غزة .. أطفال في سوق العمل
زكريا المدهون
في سوق مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، يلح الطفل أحمد (اسم مستعار) على المتسوقين لشراء "النعناع" مقابل شيقل واحد لكل ربطة.
أحيانا تنجح محاولات أحمد (12 عاما) بقيام أحد المتسوقين بالشراء منه عطفا على حالته، وفي أحيان أخرى تفشل لكنه يعيد الكرة مرة أخرى.
وتنتشر في قطاع غزة المحاصر منذ عشرة أعوام ظاهرة عمالة الأطفال في الورش والمصانع، إضافة إلى البيع في الأسواق وعلى مفترقات الطرق للتغلب على الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعانيها أسرهم.
وقال أحمد صاحب الجسد النحيف: "إنه يبيع "النعناع" لمساعدة أسرته التي تعاني من الفقر، بيد أن والده عاطل عن العمل منذ سنوات"، مشيرا إلى أنه يتعرض للإحراج ومواقف صعبة خلال عمله في السوق.
ويبلغ عدد العاطلين عن العمل في قطاع غزة حسب الجهاز المركزي للإحصاء، حوالي 193 ألفا، في حين بلغت نسبة البطالة 41% والفقر المدقع 60%.
وأشار أحمد الى أنه في أحسن الأحوال يبيع طوال اليوم بعشرة شواقل، لافتا الى أن أسرته تعتمد على المساعدات المقدمة من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
وتشير التقارير الاقتصادية، إلى أن حوالي 80% من سكان قطاع غزة (1.9 مليون نسمة) يعتمدون على المساعدات المقدمة من "الأونروا" ومؤسسات خيرية.
ويتعرض الأطفال العاملون، لاستغلال من قبل أرباب العمل، علاوة على الظروف القاسية والصعبة التي يعملون بها داخل المصانع والورش.
وما زاد من الأوضاع الاقتصادية سوءا هو تعرض القطاع لثلاث حروب أدت الى تدمير مئات المنشآت والمصانع، وانضمام معظم العاملين فيها إلى جيش البطالة.
وفي أحد أطراف السوق الشعبية كان أحد الأطفال ينادي بأعلى صوته على المتسوقين لشراء الخضروات.
ويعمل ذلك الطفل الذي يدعى "عبد الله حسن"، على بسطة لبيع الخضار عند أحد التجار لمساعدة أسرته التي ينهشها الفقر والجوع كما يقول.
"والدي مريض ولا يشتغل، وإخوتي لا يعملون فأقوم بالبيع على البسطة قبل الدوام المدرسي وفي الاجازات لتوفير بعض الشواقل لأسرتي"، قال عبد الله (15 عاما).
وتشير إحصائيات الجهاز المركزي الخاصة بالقوى العاملة لعام 2015 بوجود (9.700) طفل عامل في قطاع غزة يعملون في العديد من الورش والمصانع والمنشآت الاقتصادية المختلفة.
بالمقابل يعتقد مدير العلاقات العامة والاعلام في غرفة تجارة وصناعة غزة ماهر الطباع، أنه إذا أضفنا إلى عمالة الاطفال من يعملون في الشوارع وعلى المفترقات في مهن مختلفة، سوف يتضاعف عدد عمالة الأطفال في فلسطين عن العدد الرسمي المعلن.
وأشار الى أن نسبة الشباب العاطلين عن العمل في القطاع من الفئة العمرية (15-29 عاما) تبلغ 51.5%، داعيا لتكاتف جهود كافة المؤسسات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني لمحاربة ظاهرة عمالة الأطفال عبر برامج التوعية والتثقيف.
كما دعا إلى ضرورة وجود ضمان اجتماعي للأسر الفلسطينية الفقيرة للحد من ظاهرة عمالة الأطفال، وكذلك اتخاذ إجراءات حازمة ضد من يشغلون الأطفال في منشآتهم.