اتحاد الصحفيين العرب يطالب برفع جرائم الاحتلال بحق الصحفيين الفلسطينيين للجنائية الدولية
أعرب عن قلقه من حالة التردي الشامل الذي تطبع الأوضاع السياسية في البلاد العربية
دعا الاتحاد العام للصحافيين العرب في ختام أعمال مؤتمره العام الثالث عشر في العاصمة التونسية، المنظمات الحقوقية والصحافية الإقليمية والدولية إلى تحمّل مسؤوليتها كاملة إزاء الجرائم الخطيرة التي ترتكبها سلطات الاحتلال الاسرائيلي بحق الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين، وحمّل المجتمع الدولي مسؤولية استمرارها.
وطالب، في هذا الشأن، من المنظمات المعنية المبادرة برفع قضايا أمام المحكمة الجنائية الدولية بخصوص جرائم الكيان الصهيوني المقترفة ضد الصحفيين الفلسطينيين والشعب الفلسطيني.
وجاء في " إعلان تونس" الصادر في ختام أعمال مؤتمر اتحاد الصحفيين العرب "أن شعبنا الأبي في فلسطين المحتلة يتعرض لأبشع مظاهر البطش والإبادة في تاريخ البشرية جمعاء من طرف كيان قام على جثث الأبرياء وجماجم الأطفال ودمار الحضارة والإنسانية بتواطؤ مكشوف من قوى استعمارية امبريالية تتاجر بالإنسانية. ومن خلال صمت ومباركة من طرف المجتمع الدولي خصوصا منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن حيث يمارس الأقوياء سياسة انتقائية ترتبط بمصالح اقتصادية خبيثة".
وأعلن مؤتمر الاتحاد العام للصحفيين العرب عن اعتزاز الصحفيين والصحفيات العرب من المحيط إلى الخليج بصمود الشعب الفلسطيني البطل الذي قدّم دروسا للبشرية جمعاء في استعراض مظاهر الصمود ومواجهة بطش الاحتلال الصهيوني. وهي نفس المناسبة التي يؤكد من خلالها الاتحاد أن العدو الصهيوني يضع الصحفيين الفلسطينيين في مقدمة استهدافه للشعب الفلسطيني، في حرص شديد منه على القضاء على الشاهد الرئيسي على جرائمه البشعة المقترفة فوق تراب فلسطين الطاهرة. وهذا ما يفسر قتله لعشرات الصحفيين الفلسطينيين واختطافهم واعتقالهم التعسفي.
ودعا المؤتمر بنفس المناسبة الفلسطينيين إلى ترجيح خيار الوحدة الفلسطينية وتكريسه بما يضمن تقوية الجبهة الفلسطينية الداخلية ويضمن شروط إجماع عربي وإسلامي حول عدالة القضية.
وسجل المؤتمر العام الثالث عشر للاتحاد بكثير من القلق "التردي الشامل الذي يطبع الأوضاع السياسية في البلاد العربية بسبب سيادة مظاهر التراجعات الخطيرة التي شملت جميع المستويات، وأن المسارات السياسية في هذه الأقطار تعيش انحصارا خطيرا. ورأى أن المؤشرات الإيجابية التي حفل بها ما كان يسمى بالربيع العربي والتي بثت بذور الآمال العريضة في نفوس الشعوب العربية وشرعت أبواب التطلعات في القطع النهائي مع الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أنتجت مظاهر التحكم والاستبداد وخنق المشروع الديمقراطي، ما فتئت أن انطفأت شعلاتها وتحولت بصفة مفاجئة إلى سلسلة من الانتكاسات بسبب عوامل داخلية وخارجية مؤثرة والتي مكنت من اختطاف التغيير".
وأكد المؤتمرون "أن الصحفيين ووسائل الإعلام ومن خلالهم حرية الصحافة والحريات العامة في الوطن العربي يوجدون في قلب هذه الانتكاسات، ودفعوا ثمنا غاليا في مواجهة الاستهداف وصل حد القتل والاختطاف والاعتقال والتضييق والاعتداء واستخدام القضاء في كثير من هذه الحالات في محاولة لإضفاء الشرعية القانونية على هذه الانتهاكات الخطيرة للحقوق ودوس القوانين، بينما لم تكن هناك حاجة في حالات أخرى حتى إلى هذا الاستخدام". وأشار المؤتمر الى أن "جميع المؤشرات السائدة حتى الآن تدل على أن وقف هذه الانتهاكات في المستقبل المنظور ليس واضحا".
وفي السياق، أعلن المؤتمر العام الثالث عشر للاتحاد تضامنه المطلق وغير المشروط مع جميع الصحفيين والصحفيات العرب في هذه المحنة، وأكد استعداده الدائم لبذل ما يكفي من الجهود لوضع حد لهذه الانتهاكات، فإنه يعلن تنديده الصريح والشديد بها وبجميع الجهات المتسببة فيها، ويطالب من المنظمات الصحفية والحقوقية الإقليمية والدولية مساندة الاتحاد العام للصحفيين العرب وللصحفيين والصحفيات والمساهمة الفعلية في مواجهة هذه الخروقات الخطيرة.
واعتبر مؤتمر اتحاد الصحفيين العرب في بيانه "أن الأوضاع الخطيرة التي تعيشها العديد من الأقطار العربية التي سادت فيها الحروب كتعبير واضح لاصطدام الإرادات الشعبية والرسمية وفي بعض الحالات بسبب اصطدام الأطماع الخارجية المتكالبة ضد تطلعات الشعوب العربية تؤشر على مزيد من التدهور والتردي، وإن المؤتمر يقصد بالحديث في هذا السياق الأوضاع الخطيرة السائدة في سوريا والعراق واليمن وليبيا."
ودعا الاتحاد "الشعوب العربية ووسائل الإعلام العربية إلى التسلح بالوعي الكامل واليقظة المطلقة لمواجهة هذه الظروف الصعبة والخطيرة، وطالب جميع فرقاء هذه الأزمة من أجل اعتماد الحوار ولا شيء غير الحوار في مناقشة الأوضاع والبحث عن سبل تسويتها بوسائل سياسية من خلال منهجية ديمقراطية نزيهة تستند إلى القبول بالرأي الآخر بما يكرس التعددية وبصناديق الاقتراع كحكم فاصل في جميع الخلافات بما يسهل عملية تدبير التعدد، وهي بدائل فعالة وشرعية لاعتماد الحوار عوض استعمال العنف والتسلح".
ونبّه المؤتمر العام الثالث عشر للاتحاد العام للصحفيين العرب "إلى الخطورة البالغة التي تكتسيها مؤامرة تفتيت الأمة العربية وبث بذور الفتنة والاقتتال، هذه المؤامرات التي تسخر في بعض الأحيان المطالب الشعبية المشروعة الهادفة إلى تحقيق التطور والديمقراطية وسيادة دولة الحق والقانون مطية لتحقيق المصالح الخبيثة للجهات الواقفة وراءها".
وفي هذا السياق أدان المؤتمر جميع أشكال التدخل الأجنبي العسكرية منها وغيرها في ليبيا وسوريا والعراق واليمن وفي السودان والصومال وفي غيرها من الأقطار العربية، كما أدان جميع أشكال محاولات التجزئة والانفصال كما الشأن بالنسبة للمملكة المغربية التي تتعرض وحدتها الترابية إلى استهداف حقيقي ويساند في هذا موقف الشعب المغربي، ويستنكر محاولة تفتيت السودان تحت ذرائع واهية، والمؤتمر إذ يثمن جهود الحوار في هذا القطر العربي فإنه يقف إلى جانب الشعب السوداني في مواجهة كافة أشكال التدخل الأجنبي. كما يدين أيضا ما تتعرض له جمهورية الصومال من محاولات بغيضة تهدف وحدته الوطنية وسيادته على جميع أراضيه.
وأكد مؤتمر الاتحاد العام للصحفيين العرب أن ظاهرة الإرهاب تمثل تهديدا حقيقيا للأمة الإسلامية جمعاء، وعبر عن إدانته المطلقة لجميع أشكال الإرهاب والتطرف بما فيه الفكري والسياسي والإعلامي، ودعا إلى مواجهته، ونبّه في هذا الصدد إلى خطورة استخدام وسائل الإعلام للتحريض على الإرهاب والفتنة والفوضى.
كما نبّه الاتحاد العام للصحفيين العرب إلى مغبة الخلط بين الإرهاب والدين الإسلامي الحنيف المبني على قيم التسامح والتعايش والتآخي، واستهجن محاولات الخلط وإقحام الدين في هذه الآفة المزمنة، واستنكر جميع المؤامرات السياسية والإعلامية التي تجتهد في هذا الصدد.
ونبّه ايضا من خطورة استخدام مكافحة الارهاب مطية للتضييق على الحريات العامة وخصوصا منها حرية الصحافة والرأي والتعبير.
وجاء في "اعلان تونس" ان "المؤتمر العام الثالث عشر للاتحاد العام للصحفيين العرب يقف في هذه المناسبة إجلالا وتقديرا للتضحيات الجسام التي يقدمها زملاؤنا في اليمن، ذلك أنهم يتعرضون لأبشع مظاهر الاضطهاد والتعسف، وهو يحيّي بهذه المناسبة الصامدين منهم والذين يخوضون إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ أكثر من أسبوعين بما أضحى يهدد حياتهم. ويدعو في نفس الصدد إلى رفع جميع أشكال التضييق والاعتداء عليهم بما في ذلك الإطلاق الفوري لجميع الزملاء الصحفيين اليمنيين المختطفين والمعتقلين. ويناشد المنظمات الحقوقية والإعلامية الإقليمية والدولية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق هذه الأهداف.
ودعا المؤتمر الثالث عشر للصحفيين العرب بهذه المناسبة أيضا، إلى الكشف الفوري على مصير جميع الصحفيين العرب المختطفين من طرف جهات إرهابية من قبيل الزملاء اليمنيين والصحفيين التونسيين سفيان الشورابي، ونذير الكتاري، المختطفين في ليبيا والصحافي الموريتاني اسحاق ولد مختار، وفي باقي الأقطار خصوصا في سوريا وفي العراق.
وتجسيدا لشعار مؤتمره الثالث عشر فإن الاتحاد يلح في المطالبة في إعمال مبدأ عدم الإفلات من العقاب ضد مقترفي الانتهاكات الجسيمة ضد الصحفيين الفلسطينيين ويعلن في هذا الصدد مساندته المطلقة للمبادرة التي أعلن عنها الاتحاد الدولي للصحفيين لإنشاء آلية إقليمية لتفعيل هذا المبدأ.
والاتحاد العام للصحفيين العرب يقف إلى جانب نقابة الصحفيين في مصر في مواجهة ما تتعرض من تعسف ويطالب بالإفراج الفوري عن الصحفيين المعتقلين هناك.
وثمن الاتحاد العام للصحافيين العرب بهذه المناسبة النضالات المريرة التي تخوضها التنظيمات المهنية الصحافية في الوطن العربي دفاعا على حرية الصحافة والتعبير والرأي، حيث أن هذه الحرية تواجه مخاطر كبيرة وكثيرة، وحمل الأنظمة العربية مسؤولية الانتكاسات الكبيرة التي تعرفها هذه الحرية. وناشدها من أجل توفير جميع الشروط التشريعية والسياسية والأمنية والاجتماعية التي تكفل ضمان كرامة وأمن الصحفيين العرب الذين يقدمون تضحيات جسيمة من أجل الدفاع عن مصالح الشعوب العربية وهم يوجدون في طليعة الفئات المناوئة لجميع أشكال الفساد والاستبداد والإرهاب.
وكان المؤتمر العام الثالث عشر للاتحاد العام للصحافيين العرب انعقد خلال اليومين الماضيين بالعاصمة التونسية، باستضافة من النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، وبحضور جميع التنظيمات المهنية العربية الأعضاء في الاتحاد.