غزيات يناضلن على جبهة الفقر
تُجابه العشرات من النساء الغزيات من أجل التغلب على الفقر الذي يواجهُهن في القطاع لتحسين ظروف حياتهن.
أرامل ومطلقات وعزباوات ومنفصلات وأخريات لديهن أزواج غير قادرين على تلبية احتياجات أسرهن، بسبب الإعاقة أو الأوضاع الصحية، استهدفهن مشروع "برنامج تمكين النساء المعيلات لأسرهن" التابع لـ"الأونروا".
عزية أبو عمرة المقيمة في حي السلام بمدينة رفح جنوب غزة، واحدة من بين هذه النساء.
هناك في حي السلام بجانب مسجد الحي تستطيع أن تجد البقالة الصغيرة حيث تجلس بها عزية خلف طاولة العرض، وتنظم علب البسكويت والعلكة وألواح الشوكولاتة.
تقول عزية: "افتتحت هذه البقالة منذ 5 سنوات، وقد لاحظت من البداية وجود أصحاب محلات وبقالة أكثر تنظيما ونجاحا، وعندما سمعت عن مشروع تدريب النساء المعيلات لأسرهن المنفذ من قبل جمعية الكرامة، إحدى منظمات المجتمع المحلي المدعومة من الأونروا، قررت على الفور المشاركة من أجل معرفة كيفية إعداد خطة مشروع عمل".
تعتبر عزية واحدة من أصل 295 سيدة معيلة لأسرهن في قطاع غزة حتى هذا اليوم ممن شاركن في البرنامج التدريبي حول إدارة مشروع العمل من خلال مشروع "برنامج تمكين النساء المعيلات لأسرهن"، المنفذ من قبل مبادرة النوع الاجتماعي في "الأونروا" بالشراكة مع جمعية عايشة لحماية المرأة والطفل عبر 15 جمعية مجتمع محلي.
ووفق تقرير لـ"الأونروا" اليوم الثلاثاء، فقد حصل هذا المشروع على تمويل من حكومة النرويج. ويهدف البرنامج التدريبي إلى تمكين النساء المعيلات لأسرهن من التغلب على الفقر الذي يواجههن في قطاع غزة، من خلال تزويدهن بالمهارات التي تساعد على تحسين ظروف حياتهن.
وتبقى النساء المعيلات للأسر من أكثر المجموعات ضعفا في المجتمع والمعرضات للتهميش ولمستويات فقر عالية والوصم الاجتماعي، يقول التقرير الأممي.
يستهدف المشروع النساء الأرامل والمطلقات والعزباوات والمنفصلات أو ممن لديهن أزواج ولكن غير قادرين على تلبية احتياجات الأسرة، بسبب الإعاقة أو الأوضاع الصحية مثلما الحال مع زوج السيدة عزية.
كذلك كانت عبير محمد أبو السعود التي أتت من الأردن إلى قطا ع غزة قبل 17 عاما للزواج، إلا أن وضع العائلة الاجتماعي والاقتصادي استمر في الهبوط والتدهور، حيث قررت أن تفتتح مشروع عمل، وتسهم في معيشة وإعالة أسرتها عبر بيع الفطائر للطلاب، واليوم، تعتبر عبير المعيل الأساسي لعائلتها.
تتذكر عبير بداية مشروعها قائلة: "بدأت أستيقظ الساعة 3 صباحا لإعداد الفطائر، وفي نفس الوقت، بدأت الذهاب إلى السوق لمقارنة الأسعار وأقوم بحساب النفقات والربح"، وكان المشروع يتقدم بشكل جيد، ومع ذلك، شعرت عبير أنها تحتاج إلى تحسين مهاراتها ولتحقق مزيد من النجاح.
كذلك بعد شهرين من الانتهاء من التدريب ضمن مشروع "برنامج تمكين النساء المعيلات لأسرهن"، افتتحت هيام حسان اللوح البالغة من العمر 42 عاما ورشة تصنيع لمساحيق المنظفات.
قالت هيام الأرملة التي فقدت زوجها في عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014 ولديها ثمانية من الأطفال، إنها استفادت من التدريب، الذي منحها الثقة والقوة والمهارات لافتتاح مشروعها الخاص.
تعلق هيام: "لقد شعرت بالفخر والسعادة، ولكن بنوع من الخوف أيضا، وأخيرا، شعرت بالاستقلالية ولكنني أيضا افتقدت إلى الخبرة". وتسعى هيام إلى توصيل الدعم الذي حصلت عليه إلى نساء ضعاف أخريات، واليوم، توفر هيام الفرص لـ12 سيدة من النساء المطلقات والمهجورات أو الأرامل لكسب الدخول بأنفسهن من خلال بيع أدوات التنظيف بأسعار مخفضة، وبما يمكنهن من تحقيق الربح عبر إعادة بيع تلك المنتجات.
كذلك قصة وفاء البالغة من العمر 26 عاما، التي درست الكيمياء إلا أنها توقفت عن الدراسة عندما تزوجت قبل سبعة سنوات، ولكن بعد أن طلقت، أنهت درجة البكالوريوس، ومع ذلك، لم تتمكن من إيجاد عمل، بالإضافة إلى ذلك، كان عليها أن تتعامل مع نظرات وتحيزات المجتمع ضد المرأة المطلقة، والذي أثر في البداية على ثقتها بنفسها واحترام ذاتها.
وقالت وفاء بنوع من الفخر: "رغم كل هذه الظروف، في أحد الأيام خطرت في بالي فكرة افتتاح مركز تعليمي يقدم دروسا تعليمية في مواد الحساب والعلوم للطلاب الذين لديهم صعوبات في تلك المواد، وفي الحقيقة، بدأت مشروعي بطالب واحد، واليوم؛ أقوم بتدريس ستة طلاب من المرحلة الإعدادية والمرحلة الثانوية".
أرادت وفاء أن توسع مشروعها، وعليه شاركت في البرنامج التدريبي "برنامج تمكين النساء المعيلات لأسرهن".
وبالرغم من الصعوبات، فإن وفاء ليست من النوع الذي يستسلم بسهولة، وتقول للشابات اللواتي مررن بنفس وضعها: "فقط دائما استمري، فالحياة عبارة عن كفاح، ولكن لا تتوقفي مطلقا عن تحقيق سعادتك".