يعلون.. شجاع جديد أم هروب مسيس ؟! موفق مطر
هل يختلف موقف الخارجين من حكومة نتنياهو عن الداخلين اليها من قضية سفك دمنا واغتصاب حقوقنا نحن الفلسطينيين؟! بالتأكيد لا، وانما بالوسائل والتكتيكات، لكن ما قاله موشيه يعلون وزير حرب دولة الاحتلال مثير للانتباه، حتى وان كنا في مقالتنا السابقة عن الخلاف بين المؤسستين العسكرية والسياسية في دولة الاحتلال، قد قرأنا مضمون خطابه قبل تفجير قنبلته الدخانية بـ 48 ساعة.
يعلون انسحب من الحياة السياسية اللا اخلاقية (كما وصف سياسة نتنياهو) الى الحياة السياسية (اليعلونية) الأخلاقية، كما سماها.
الجنرال يعلون ليس كأي وزير حرب، فهو قد نبت في حقل الجيش ما يعني انه غادر الحكومة، لكن طيفه لم يغادر المؤسسة الامنية والعسكرية الاسرائيلية، لذلك استدرك في خطابه عندما اعلن انسحابه من الحياة السياسية الى حين، ليعود منافسا على قيادة الدولة بعد استراحة!! وهذا ما يمكن تسميته اعادة ترتيب اوراقه وحساباته معتمدا على رصيده القوي في المؤسسة الأمنية الاسرائيلية، فهو غادر الحكومة كوزير، لكنه رسخ لدى اركان وضباط جيش الاحتلال صورة القائد المعني في الابقاء على مكانة الجيش رقم واحد في قيادة الدولة.
ظهر يعلون متناقضا في خطابه، رغم محاولته اخفاء الأسباب الحقيقية الدافعة لاستقالته، فهو قدم السياسة اللااخلاقية لنتنياهو بمثابة مبرر لانسحابه من الحكومة، هذا الكلام للجمهور الاسرائيلي، وفي ذات الوقت مدح الانسجام مع نتنياهو خلال السنوات الماضية وتحديدا خلال حرب جيشه على غزة قبل حوالي العامين، وهذا ما يدعونا للتساؤل: هل استيقظ يعلون ذات صباح ليكتشف (لا اخلاقية) نتنياهو السياسية ؟! أم تراه ادرك موقعه في حقل الالغام الذي جره اليه نتنياهو، فجرائم الحرب على غزة امام الجنائية الدولية، وقد تطال التحقيقات الدولية رأسه، لأن ما فعله جيشه هناك يرقى الى مستوى جرائم حرب وابادة، قد تجلبه العدالة الأممية الى قفصها في يوم ما.
قال يعلون: "عملت بانسجام مع رئيس الحكومة لمدة طويلة، خاصة في الحرب الأخيرة في غزة، لكنني وجدت نفسي في صراعات قوية معه في قضايا أخلاقية".
يشير كلام يعلون الى سوس تفرقة عنصرية واجتماعية ينخر قواعد واركان دولة الاحتلال، ويحمل من شارات التحذير المباشرة - رغم مسعاه لمداراتها – ما يكفي للقول إن اسرائيل على برميل بارود الصراعات الداخلية، وان اي ضغط قد يفجره، وهذا ما يفهم من قوله: "لأسفي الشديد، استولت على إسرائيل، وحزب الليكود، عناصر متطرفة وخطيرة، تهدد أسس البيت وتعرض المواطنين للخطر".
وقال: "لأسفي الشديد، اختار سياسيون كبار في إسرائيل التفرقة بين أجزاء المجتمع الإسرائيلي والتحريض، بدل التوحيد والألفة... لقد أعربت عن قلقي حيال مستقبل إسرائيل والأجيال القادمة أكثر من مرة "!
يعتقد يعلون ان المجتمع الاسرائيلي ساذج، فقدم مرافعة دفاع عن نفسه، وقال للمجتمع الاسرائيلي المنكوب منه ومن قيادات اركان جيشه الذي تجلب لهذا المجتمع نظرة المنبوذ من شعوب ودول العالم بسبب جرائم حرب يرتكبها ضباطه وجنوده، حتى وان سعى لتسويقها كضرورة في اطار حرب اخلاقية.
برأ يعلون نفسه – هكذا ظن – وألقى بالتهم على قيادة دولته، وكأن فيلم الاستقالة سيكون رصيدا من الرأي العام يستخدمه في الانتخابات الاسرائيلية القادمة التي قد لا ننتظر كثيرا حتى يعلن نتنياهو عن موعدها !!
يرى يعلون وظيفة القيادة: " أن توجه الدولة على نحو أخلاقي، وفق بوصلة واضحة" وهذا اعتراف صريح وادراك بأن دولته كانت وما زالت تسير عكس اتجاه المنظومة الأخلاقية الانسانية..فهل تراه من وراء كل هذه المسرحية سيأخذ مكانة اسحاق رابين ويكون الشجاع الاسرائيلي، مقابل شجاع فلسطيني، بعد استطلاع اتجاه الرياح الدولية، والضغوط القادمة على دولته ؟! أم مجرد هروب مسيس من معركة الديوك في اسرائيل لا أكثر ؟!.