"الفراشة النورانية ".. أغنية الكبار
بسام أبو الرب
"الفراشةُ النورانية التي مِن رفيفِ أجنحتِها، تستعيرُ قلوبُ الثائرينَ خفقاتِها .. التي لا أستحقُ النُّطقَ بحرفٍ مِن اسمِها المقدس، وإن طهَّرتُ فمي بآلافِ الجَمراتِ المُضطَرِمة.."، رثاء قاله الشاعر المصري انطونيوس نبيل، في الذكرى الأربعين لاستشهاد لينة النابلسي، الذي يصادف السادس عشر من أيار الجاري.
الشهيدة النابلسي اغتيلت على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي بتاريخ 16-5-1976، وهي بزيها المدرسي بعد ملاحقتها واطلاق النار عليها داخل أحد المنازل، لتنظيمها مظاهرة خرجت بها من مدرسة العائشية مع زميلاتها.
خلد ذكرى لينة كتاب وادباء وشعراء، فقالت عنها فدوى طوقان: "لينة لؤلؤة حمراء تتوهج في عقد الشهداء"، ووصفها لطفي زغلول بـ"العروس"، عندما قال: "الليلة عرسك ..يا قمرا.. في عرسك.. تزهو الاقمار"، كما كتب لها الفان حسن ظاهر "نبض الضفة، وغناها أحمد قعبور.
النابلسي كانت مصدر إلهام لطبيبين مصريين تركا مهنة الطب وتوجها نحو الشعر والتلحين والغناء للقضية الفلسطينية، وهما: الفنان جوني كما يحب أن يدعى، والملحن والشاعر انطونيوس نبيل، اللذين أطلقا أغنية بعنوان "جسر عودتكم" لروح الشهيدة.
وقال الفنان جوني لـ"وفا" عبر الهاتف، إن "من أجمل التجارب الفنية التي خاضها مع انطونيوس نبيل، زميله في الدراسة في جامعة القاهرة، غناء "جسر عودتكم"، لروح الشهيدة النابلسي".
وأضاف: "هذه الأغنية اطلقت العام المنصرم في ذكرى استشهاد النابلسي، وهي من كلمات والحان انطونيوس نبيل والراحل توفيق زياد، واخترناها تعبيرا عن تضامننا ودعمنا للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، كون هذه القضية تحتل اولوية بالنسبة لكل عربي حر".
وأشار جوني من سكان القاهرة إلى أنه اتخذ وزميله انطونيوس الشهيدة النابلسي أيقونة لهما، لتخليد ذكراها وما تعنيه بشكل فني، كون الفن يعيش للابد.
وأصدر الفنان جوني والملحن انطونيوس أغنية للشهيد الرضيع علي دوابشة، الذي احرق المستوطنون عائلته مطلع اكتوبر الماضي، قالا فيها: "مساءُ الخيرِ يا أختي مساءُ الخيرِ يا جارة.. كلابٌ أحرقوا كَبِدي فجئتُ إليكِ منهارة.. فهل ترضينَ أنْ تُصغي بلا ضِيقٍ إلى ألمي.. وتستمعينَ في عَطْفٍ إلى شكواي يا جارة؟".
وفي رثاء النابلسي، قال انطوينوس ايضا: "أخيرًا، شهداؤنا لا يحتاجونَ إلى ضجيجِ مدائحنا التي صارتْ أشبهَ بالقبورِ البالية، بل نحنُ في أمسِّ الحاجةِ إلى الإنصاتِ مليًّا إلى صمتِهم البليغ؛ فهو أقدسُ قصائدنا وأجملُها: مزيجٌ من حَزْمِ النارِ وخجلِ الفراشةِ ينسكبُ مطرًا على شفاهٍ ترتعشُ في منتصفِ المسافةِ بين القُبلةِ والصلاة.. حينَ تبدو ليالي الذُّلِّ لا نهايةَ لها، علينا أن نُنصتَ مليًّا إلى صمتِ شهدائنا؛ ففيهِ تهمسُ لنا عودتُنا قائلةً في ثقةٍ وحنان: أحبائي، إن فَجْرَ عِناقي لقريبٌ.. إن فجرَ عِناقي لقريبٌ.. إن فجرَ عِناقي لقريب..".
مها شقيقة لينة الكبرى، لا يغيب عن مخيلتها ذلك اليوم، رغم مضي أربعين عاما، فكل غرف المنزل وأطرافه، وأفواج طالبات المدرسة، تذكرها بشقيقتها.
"فخر لنا أن يقوم أطباء مصريون أمثال جوني وانطونيوس نبيل، بكتابة الشعر والغناء لشقيقتي لينة"، قالت مها.