مركز حقوقي : تنفيذ أحكام الإعدام دون مصادقة الرئيس قتل خارج إطار القانون
أكد أن قرارات "كتلة التغيير والإصلاح" بهذا الخصوص لا قيمة قانونية لها
أكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أن تنفيذ أي حكم بالإعدام دون مصادقة الرئيس يمثل قتلاً خارج إطار القانون، وأن قرارات "كتلة التغيير والإصلاح" بهذا الخصوص ليس لها أية قيمة قانونية.
وأشار المركز في بيان اليوم الخميس، إلى أن كتلة التغير والإصلاح التابعة لحركة حماس في قطاع غزة، اتخذت أمس، قراراً بـ"اعتبار أحكام الإعدام الباتة والصادرة وفقًا لمعايير المحاكمة العادلة والتي استنفذت طرق الطعن كافة مصادقا عليها واجبة النفاذ"، في خطوة استباقية تمهد الطريق لتنفيذ جملة من أحكام الإعدام دون مصادقة الرئيس الفلسطيني والتي اشترطتها عدة قوانين فلسطينية، أبرزها القانون الأساسي الفلسطيني لسنة 2003، وقانون الإجراءات الجزائية لسنة 2001.
وأكد المركز أن تنفيذ أي حكم إعدام بهذه الطريقة سيعرض متخذي القرار والمنفذين للمسؤولية القانونية على المستويين المحلي والدولي، وخاصة في ظل انضمام فلسطين للاتفاقيات الدولية، سيما المحكمة الجنائية الدولية.
وشدد المركز على أن القانون الأساسي الفلسطيني لسنة 2003 وفي المادة (109) منه، جاء واضحاً بشكل لا يقبل التأويل، حيث نص على: "لا ينفذ حكم الإعدام الصادر من أية محكمة إلا بعد التصديق عليه من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية"، ولا يجوز للمجلس التشريعي نفسه مخالفة هذا النص، وليس مجرد كتلة حزبية فيه، ولا يجوز تجاوز صلاحيات الرئيس والاستئثار بالحكم من قبل كتلة التغيير والاصلاح في المجلس التشريعي.
كما شدد المركز على أن الادعاءات بأن تنفيذ أحكام الإعدام سيجلب الأمن لسكان قطاع غزة هي ادعاءات واهية، لا تؤيدها الأبحاث العلمية الخاصة بالجريمة ولا الواقع، وليس أدل على ذلك من بقاء نسب الجريمة الخطيرة على معدلها في قطاع غزة، حتى في الوقت الذي كانت تطبق فيه عقوبة الإعدام، وهي نسب تباري أو تزيد عن مثيلها في الضفة الغربية، والتي لم تطبق عقوبة الإعدام منذ العام 2001، وتمتلك ضعف عدد السكان.
ويضاف إلى ذلك تجارب كل دول العالم التي ألغت عقوبة الإعدام ولم يلاحظ فيها أي تغير في نسب الجريمة الخطيرة، وحتى تلك الدول التي تنفذ أحكاما بالإعدام بالألاف سنويا لم تتقلص فيها الجريمة الخطيرة. والثابت بالبحث العلمي أن نسب الجريمة ترجع بالأساس للظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ونجاعة نظم الأمن، وليس شدة أو لين العقوبة.
وقال المركز إن مكافحة الجريمة تكون عن طريق توفير ظروف معيشية ملائمة للمواطنين ومحاربة ثقافة العنف، وتعزيز نظم الأمن الوقائي، وليس أبداً التشدد في العقوبة. والتاريخ يبرز كيف كانت أحكام الإعدام تنفذ بقسوة شديدة في الماضي، ومع ذلك لم تساهم في تحسين حياة الناس أو أمنهم أو تخفض نسب الجريمة. وعلى العكس تماماً، الواقع والتاريخ يثبت أن الدول التي ازدهرت وعمها الأمن والاستقرار، تلك التي احترمت الإنسان وكرامته.
وأضاف المركز أنه إذ يشدد على شجبه الشديد لكل محاولات تجاوز القانون، سيما القانون الأساسي، فإنه يطالب كتلة التغيير والإصلاح بالتراجع فوراً عما أعلنته باسم المجلس التشريعي.
ونبه إلى أن تنفيذ أحكام إعدام بهذه الطريقة قد يساهم في تعزيز صورة مغلوطة عن قطاع غزة، يحاول الاحتلال الإسرائيلي تسويقها لتبرير جرائمه المستمرة ضد المدنيين الفلسطينيين في القطاع.
كما طالب الجهات التنفيذية في قطاع غزة بالامتناع عن تنفيذ مثل هذا القرار غير القانوني، وقال إن صدور قرار من كتلة التغيير والإصلاح لن يحميها من إمكانية المساءلة المستقبلية على جريمة قتل خارج إطار القانون.
وذكّر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، بأن موقفه لا يعني بأي حال التساهل مع المجرمين، بل يستند إلى اعتبارات سيادة القانون والعدالة، وأن ما نحتاجه هو الحزم في تطبيق القانون على المجرمين، وليس مخالفة القانون مثلهم.
كما ذكّر بأن الجرائم التي ترتكب بحق الإنسان وحرياته وسلامته لا تسقط بالتقادم بموجب القانون الأساسي، وأن تنفيذ أحكام الإعدام دون مصادقة الرئيس الفلسطيني، يجعل من المنفذ مجرماً، ومن المجرم ضحية، في مشهد لا تقبله العدالة الواعية ولا يرغب المركز في حدوثه.