انتخابات مجالس الطلبة.. ديمقراطية تراكمية - موفق مطر
لأن الديمقراطية تجارب عملية لاثبات صحة وصواب الفكرة النظرية، ولأن انجاح تجربة انتخابات المجالس الطلابية في الجامعات الفلسطينية، تؤسس لمستقبل واستقرار النظام السياسي الفلسطيني، يحرص المؤمنون بمبادىء الحرية والتعددية، وتداول السلطة سلميا على حفر (الانتخابات) في الوعي الفردي والجمعي لشرائح المجتمع، وتحديدا لدى اجيال المعرفة والعلم (طلبة الجامعات) بافتراض انهم قادة المستقبل، يتابعون مسيرة القادة الأوائل الذين ارسوا قواعد الديمقراطية في مراحل الكفاح الوطني، بعد نضوج خبراتهم وعلومهم واتساع معارفهم عنها ورؤيتهم تأثيرها المباشر على امن وسلام واستقرار النظم السياسية في دول العالم المتقدمة والنامية ايضا. ديمقراطية تراكمية هو الوصف الملائم- كما نعتقد- لمجمل التجارب الناجحة او المتعثرة او الفاشلة حتى التي تعيشها اجيال الطلبة، ونعيشها معهم مع تلك التي عشناها من قبل، فهذا الكم من التجارب كفيل بتشكيل اساس متين وصلب لبناء الدولة، رغم معرفتنا وادراكنا لمستوى وحجم التحديات، فنحن ممنوع علينا النجاح او صياغة منهج حياة معاصرة كما فعلت الشعوب التي نالت حريتها واستقلالها، ليس بسبب الضغوط والموانع الخارجية وحسب، بل لأن قوى داخلية عندنا ترى في الديمقراطية نقيضها الجوهري، ومقتلها، وسر فشلها في استغلال الجمهور، ومنعها من السيطرة عليه بمفاهيم وشعارات وخطابات مصبوغة بمصطلحات دينية أو اجتماعية خاطئة ومحرفة. النجاح في التجرية واستلام زمام الامور لاثبات الذات امام الجماهير حق مشروع لا ينازع عليه، لكن هناك فرقا بين الايمان بانجاح المبدأ والفكرة ونجاح الكتلة السياسية، ففي الحالة الاولى من النجاح، نكرس الانتخابات سبيلا عمليا لمنهج الحياة السياسية التي نرتضي شكلها، بتوافق الأقلية مع الأغلبية على المصلحة الوطنية خلال الفترة الانتخابية ايا كانت مدتها، اما اذا بقيت اهدافنا محصورة في تحقيق النجاح للكتلة السياسية المترافق مع هبوط اخلاقي ووطني كاطلاق تهم التخوين او التكفير، او العمالة او التشويه والتشكيك، واعتبار النجاح سحقا للآخر وكأننا في معركة كسر عظم، فهذا يعني اننا في خضم (العفس ببطن الديمقراطية) فيما الأصل ان يكون تنافسا ديمقراطيا. فالهدف الاساس من الانتخابات الانتصار لمبدأ تداول السلطة سلميا حسب اختيار شريحة المستهدفين من العملية الديمقراطية، وتثبيت منهج الديمقراطية كعقيدة للحياة السياسية.