اطفال ابو هندية وشمعة الظلام - حسن سليم
لم يكن من قال :" أن تضيء شمعة خير من أن تلعن الظلام"، يعلم ان تلك العبارة والنصيحة لا تصلح لكل الازمان والامكنة، وبان اشعال الشمعة يمكن ان يكون سببا في مأساة، بحرق ثلاثة اطفال، شاءت الاقدار ان يعيشوا في قطاع غزة.
اطفال ابو هندية الثلاثة الذين قضوا حرقا وتفحمت اجسادهم في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، بعد عودتهم وعائلتهم من رحلة ترفيهية على شاطئ بحر غزة ليسوا اول الضحايا لأزمة الكهرباء في قطاع غزة، بل رفعوا عدد الضحايا الى 29، من بينهم 23 طفلا.
قطاع غزة، المنتج الاكبر والمورد الاكثر للضحايا، سجل اضافة الى ضحايا ازمة الكهرباء، 7 ضحايا للانتحار خلال الربع الاول من العام الحالي، اي بزيادة 100.25% عن العام المنصرم، سواء بالشنق او اشعال الضحايا للنار باجسادهم، او رمي انفسهم من على اسطح المنازل، وذلك هروبا من ضغط الحياة ومتطلباتها، دون ان تسبب تلك الحوادث المؤلمة باي اكتراث من سلطة الامر الواقع، التي لا تزال تعتقد ان ثمة فرصة لبقاء حكمها، رغم كل ما انتجت من فقر، وتسببت في مآسي، وخراب سياسي، ولا زالت تصر ان بامكانها الاستمرار بالاختباء في عباءة المقاومة، واقناع الجمهور بان وجودها ضرورة لاستمرار المقاومة.
احتراق اطفال عائلة ابو هندية، كما الحوادث التي سبقتها، كان تستوجب موقفا شجاعا من قيادة حركة حماس، وومن يدعون العقلانية، ان التراجع بات ضرورة لوقف التسبب بهذا النزيف من المعاناة للابرياء، الذين يضطرون لدفع ضريبة الانقسام، الذي لا يفيد سوى بتربع مجموعة استمرأت هذه الحالة، وبالعيش على نكبات المقهورين. ان مجرد السؤال عن الجهة التي تتحمل المسؤولية، انما يثير الاشمئزاز، ولا يبشر بخير، بل يخبرنا بانتظار المزيد من الضحايا، وبان هذا القطاع الحبيس، مطلوب منه التكيف مع هذه الحالة، وعليه الاستمرار بتقديم اطفاله قرابينا لضمان بقاء سلطة، ادعى القائمون عليها انهم تركوها، ولكن الحقيقة انهم اخبرونا من قبل، انهم " تركوا الحكومة ولم يتركوا الحكم".
ان من يتحمل المسؤولية، هو من يحكم غزة، وشعاره " العصا لمن عصى"، ويعتبر غزة شقة مفروشة يقيم فيها، وعلى الآخرين التطفل بتكاليفها، ومأكله ومشربه، ولم تنقطع الكهرباء عن بيته منذ صيف 2007، رغم كل الازمات، ولم ينتظر فتح المعبر للخروج من القطاع، كونه يمكلك انفاقا يتحرك من خلالها، ويتحمل المسؤولية من منع حكومة التوافق الوطني من ممارسة عملها، سواء بالادارة او بالاعمار، بل حبس وزرائها، وقايضهم على رواتب عناصره، مقابل السماح لهم بالحركة، ويتحمل المسؤولية من جعل قطاع غزة ورقة للمتاجرة مع دول اعتقد انها حليفة له، وزين شوارعها بصورهم كانهم الفاتحين.
الاحتلال الاسرائيلي السبب الرئيس والاول لكل نكباتنا ومآسينا، وصراعنا يجب ان لا يكون الا معه، لكن للاسف ما يجري هو صنيعة محلية غبية، لم تقرأ بعد خطورة ما يجري، وما يجلب من خراب، يريده البعض لنا، والظن ان لم يتم وقفه، بانهم نجحوا.