مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم    شهيد و3 جرحى في قصف الاحتلال وسط بيروت    أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية مجازر غزة وبيت لاهيا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 43,846 والإصابات إلى 103,740 منذ بدء العدوان    الاحتلال يحكم بالسجن وغرامة مالية بحق الزميلة رشا حرز الله    اللجنة الاستشارية للأونروا تبدأ أعمالها غدا وسط تحذيرات دولية من مخاطر تشريعات الاحتلال    الاحتلال ينذر بإخلاء 15 بلدة في جنوب لبنان    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات  

شهداء ومصابون في قصف الاحتلال منزلين في مخيمي البريج والنصيرات

الآن

لما كانت يافا جنة

بدرية حسن

يامن نوباني

 هُجرت بدرية 86 عاما، وزوجها وطفليهما، من بيتهم في منطقة الجبلية في يافا، في أيار عام 1948، لتنتقل العائلة للعيش مدة قصيرة في قرية دير شرف في نابلس، ثم حي الشيخ جراح في القدس، قبل أن تكون محطة لجوئها الأخيرة مخيم عقبة جبر في أريحا.

كانت بدرية نائمة عندما وصلنا إلى بيتها في مخيم عقبة جبر على المدخل الشمال لمدينة أريحا، في العاشرة صباحا، انتظرنا حتى حضر نجلها، الذي يسكن في البيت المقابل، دق باب غرفتها ودخل، وبعد دقيقتين دعانا للدخول.

بلهجتها المقدسية، قالت بدرية: "عن شو بدكم أحكيلكم؟ عن يافا لما كانت جنة! ما في إشي بيافا بنكره، كانت كلها حياة وأسواق وناس وبياعين وصنعات، وين ما تمشي في يافا تلاقي حدا يشغلك. والناس فيها بتحب تتنزه وشمات الهوا، يافا البحر والمينا والسينما والأسواق والتجار والبيارات والحلويات. ساق الله ع أيام يافا. كانت راقية وفيها مال كثير".

"خرجنا من يافا لحظة انسحاب الانجليز منها، في شاحنة علي الدبة وهو من يازور، كنا نسكن في الجبلية، أخذنا بعض الملابس في بقج وبضع الكراكيب، وكنت أجلس في المقعد الأمامي أحتضن  طفليّ علي وعلا، اتذكر حينها سألنا السائق في الطريق إن كنا نود تناول الطعام في بيت دجن، لكن زوجي طلب منه مواصلة المسير دون توقف، لخوفه وقلقه لما سمعناه عن مجازر ارتكبتها العصابات الصهيونية". قالت بدرية.

تتذكر بدرية جيرانها، محمد البطران، وعائلتي دعدع والصعصاع، كما تتذكر أبقار ومواشي البطران، الذي كان مشهورا بتوريد الحليب ومشتقاته للمناطق المجاورة ليافا والبعيدة، وعمارات الشيخ علي، والمعروف بغناه وبناياته، وعائلة البواب وشهرتها في يافا بصناعة الحلويات والأفران.

"في منطقة الجبلية، كان هناك مستشفيان: الإنجليزي والكرنتينا. زوجي حسن كان يعمل ممرضا في مستشفى الدجاني في يافا، ويذهب لمعالجة المرضى والجرحى في كل مكان يطلب منه الذهاب إليه، وأذكر أن سائق الاسعاف الذي كان يخرج معه مصري"، أضافت بدرية.

"هجر أهل يافا، وبعد ذلك سكان اللد والرملة، كانت الاذاعات وقتها تبث أخبارا حول ارتكاب اليهود مجازر وسحل جثث الأهالي وتقطيع أوصالها، أخذنا ما نستطيع حمله من ملابس وتركنا معظم ممتلكاتنا، توجهنا إلى نواطير وكروم خالي في الشيخ جراح، وبعدها انتقلنا إلى رام الله، ثم إلى عمان حيث كانت أسعار المنازل مرتفعة، فعدنا إلى عقبة جبر وما زلنا فيه حتى يومنا هذا".

تكمل بدرية حديثها، وتعود لوصف يافا "أينما ذهبت في يافا تجد عملا، كانت تنبض بالحياة وتزدهر بالتجارة والأسواق، أحب فيها كل شيء، خاصة بيارات يازور، التي يزيد عددها عن 50 بيارة، وأكبرها يملكها إبراهيم واحمد شحادة، وهما الآن يسكنان مخيم الامعري، ومن أشهر البيارات أيضا الدرخوم والخنازير".

 

تعيش بدرية منذ 55 عاما في مخيم عقبة جبر، في غرفتين صغيرتين متهالكتين، في احداهما خزانة عتيقة جدا، قالت بدرية إنها ما تبقى من يافا، تفتح جواريرها وتتذكرها عندما كانت ملأى بالملابس والمطرزات قبل 68 عاما.

وللخزانة قصة أخرى مختلفة، فنقلها كان مكلفا، ما اضطر زوجها لإبقائها في دير شرف لأسابيع، قبل أن يتدبر أمره ويأتي بها إلى الشيخ جراح، وبعد ذلك إلى مخيم عقبة جبر، لتبقى الذكرى الوحيدة من زمن يافا الجنة.

ما زالت بدرية في مخيم عقبة جبر، وما زالت هناك في يافا، تحفظ في ذاكرتها الأماكن والناس، وتتمنى أن تفتح عينيها على بوابة حلويات البواب وبيارات يازور.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024