واسيني الأعرج وعلي بدر وليلى الأطرش في ندوة "القدس في الرواية العربية"
-ضمن فعاليات معرض فلسطين الدولي العاشر للكتاب
ضمن نشاطات معرض فلسطين الدولي العاشر للكتاب، عقدت مساء اليوم الخميس، ندوة بعنوان "القدس في الرواية العربية" وذلك في قاعة توفيق زياد في مقر المعرض برام الله.
قدم الندوة الروائي يحيى يخلف، وشارك فيها الروائي الجزائري واسيني الأعرج، والروائي العراقي المقيم في بلجيكا علي بدر، والروائية الفلسطينية ليلى الأطرش.
وقال يخلف في مقدمة الندوة: تشكل القدس مركزاً ساهم في إثراء الحضارة الإنسانية على مر العصور، لذلك كانت مطمعاً للغزاة، ومقصداً لطالبي المعرفة، وإن ما يفعله الاحتلال هو قتل المدينة، سرقة تاريخها، ومحاولة تغيير هويتها.
وفي حديثها حول روايتها "ترانيم الغواية" التي تدور حول القدس قالت الأطرش: هل كانت القدس هي البداية والنهاية في هذه الرواية؟ أقول لا، فقد ظهرت القدس في العديد من رواياتي، لكن بقي ينقصني البشر وحياتهم وإنجازاتهم وأخطاؤهم ونزاعاتهم، لذا عندما عدت إلى القدس فكرت فيما سأكتب وكيف، فعندما يكتب الإنسان عن البشر فإنه يصل إلى رؤية أعمق".
وتابعت الاطرش، "عدت إلى القدس باحثة عن مدينة أعرفها، المدينة التي لها خصوصية عميقة في حياتي، لكنها مدينة لم يكن مسموحاً التجوال فيها بحرية كما في السابق، فبدأت المدينة تكشف لي عن نفسها عند بحثي عن النساء، فعدت إلى عام 1892، وبدأت الحكاية من هناك، وما كان يؤلمني في البحث أن المكون المسيحي في القدس قد تناقص إلى حد يمكن معه القول إنها مؤامرة، وأعتقد أنه كان شيئاً ممنهجاً.
واردفت "حاولت أن أكتب القدس دون أن أقع في الاستفزاز، لذلك أخذت مني الرواية ثلاث سنوات، قرأت خلالها 65 مرجعاً تاريخياً، أتجول فيها من الصباح إلى المساء، عدت إلى الأمثال والرسائل المتبادلة بين الناس، تعرفت على المسافات، وقد كان هناك خيال كثير في الرواية خصوصاً في بناء الشخصيات".
أما الروائي علي بدر فتحدث عن تجربته في روايته "مصابيح أورشليم" وقال: في عام 2003 كنت مدعواً إلى معرض كتاب في باريس عن الشرق الأوسط، وكان هناك بعض الكتاب الإسرائيليين منهم عاموس عوز، ولم يكن لدي حتى تلك الفترة أي اهتمام بالأدب الإسرائيلي، وقرأت بعض روايات عاموس عوز بالفرنسية، ووجدت أن الوجود العربي في رواياته وجود شبحي، وفي النقاش مع عوز، ذكر معلومة حول أهمية القدس بالنسبة للكتاب الإسرائيليين، والمعلومة تقول إن هناك 100 رواية إسرائيلية حول القدس، بينما لا توجد رواية عربية واحدة، وللأسف فقد كان هذا صحيحاً وقتها.
وتابع بدر "التأثير الأساسي للقدس على جيلي كان من إدوارد سعيد في إطار الأيديولوجيا أو الاستشراق، وكان هناك جدل في ذلك الوقت حول احتلال العراق تمحور حول رأيين، وكان سعيد معادٍ لاحتلال العراق وكنت من صفه.
واضاف: عدت من باريس محطماً نفسياً، وأنا لم أر القدس ولا أعرف عنها شيئاً سوى ما يرد في أسطوريات الكتابة، فبدأت باستلهام فكرة كتابة رواية من النقاش حول احتلال العراق، فاشتريت عدداً من الروايات الإسرائيلية بالإنجليزية والفرنسية، وبحثت عن شكل ورود القدس فيها، وبدأت بكتابة رواية تفكك سردية الإسرائيليين حول المدينة، وساعدني في ذلك العثور على وثائق أوقاف القدس في الخزينة العثمانية، وبحثت عمن كانوا يسكنون القدس وقمت بتدوين حكاياتهم عن حياتهم في القدس، تعاملت مع القدس كمدونة لا يمكن محو الكتابة العربية عنها، فأخذت اثنين من شخصيات عاموس عوز، وجعلتهما دليلين لإدوارد سعيد في رحلة عودته إلى القدس، انطلاقاً من فكرة الجغرافيا وتأثيرها على الأشخاص، فالقدس ليس مكاناً محايداً، فهو مكان للصراع، والحرب فيها هي حرب روايات".
وفي الختام تحدث واسيني الأعرج عن روايته "سوناتا لأشباح القدس"، فقال: هذه الرواية لها حميمية خاصة، فقد كتبتها قبل أن أزور فلسطين وأتعرف على القدس، فالسرد هو ما قادني إلى القدس، فأكبر عدو لمزيل الذاكرة هو الجانب الرمزي، لأن تاريخاً بكامله سيتبعه، وكان سؤالي الأول: بأية مشروعية سأكتب عن القدس؟ فأنا لست فلسطينياً، ولم أزر القدس، ولا أعرفها، لكن الشرعية الإنسانية غلبت على كل شيء، فقد كان هناك مشروع روائي عربي تحت عنوان "العرب من سايكس بيكو إلى اليوم"، فبدأت بالكتابة عن عائلة فلسطينية بجذور جزائرية، ورحلة هذه العائلة، فخرج العمل في 1700 صفحة، ووجدت داخل هذه الرواية التي استمرت كتابتها 4 سنوات ونصف، كمية هائلة من الوثائق تخص القدس، فاقتطعت منها ما يخص القدس ووضعتها وحدها، وبعد ذلك اكتشفت وكأنني أعرف القدس تماماً، وبدأت أصنّع حي القطانين وأرسم المداخل والمقاهي والغبار على الحجارة، فأصبحت فعلاً أعرف المدينة، لأنني جزء من القدس، وعندما حضرت إلى القدس اكتشفت أن المدينة هي كما تصورت تماماً بتفاصيلها، وكان هذا الجانب الأساسي الذي دفعني لكتابة الرواية.
فحين تسقط كل القيم، يبقى الفن هو الحافظ للرواية التاريخية، لذلك أدخلت عنصر الفن في الرواية ختم واسيني.
يشار الى أن أكثر من نصف من حضر الندوة كان واقفاً وذلك لكثافة الحضور الجماهيري.