أسئلة ملحة وضرورية
تزايدت على نحو مفجع في الآونة الأخيرة حوادث السير المروعة في شوارع بلادنا، وآخرها الذي أودى بحياة خمسة مواطنين في الخليل، ثلاث فتيات وطفل وشاب، راحوا دفعة واحدة بضربة هذا "الحادث المروري" وصحيح تماما أن للقدر كلمته بعد أي كلمة، وأنه لا راد لقضاء الله سبحانه وتعالى، ولكن وطبقا للحديث الشريف فإن التأني من الله والعجلة من الشيطان، ولا شك أن التهور بقيادة السيارة عبر السرعة الزائدة عن حدها، هي "عجلة" الشيطان بحد ذاتها، ولا شك أيضا أن هذه "العجلة" لا تتحكم بقدم ذلك السائق فقط، وإنما بعقله ومستوى إدراكه للمسؤولية المهنية والاخلاقية، وبمدى احترامه لقوانين المرور، التي اساسها في البعد الحضاري أن السياقة "فن وذوق وأخلاق" ولأجل أمر واحد فقط، هو تأمين السلامة العامة.
والواقع أن الأمر لا يتعلق "بعجلة" الشيطان فحسب، ولا يصح أن نجعل من هذه "العجلة" مشجبا، إذ ثمة شروط ومعايير وإجراءات وامتحانات لمنح رخصة السياقة، نظن اليوم ومع تزايد حوادث المرور المروعة، انها غير فاعلة تماما وان تجاوزات معيبة تجعلها كذلك، لتمنح الرخصة دون تمهل ولا تفحص وبسهولة لكل من يتقدم لطلبها تقريبا ...!!!
وثمة واقع آخر ينبغي تفحصه بجدية ومسؤولية، هو واقع مدارس تعليم السياقة، ولا بد أن نسأل هنا: هل تدرس هذه المدارس القوانين والقيم المرورية بأسسها الحضارية والأخلاقية لطلابها، قبل تعليمهم تقنيات قيادة المركبة..؟؟ وهل ثمة قوانين وشروط تلزم هذه المدارس بهذه الدروس؟؟ ومن بعد ذلك، هل ثمة مراجعة لذلك، من الجهات التي تمنح الشرعية القانونية لهذه المدارس...؟؟
إنها التقوى والمسؤولية الوطنية والأخلاقية، التي تفرض علينا أن نفتح هذا الملف بمثل هذه الكلمة وهذه الأسئلةِ، فهذه حياة أهلنا التي تنتهي بحادث مفجع، يظل بالإمكان تلافيه مع سياقة غير متهورة، بل هي أرواحنا التي تتلوى وجعاً وحزنا، مع كل فاجعة مرورية، ولا سيما أن الاحتلال بسياساته الدموية المتطرفة يسبب لنا الفاجعة تلو الأخرى، وابشعها ما اقترفه قبل أيام عند حاجز قلنديا من جريمة بشعة، حين أجهز جنوده على "مرام طه" وجنينها الذي لم يحمل اسما بعد، وشقيقها "إبراهيم" لا بدم بارد فقط، وإنما بدم حاقد بعنصريته القبيحة، وبذريعة سكين لا وجود لها البتة..!!
قلوبنا تنزف ألما ووجعا كل يوم، وإن كنا نعالج جراحنا التي يسببها لنا الاحتلال بالصمود والتحدي والصبر والأمل، ونحملها أوسمة لأجل فجر الحرية والاستقلال، فبأي شيء سنعالج جراح الفواجع المرورية التي زادت عن حدها...؟؟؟ والأهم كيف نوقف هذا النزيف الذي تسببه، ونجعل المرور في شوارعنا أكثر أمنا وسلامة.؟؟؟ سؤال برسم التربية والثقافة العامة والقوانين بكل مؤسسات هذه العناوين، وبالطبع سيظل هذا السؤال برسم السائق في المحصلة كي ينطلق على الطريق بروح المسؤولية بلا تعجل ما زال يقود مع الأسف الشديد إلى خسارات فادحة .