نتنياهو يقنص (فرنسا هولاند) بالجولان ! موفق مطر
وضع رئيس حكومة دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الشاهد على قبر المبادرة الفرنسية تمهيدا لاغتيالها على يديه، عندما قال بمناسبة انعقاد جلسة حكومته في الجولان العربي السوري المحتل: "كان الجولان جزءا لا يتجزأ من ارض اسرائيل في العصر القديم وما زال جزءا لا يتجزأ من الاراضي الاسرائيلية في العصر الحديث ".
يتحدى نتنياهو المجتمع الدولي بضربة وقائية استباقية، ويبعث برسالة مزدوجة غير مباشرة لفرنسا ولمجلس الأمن الدولي أن اسرائيل لن تفكر ولو بمجرد الاصغاء لعقد مؤتمر دولي للسلام، وانشاء مجموعة عمل دولية، لانهاء الصراع والاحتلال كما يريد الرئيس محمود عباس، وأن العالم مجتمعا لن يتمكن من اجبار اسرائيل المتمردة على القانون الدولي على الانصياع لأي قرار دولي من مجلس الأمن يقرر أن الاستيطان اليهودي الاسرائيلي باطل بلا شرعية وانه عقبة امام السلام وانهاء الصراع في المنطقة، ولا ينسى نتنياهو بهذه الفعلة ان يبعث (سلفا) بتعزية للعرب لأن عربة مبادرتهم (الرهيفة) ستصطدم بدبابة جيشه الاقوى في المنطقة، وجرافة مستوطنيه المجنزرتين عاجلا !!.
بديهي جدا اعلان هذا التحدي الاسرائيلي غير المسبوق، فروسيا المنشغلة في الحرب على الارهاب في سوريا، وتأمين مصالحها وقواعدها هناك، ليست في وارد الدخول في صدام مع اسرائيل، وهذا ما يفسر وضع نتنياهو توقيت زيارته الى موسكو بعد ايام على رسالة التحدي هذه، والايعاز لصحافته بتسريب خبر اطلاق نيران روسية في سوريا على طائرات اسرائيلية، حتى يبدو الأمر وكأن زيارة نتنياهو لموسكو بمثابة رسم حدود المصالح على حساب سوريا، فيضمن بذلك تعزيز مواقعه السياسية في اسرائيل، ويثير (غيرة واشنطن) على مصالحها مع اسرائيل التي قد تفكر بالتعامل بايجابية مع المقترح الفرنسي، او بنوع من التساهل مع مشروع القرار الفلسطيني لمجلس الأمن بخصوص الاستيطان، استجابة لمطالب عربية، او لاستعادة ثقلها في المنطقة، او لكبح جماح اللاعب الفرنسي، العائد للشرق الأوسط بقوة.
لا مجال للصدفة في حسابات اسرائيل الاستراتيجية، فكل الأمور مخطط لها ومحسوبة بدقة، حتى وان احتاج الأمر تغيير قواعد اللعبة، فاسرائيل مستعدة للتعاون مع روسيا في موضوع المسالة السورية، حتى لو كانت الادارة الأميركية واوروبا تدعمان المعارضة، اذ ليس بالضرورة– حسب اسرائيل– ان تتبنى اسرائيل اوتوماتيكيا الموقف الأميركي، ولا يعني ذلك الانسجام والتوافق مع الموقف الروسي، فالخلاف بين اسرائيل وروسيا حول قضايا الصراع في المنطقة وتحديدا القضية الفلسطينية، ابعد بمئة ضعف طولا وعرضا عن مستوى الالتقاء في المواقف بين روسيا وفلسطين، لكن لغة المصالح تتقدم على لغة المبادىء عند استشعار الأخطار الفعلية، وهنا يجب علينا البحث عمن يقف وراء هذا الارهاب في المنطقة ومبتغاه ومقاصده في تحويل التحالفات بواقع 180 درجة، حتى ان المرء يجد نفسه عاجزا عن تفسير ما يحدث، فيهرب الى قنوات الكوميديا، بديلا عن تعقيدات قنوات الأخبار والحوارات السياسية!
يعي الرئيس ابو مازن صلف اسرائيل واستكبارها، ويعلم وهو المؤمن باستراتيجية النضال الدبلوماسي المتلازم مع المقاومة الشعبية السلمية أن دولة الاحتلال المستقوية بسلاحها قد تستطيع عرقلة مساعي العالم لاحلال السلام والأمن في مركز العالم، هنا في الشرق الأوسط، لأنها– اي اسرائيل– ليست مستعدة بعد للاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني بقيام دولته المستقلة، ولأنها ما زالت تعتمد منهج القرون الوسطى في التعامل مع الشعوب الأخرى.. لكنه مع ذلك مستمر بجهوده لانقاذ المنطقة والعالم من التحول الى حروب دينية، قد يندم العالم ان لم يسارع الى تفاديها، بضغط عالمي على دولة الاحتلال (اسرائيل) للانسحاب حتى حدود الرابع من حزيران، بما فيها القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين، فيكون بذلك كمن ادى رسالته الوطنية امام الشعب الفلسطيني، والانسانية امام العالم، فمحمود عباس ابو مازن اكبر من رئيس، وأعظم من سياسي، انه رسول سلام في زمن عمت فيه زعامات الحرب، وطبلت وزمرت على نيرانها اباليسها! وما قنص نتنياهو لفرنسا ورئيسها (فرانسوا هولاند) وللسلام من اعلى هضبة الجولان الا برهان.. فنتنياهو يعرف جيدا ان المبادرة العربية نصت ايضا على انسحاب اسرائيل من الأراضي العربية المحتلة كافة كشرط للسلام.