي على ضمانة الدولة لهذه الصناديق.
وقال دوابة "لا شك ان الانضمام الى نظام تقاعد جيد هو احد الطموحات البسيطة والمشروعة وحق اساسي للعاملين، وواجب على السلطات العامة والمؤسسات المشغلة ان تعمل على احقاق هذا الحق، بالنظر الى ما يشكله العمال من عناصر بناء اساسية في المجتمع، مع التاكيد في هذا السياق على ما حققه العاملون ونقاباتهم خلال الفترات الصعبة السابقة، والازمات التي خاضوها من اجل تحسين ظروف حياتهم في ظل اوضاع اقتصادية عامة اقل ما يقال عنها انها صعبة ومعقدة".
واضاف: كان من المتوقع ان يضمن هذا القانون، كما هو الحال بالنسبة لقانون العمل ساري المفعول، توزيعا متوازنا في الأعباء والمنافع، لكن نظرة عامة لهذا القانون توحي بسياسة تقوم بشكل اساسي على الاخذ من العمال بنسب عالية من جهة، وتضيق عليهم في احتساب المنافع من جهة اخرى، اضافة الى سياسة غير واضحة في التعامل مع ما هو قائم من قوانين وانظمة وما يترتب عليها من منافع، او انظمة تتعلف بالتوفير والادخار ومكافأة نهاية الخدمة، هذا كله في ظل غموض وعدم تماسك مقنع بشأن الديمومة والثبات والاستقرار على نحو يضمن وجود التقاعد لحظة استحقاقه، او استمرار دفعه للمنتفعين مباشرة او لورثتهم من بعدهم.
وتابع: القانون يكرر انشاء مؤسسة للضمان على غرار هيئة التقاعد الفلسطينية التي انشئت لتقوم بنفس العمل وتحقق نفس الاهداف مع اختلاف المسميات والآليات والضمانات، فلماذا هذا التخبط؟ أليس هذا تكرارا لسيناريوهات سابقة بمسميات مختلفة: تأمينات اجتماعية، او تقاعد عام، او ضمان اجتماعي؟ مع التأكيد على غرابة المؤسسة التي ستنشأ بمقتضى هذا القانون، فبخلاف اي منطق او تجربة مقارنة، سيتم ادارة هذه المؤسسة بشكل رئيسي من قبل السلطة دون ادنى مسؤولية عن استدامتها، اضافة الى مشاركة مشروطة ومعززة بموافقة رسمية لممثلين عن العمال واصحاب العمل، وصولا الى حالة مربكة ومركبة من المؤسسات والقواعد التي تتعلق بذات سوق العمل والعمال متجاهلة الانقسام. أن هذا القانون المهم والحيوي،
صلاحيات واسعة للحكومة ومسؤولية غائبة
احدى ابرز الملاحظات المثيرة للجدل على القانون، تتمثل في ان تشكيلة مجلس الادارة، سواء من حيث العدد او التركيبة، تعطي الحكومة سيطرة شبه مطلقة على مؤسسة الضمان الاجتماعي، دون اية مسؤوليات.
فقد حدد القانون عدد اعضاء المجلس بـ14، وهو عدد وزوجي، ما يعني ان رئيس المؤسسة يرجح كفة التصويت في حال التعادل في الاصوات، كما ان كل الاعضاء تقريبا تختارهم الحكومة، سواء بشكل مباشر او غير مباشر، في وقت ان القانون خلال من اي نص يحدد ان الدولة هي الضامن لصندوق التقاعد.
ويظهر، من نصوص القانون اليد الطولى للحكومة في تشكيلة مجلس الادارة ايضا، فاضافة الى الممثلين الاربعة للحكومة بشكل مباشر (مدراء عامين في الوزارات الاربع)، فان الرئيس، وهو شخصية مستقلة يعينه رئيس الدولة بتنسيب من مجلس الوزراء، كما ان ممثلي العمال تتم تسميتهم من قبل الاتحادات الاكثر تمثيلا، وممثلي اصحاب العمل تتم تسميتهم من قبل اتحادات اصحاب العمل الاكثر تمثيلا، وتحدد هذه الصفة لاتحادات العمال واصحاب العمل (الاكثر تمثيلا) من قبل وزارتي: العمل، والاقتصاد الوطني، بوصفهما "جهات اختصاص".
كذلك، حصر القانون تسمية العضو الرابع عشر (الخبير المالي الاكاديمي) بمجلس الوزراء.
ويرى قانونيون ونقابيون ان هذه التركيبة، اضافة الى زوجية عدد الاعضاء التي تجعل القرار في الجهة التي يصوت فيها رئيس المؤسسة في حال تعادلت الاصوات، فإن السيطرة للحكومة تكون شبه مطلقة مقابل غياب شبه تام لأية مسؤوليات، خاصة لجهة ضمان اموال الصندوق في حال حدوث اي عجز.
لماذا يصمت أصحاب العمل؟
بالاجمال، فإن قانون الضمان الحالي، كما يرى منتقدوه، حمل العمال اعباء الى اقصى حد ممكن، مقابل تخفيف الاعباء عن اصحاب الاعمال الى ادنى حد ممكن، سواء بالمقارنة مع قانون التأمينات الاجتماعية الذي تم الغاؤه، او قانون العامل ساري المفعول.
في حسبة مقارنة بين قانوني الضمان الاجتماعي الجديد، والعمل ساري المفعول، لجهة مساهمة صاحب العمل، لموظف يبدأ العمل في شركة براتب 2500 شيقل، بزيادة سنوية 5%، وخدمة لمدة 15 عاما، فإن مساهمة صاحب العمل في صندوق الضمان حسب القانون الحالي تنخفض إلى 2550 شيقلا في العام الاول، من 4950 شيقلا مخصص مكافأة نهاية خدمة بموجب قانون العمل ساري المفعول.
بالمقابل، فإن مساهمة العامل ترتفع من صفر في العام الاول من الخدمة بموجب قانون العمل الحالي، إلى 2250 شيقلا.
بالاجمال، فإن مساهمة صاحب العمل، على مدى 15 عاما، تنخفض الى حوالي 55 ألف شيقل وفقا لقانون الضمان الجديد، من حوالي 74 ألف شيقل وفقا لقانون العمل ساري المفعول، مقابل ارتفاع مساهمة العامل، على مدى الاعوام الـ15، من صفر وفقا لقانون العمل ساري المفعول، إلى حوالي 50 ألف شيقل وفقا لقانون الضمان الجديد.
وفي المحصلة، فإن هذا العامل (راتب ابتدائي بـ2500 شيقل وخدمة 15 عاما بزيادة سنوية 5%)، يحصل على راتب تقاعدي، بموجب قانون الضمان الجديد، بمقدار 1327 شيقلا، تشكل 27% من راتب اخر شهر تقاضاه على رأس الخدمة (4950 شيقلا).
إيجابيات لا يجب التفريط بها
ورغم كل هذه الملاحظات الجوهرية على قانون الضمان الجديد، قال الدويك إن هناك ايجابيات في غاية الأهمية ينطوي عليها القانون، ولا يجوز التفريط بها، ابرزها ان القانون يوفر تأمين شيخوخة، وتأمينا الزاميا لاصابات العمل، لقطاع واسع من العاملين، علما ان حوالي 75% حاليا لا تتوفر لهم اية ضمانات من هذا النوع، و20% فقط يحصلون على مكافأة نهاية الخدمة، ويتيح للعمال اللجوء للصندوق للمطالبة والحصول على حقوقهم، والصندوق بدوره يحصلها من اصحاب الاعمال، ويشجع على انفاذ الحد الادنى للاجور.
كذلك، قال الدويك، ان القانون يحمل تأمين الأمومة لمؤسسة الضمان الاجتماعي وليس لصاحب العمل، وفي هذا تشجيع لتشغيل النساء.