نتنياهو متهم بارتكاب مخالفات جنائية ورئيس الحكومة يستهتر ويهاجم وسائل الاعلام
يحتل تقرير مراقب الدولة حول رحلات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وابناء عائلته، او ما يعرف بملف “بيبي تورز” الحيز الاكبر من التغطية الاعلامية في الصحف الاسرائيلية، الى جانب فصول اخرى في التقرير حول اخفاقات وقصور عدد من الوزارات والمؤسسات الرسمية.
وكتبت الصحف ان التقرير الذي يتناول الفترة التي شغل نتنياهو خلالها منصب وزير المالية، يشتبه بتمويل رحلاته مع زوجته، وأحيانا مع اولاده، من قبل جهات اجنبية ورجال أعمال، بشكل يمكن ان يولد شبه تضارب للمصالح او الحصول على رشوة.
وتكتب الصحف ان المراقب يوسيف شبيرا قام بتحويل المواد التي تثير الشبهات الى المستشار القانوني للحكومة، ولم ينشرها في التقرير نفسه. وتتعلق هذه الشبهات بتمويل مزدوج لرحلات نتنياهو، حرف التمويل عن هدفه، وعدم وضوح بشأن الحسابات مع شركة الطيران “ال-عال” بشأن استخدام عائلة نتنياهو لنقاط استحقاق للدولة.
وحسب التقرير الموسع الذي نشرته صحيفة “هآرتس” العبرية حول التقرير فان التفاصيل الوارد ذكرها في التقرير تشير الى انه في تلك الفترة قامت عشر جهات مختلفة، من بينها حكومات اجنبية، البوندس، جهات رسمية، رجال اعمال وجهات شخصية، بتمويل رحلات نتنياهو او مصروفاته هو وافراد اسرته في الخارج. وتبين بأنه في اكثر من نصف رحلاته، تم تحويل تمويل اجنبي، ولم يقم نتنياهو في أي من رحلاته آنذاك بالتوجه الى لجنة الهدايا او لجنة اصدار التصاريح بتلقي تمويل كهذا، لفحص ما اذا كان تلقي التمويل الخارجي يعتبر رشوة او هدية ممنوعة.
ويستدل من التقرير ان الممول الأساسي لنتنياهو هي منظمة البوندس، التي تتولى بيع السندات المالية الاسرائيلية وتعمل في كل دولة في العالم حسب القوانين المحلية، وتخضع لمراقبة السلطات المحلية. مع ذلك فان المحاسب العام في وزارة المالية هو الذي يحدد سياسة تجنيد الاموال من قبل البوندس ويجري تمويل المنظمة من قبل دولة اسرائيل.
وخلال الفترة التي فحصها المراقب مولت البوندس 6 من بين 15 رحلة لنتنياهو وعائلته. وعلمت “هآرتس” انه في كل الرحلات الست ظهرت تناقضات مقارنة بتقارير اخرى، في مصدر تمويل الرحلات والتواجد في الخارج.
ومن بين ما يشير اليه التقرير قامت منظمة البوندس بدفع مبلغ 8000 شيكل لقاء نزول نتنياهو في فندق في نيويورك خلال رحلة وصفت بأنها خاصة في تشرين الاول 2004. وادعى نتنياهو انه قام حتى خلال رحلاته الخاصة بعمل رسمي لصالح المنظمة. مع ذلك جاء في التقرير ان “هناك ذوق سيء في تلقي نتنياهو لتمويل بدون تصريح من البوندس، لرحلته التي وصفها بأنها خاصة، حتى وان قام خلالها بعمل لصالح المنظمة”.
وفي عدة رحلات اخرى تم تمويل سفر سارة نتنياهو من قبل البوندس او جهات اخرى، بينما تم تمويل سفر نتنياهو نفسه من قبل الحكومة او جهة اخرى. وقال المراقب في تقريره انه “عندما تقوم زوجة الوزير بمرافقته ويجري تمويل مصروفاتها من قبل جهة خارجية غير حكومية، فهذا يثير الاشتباه بالحصول على رشوة للوزير وكان يجب عليه التوجه للجنة الخاصة لفحص الأمر.
كما يشير التقرير الى مشاركة رجال اعمال في تمويل رحلات نتنياهو وزوجته، كما حدث في رحلتهما في حزيران 2003 الى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، حيث قام مدير اعمال الملياردير اليهودي الامريكي رون لاودر بتمويل رحلات سارة نتنياهو بمبلغ 21 الف شيكل. وخلال رحلة اخرى الى بريطانيا، في كانون الثاني 2005، مول رجل الاعمال بيو زبلودوفيتش، تكلفة اقامة الزوجين في فندق بقيمة 70 الف شيكل. ويعتبر زبلودوفيتش من ممولي نتنياهو، وهو ناشط في وسط التنظيمات اليهودية في لندن ويملك مشاريع في اسرائيل، من بينها مشاريع عقارات وسياحة. ولم يتوجه نتنياهو الى اللجان الخاصة لفحص شرعية هذا التمويل.
وجاء في تقرير المراقب، انه “في ضوء صلاحيات وزير المالية الواسعة، وبأخذ المصالح المحتملة للجهات التي مولت الرحلات، في الاعتبار، ومن بينها جهات ورجال اعمال كانت لهم علاقات متنوعة بوزير المالية او بالاقتصاد الاسرائيلي، وفي ضوء التخوف من تضارب المصالح، كان من المناسب ان يتوجه نتنياهو الى لجنة اعطاء التصريح لفحص مشروعية التمويل”.
ويدعي محامو نتنياهو انه لا يعرف من مول اقامته في الفندق في لندن، ولم يلتق ابدا مع رجل الاعمال المذكور بشأن اعماله في اسرائيل.
ويستدل من التقرير ان تنظيمات اجنبية شاركت ايضا في تمويل رحلات نتنياهو، من بينها معهد دراسات امريكي قام بدفع مبلغ 108.000 شيكل في حزيران 2004 اجرة رحلة لنتنياهو وزوجته الى الولايات المتحدة. كما قام تنظيم اكاديمي هولندي يعمل في مجال الاقتصاد، في السنة ذاتها بتمويل رحلة لسارة نتنياهو من ايطاليا الى هولندا، بتكلفة 3000 شيكل، بينما تم تمويل سفر نتنياهو من قبل الحكومة.
ويتبين ايضا ان احدى رحلات نتنياهو واولاده الى بريطانيا تم تمويلها من قبل يحيئيل لايتر، مدير مكتب وزير المالية نتنياهو، حيث دفع مبلغ 12 الف شيكل بواسطة بطاقة اعتماده الخاصة. وادعى لايتر امام رجال المراقب بأن نتنياهو اعاد اليه هذا المبلغ وانه قام هو بدفع ثمن التذاكر من حسابه لان نتنياهو لا يملك بطاقة اعتماد!
وفحص رجال المراقب، ايضا، فترة عضوية نتنياهو في الكنيست الاسرائيلي بين 2005 و2009، لكن النتائج التي توصلوا اليها لا يرد ذكرها في التقرير، وانما تم تحويلها الى مكتب المستشار القانوني.
واعتبر نتنياهو في تعقيبه على التقرير انه “بعد سنوات من العناوين الضخمة تمخض الجبل فولد فأرا. وحسب بيان صدر باسمه فان “رحلاته لم يكن فيها أي تضارب للمصالح او أي تمويل مزدوج او أي خرق قانوني. وقد فحص المستشار القانوني هذه المواد في 2013 وحدد بأنه لا يوجد ما يبرر فتح تحقيق، ونحن متأكدون من ان هذا ما سيحدث هذه المرة ايضا”.
وتنشر “يسرائيل هيوم” النص الذي كتبه نتنياهو على صفحته في “فيسبوك” امس، والذي هاجم فيه وسائل الاعلام، حيث قال: “كما يبدو لا مفر من ان تكون التقارير حول تقرير مراقب الدولة مغرضة بشكل متطرف، وتتجاهل الحقائق الأساسية”. وتطرق نتنياهو الى التقرير الذي نشرته القناة العاشرة، وكتب ان “القناة رفضت السماح لمندوب عني بتمثيل موقفي. دروكر يجري لقاء مع قرا، وقرا يجري لقاء مع دروكر.. قمة التوازن..”
وحسب نتنياهو فان “هذه محاولة اخرى من قبل وسائل الاعلام للمس بسلطة الليكود. ما لم ينجحوا بعمله في صناديق الاقتراع يحاولون عمله بوسائل اخرى. اشكر الجمهور الواسع على دعمه الراسخ لي. سأواصل خدمتكم بإخلاص كرئيس حكومة اسرائيل”.
المستشار القانوني يدعو الى فحص الملف بسرعة
وكتبت صحيفة “يسرائيل يهوم” العبرية ان المستشار القانوني للحكومة الاسرائيلية، ابيحاي مندلبليت، قال امس، تعقيبا على تقرير المراقب، انه “يجب فحص الامور بوعي ومن دون تأخير واجراء الفحص بشكل مباشر وموضوعي”. واضاف مندلبليت خلال خطاب القاه في مؤتمر نقابة المحامين: “منذ تسلمي لمنصبي كرست الوقت لفحص هذا الموضوع بشكل معمق. طبعا لن استطيع التفصيل بشأن جودة المواد التي تسلمتها من المراقب، ومعناها القانوني، لكنني سأقول ذلك بصوت واضح بعد الانتهاء من فحصها”.
وقال: “لن نقلص من المعايير المهنية التي نعمل وفقها. هكذا سأعمل وهذا ما اتوقعه من كل نائب عام في كل ملف. استقلالية النيابة العامة والعمل الهام لشرطة اسرائيل، هو ما يسمح لنا بكشف المخالفات وفحص الشبهات وتقديم المخالفين الى القضاء. هكذا في كل موضوع، وهكذا ايضا حين يجري الحديث عن شخصية رسمية. قانون واحد للجميع. السؤال الأساسي بالنسبة لي هو هل توجد قاعدة ادلة تبلور شبهات بارتكاب مخالفة. هذه مسألة قانونية مهنية لا تتغير حسب هوية الجهة التي يطرح ضدها الادعاء بارتكاب مخالفة. هذا ما يوجهني ايضا حين افحص المواد التي تصلني من مراقب الدولة بشأن ما نشر في التقرير”.