قطار الدولة ومؤتمر باريس
لم يعد ثمة شك أن المبادرة الفرنسية الشجاعة، ستكون بعد قليل موضع التنفيذ العملياتي، لا لأنه جرى بالامس في استقبال الرئيس ابو مازن لوزير الخارجية الفرنسي، جان مارك اليوت، والوفد المرافق له، بحث الاستعدادات الجارية لعقد المؤتمر الدولي للسلام، وفقا للمبادرة الشجاعة فحسب، بل وفي الاعلان الفرنسي ان باريس ماضية لعقد هذا المؤتمر، وان الاجتماع التمهيدي له قد يعقد نهاية الشهر الحالي او مطلع الشهر المقبل، حتى واسرائيل ما زالت تقول (لا) للمبادرة والمؤتمر معا، وهي تردد اسطوانتها المشروخة عن ضرورة التفاوض المباشر ودون اي شروط مسبقة ....!!
نعرف ان كلمة (لا) في السياسة ليست كلمة قاطعة، ولا نعتقد ان اسرائيل في موضع مريح دوليا، كي تواصل هذه الكلمة، خاصة اذا ما حضرت الولايات المتحدة الاجتماع التمهيدي للمؤتمر في باريس، وفق ما نقلت بعض مواقع اعلامية الكترونية عن مصدر لم تعلن عن هويته، وسواء تأكد هذا النبأ أم لم يتأكد، لا نظن ان الولايات المتحدة بما لها من مصلحة وثقل ودور اساسي، ستغيب عن هذا الاجتماع، وايا كان الامر فان الاتحاد الاوروبي، الى جانب عشرين بلدا، باتوا جميعا مع عقد المؤتر الدولي للسلام، هذا يعني ان هناك اجماعا دوليا وعربيا لصالح هذا المؤتمر، لأن المبادرة الفرنسية دعت لحضوره، كل من له علاقة ومصلحة باخراج عماية السلام من جمودها، وفتح الطريق ثانية امام حل الدولتين.
وفي الترجمة العملية لهذا الواقع الذي بات شاخصا، فإن الحراك السياسي بواقعيته النضالية، والذي يقوده الرئيس ابو مازن، لم يكن حراكا في الهواء ابدا، مثلما لم يكن حراكا في اطار خطاب تعبوي لا علاقة له بالواقع ومعطياته.
بهدوء وخطوة اثر خطوة، تقدم هذا الحراك نحو غاياته الوطنية النبيلة، وصل الى الامم المتحدة عضوا وان كان مراقبا، ولكن بحجم الفاعلين حتى الكبار، ورفع علم فلسطين هناك، دخل بخطوات واثقة الى منظمات الامم المتحدة ومؤسساتها، وقع على اتفاقية المناخ قبل دول كبرى، والبقية ستأتي، وكل هذه الخطوات ماضية نحو بناء الدولة حتى انتزاع استقلالها التام بسيادتها وعاصمتها القدس الشريف.
المؤتمر الدولي للسلام لم يعد بعيدا وباريس تفتح ابوابها للساعين اليه، بعدما حقق الحراك السياسي الفلسطيني حضوره الفاعل بمصداقيته الباهرة، وهنا لا بد من التأكيد ان الرئيس ابو مازن كلما يعلن في كلمة او خطاب، ان الدولة باتت قريبة فإنه يعلن ذلك عن معرفة وثقة، الاهم فيهما معرفته بأبناء شعبه، وثقته بهم انهم صابرون صامدون وعاقدون العزم على انتزاع الحرية والاستقلال، وقد باتوا مؤمنين بجدوى النضال في واقعيته السياسية ومقاومته السلمية.
نعم الدولة باتت قريبة وستكون اكثر قربا، اذا ما انهينا الانقسام القبيح، واعدنا للوحدة الوطنية سلامتها وكامل عافيتها، وهذا ما تعمل الشرعية من اجله، وهي تعض على الجرح الذي ما زال بعض الانقساميين وتجار الصراع، يرشونه بملح التصريحات الموتورة التي لاطائل من ورائها، سوى محاولة تأبيد الانقسام، وتكريس امارة الوهم التي لا امل لها بمستقبل ممكن.
نعم الدولة اقرب واقرب مع المصالحة، وحكومة الوحدة الوطنية، والعودة الى صناديق الاقتراع، قطار الدولة يتقدم على سكته، وماض في طريقه ويخسر من يفوته هذا القطار، الذي سيتوقف بعد قليل في محطة باريس الصديقة، ليتزود بما يريد من حراك دولي جاد ومخلص، يساهم في صنع السلام لشعب السلام في ارضهم فلسطين.
كلمة الحياة الجديدة - رئيس التحرير