الرجوب ينفي تصريحات منسوبة إليه حول "مغربية الصحراء"    الاحتلال يوقف عدوانه على غزة: أكثر من 157 ألف شهيد وجريح و11 ألف مفقود ودمار هائل    الأحمد يلتقي ممثل اليابان لدى فلسطين    هيئة الأسرى ونادي الأسير يستعرضان أبرز عمليات تبادل الأسرى مع الاحتلال    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حاجزي تياسير والحمرا في الاغوار وينصب بوابة حديدية على حاجز جبع    حكومة الاحتلال تصادق على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة    استشهاد مواطن وزوجته وأطفالهم الثلاثة في قصف للاحتلال جنوب قطاع غزة    رئيس وزراء قطر يعلن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة    "التربية": 12,329 طالبا استُشهدوا و574 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب والتدمي    الاحتلال يُصدر ويجدد أوامر الاعتقال الإداري بحق 59 معتقلا    "فتح" بذكرى استشهاد القادة أبو إياد وأبو الهول والعمري: سنحافظ على إرث الشهداء ونجسد تضحياتهم بإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس    34 عاما على اغتيال القادة أبو إياد وأبو الهول والعمري    الاحتلال يعتقل 13 مواطنا من مخيم بلاطة شرق نابلس    شهداء وجرحى في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس  

الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس

الآن

لما كانت يافا جنة

بدرية حسن

يامن نوباني

 هُجرت بدرية 86 عاما، وزوجها وطفليهما، من بيتهم في منطقة الجبلية في يافا، في أيار عام 1948، لتنتقل العائلة للعيش مدة قصيرة في قرية دير شرف في نابلس، ثم حي الشيخ جراح في القدس، قبل أن تكون محطة لجوئها الأخيرة مخيم عقبة جبر في أريحا.

كانت بدرية نائمة عندما وصلنا إلى بيتها في مخيم عقبة جبر على المدخل الشمال لمدينة أريحا، في العاشرة صباحا، انتظرنا حتى حضر نجلها، الذي يسكن في البيت المقابل، دق باب غرفتها ودخل، وبعد دقيقتين دعانا للدخول.

بلهجتها المقدسية، قالت بدرية: "عن شو بدكم أحكيلكم؟ عن يافا لما كانت جنة! ما في إشي بيافا بنكره، كانت كلها حياة وأسواق وناس وبياعين وصنعات، وين ما تمشي في يافا تلاقي حدا يشغلك. والناس فيها بتحب تتنزه وشمات الهوا، يافا البحر والمينا والسينما والأسواق والتجار والبيارات والحلويات. ساق الله ع أيام يافا. كانت راقية وفيها مال كثير".

"خرجنا من يافا لحظة انسحاب الانجليز منها، في شاحنة علي الدبة وهو من يازور، كنا نسكن في الجبلية، أخذنا بعض الملابس في بقج وبضع الكراكيب، وكنت أجلس في المقعد الأمامي أحتضن  طفليّ علي وعلا، اتذكر حينها سألنا السائق في الطريق إن كنا نود تناول الطعام في بيت دجن، لكن زوجي طلب منه مواصلة المسير دون توقف، لخوفه وقلقه لما سمعناه عن مجازر ارتكبتها العصابات الصهيونية". قالت بدرية.

تتذكر بدرية جيرانها، محمد البطران، وعائلتي دعدع والصعصاع، كما تتذكر أبقار ومواشي البطران، الذي كان مشهورا بتوريد الحليب ومشتقاته للمناطق المجاورة ليافا والبعيدة، وعمارات الشيخ علي، والمعروف بغناه وبناياته، وعائلة البواب وشهرتها في يافا بصناعة الحلويات والأفران.

"في منطقة الجبلية، كان هناك مستشفيان: الإنجليزي والكرنتينا. زوجي حسن كان يعمل ممرضا في مستشفى الدجاني في يافا، ويذهب لمعالجة المرضى والجرحى في كل مكان يطلب منه الذهاب إليه، وأذكر أن سائق الاسعاف الذي كان يخرج معه مصري"، أضافت بدرية.

"هجر أهل يافا، وبعد ذلك سكان اللد والرملة، كانت الاذاعات وقتها تبث أخبارا حول ارتكاب اليهود مجازر وسحل جثث الأهالي وتقطيع أوصالها، أخذنا ما نستطيع حمله من ملابس وتركنا معظم ممتلكاتنا، توجهنا إلى نواطير وكروم خالي في الشيخ جراح، وبعدها انتقلنا إلى رام الله، ثم إلى عمان حيث كانت أسعار المنازل مرتفعة، فعدنا إلى عقبة جبر وما زلنا فيه حتى يومنا هذا".

تكمل بدرية حديثها، وتعود لوصف يافا "أينما ذهبت في يافا تجد عملا، كانت تنبض بالحياة وتزدهر بالتجارة والأسواق، أحب فيها كل شيء، خاصة بيارات يازور، التي يزيد عددها عن 50 بيارة، وأكبرها يملكها إبراهيم واحمد شحادة، وهما الآن يسكنان مخيم الامعري، ومن أشهر البيارات أيضا الدرخوم والخنازير".

 

تعيش بدرية منذ 55 عاما في مخيم عقبة جبر، في غرفتين صغيرتين متهالكتين، في احداهما خزانة عتيقة جدا، قالت بدرية إنها ما تبقى من يافا، تفتح جواريرها وتتذكرها عندما كانت ملأى بالملابس والمطرزات قبل 68 عاما.

وللخزانة قصة أخرى مختلفة، فنقلها كان مكلفا، ما اضطر زوجها لإبقائها في دير شرف لأسابيع، قبل أن يتدبر أمره ويأتي بها إلى الشيخ جراح، وبعد ذلك إلى مخيم عقبة جبر، لتبقى الذكرى الوحيدة من زمن يافا الجنة.

ما زالت بدرية في مخيم عقبة جبر، وما زالت هناك في يافا، تحفظ في ذاكرتها الأماكن والناس، وتتمنى أن تفتح عينيها على بوابة حلويات البواب وبيارات يازور.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025